دعا رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، اليوم الإثنين، إلى عقد حوار وطني، قال إنه سيكون معبّراً عن تطلعات الشعب العراقي، حاثّاً معارضيه والمختلفين معه على الجلوس إلى طاولة الحوار.
وقال الكاظمي، في كلمة مصورة بمناسبة انتهاء زيارة البابا فرنسيس للعراق: "في أجواء المحبة والتسامح التي عززتها زيارة البابا لأرض العراق، أرض الرافدين، نطرح اليوم الدعوة إلى حوار وطني".
وغادر البابا فرنسيس العراق، صباح اليوم الإثنين، بعد زيارته التي استمرت ثلاثة أيام شملت مناطق في 5 محافظات عراقية هي بغداد والنجف وذي قار ونينوى وأربيل. وأجرى الرئيس العراقي، برهم صالح، مراسم توديع رسمية للبابا في مطار بغداد الدولي، بحضور رفيع لوزراء ومسؤولين في الحكومة العراقية.
ورأى الكاظمي أنّ بلاده "أمام فرصة تاريخية لاستعادة دورها التاريخي في المنطقة والعالم رغم كلّ العقبات والتحديات"، مشدداً على أنّ حكومته متمسكة بإرادة الشعب في تحقيق الأمن، والسلام، والإعمار والازدهار.
رئيس مجلس الوزراء @MAKadhimi : ان العراق اليوم أمام فرصة حقيقية لاستعادة دوره التاريخي في المنطقة والعالم رغم كل العقبات والتحديات. pic.twitter.com/YxyJTu7JRm
— المكتب الاعلامي لرئيس الوزراء 🇮🇶 (@IraqiPMO) March 8, 2021
وتابع: "ندعو جميع المختلفين من قوى سياسية وفعاليات شعبية وشبابية احتجاجية، ومعارضي الحكومة، إلى طاولة الحوار المسؤول أمام شعبنا وأمام التاريخ، ندعو قوانا وأحزابنا السياسية إلى تغليب مصلحة الوطن والابتعاد عن لغة الخطاب المتشنج والتسقيط السياسي، وإلى التهيئة لإنجاح الانتخابات المبكرة (مقررة في أكتوبر/تشرين الأول المقبل)، ومنح شعبنا فرصة الأمل والثقة بالدولة وبالنظام الديمقراطي".
وأضاف: "علينا أن نصبر وأن نتوحد من أجل العراق ومن أجل الوطن ومن أجل المستقبل الذي يليق بأجيالنا، ولهذا فالحكومة تحتاج الوقت الكافي لحماية العراق وترتيب بيتنا العراقي الوطني"، مشيراً إلى أن "تأزيم الأوضاع لا يصب في مصلحة البلاد، ولا بد من منح الحكومة الوقت الكافي للبناء، وتأمين الانتخابات على أسس رصينة ونزيهة".
وخاطب معارضيه بالقول: "أدعوكم وبكل صدق إلى حوار مفتوح وصريح مع الحكومة على أساس مصلحة البلد وأمنه وسيادته، وعلى قاعدة حفظ أمن العراق ودعم الدولة وسيادة القانون"، مشيراً إلى أن الحوار الاستراتيجي الذي بدأته الحكومة بشأن ترتيبات التعاون مع التحالف الدولي قائم في الأساس على إيجاد البيئة والتوقيتات لإخراج كل القوات المقاتلة من أرض العراق، ضمن آليات فنية زمنية متفق عليها مع الحفاظ على أفضل العلاقات مع دول التحالف، وبما يضمن سيادة العراق وأمنه.
رئيس مجلس الوزراء: إن الحوار الاستراتيجي الذي بدأته الحكومة حول ترتيبات التعاون مع التحالف الدولي قائم في الأساس على إيجاد البيئة والتوقيتات لاخراج كل القوات المقاتلة من أرض العراق، ضمن آليات فنية زمنية متفق عليها مع الحفاظ على أفضل العلاقات مع دول التحالف، وبما يضمن سيادة العراق. pic.twitter.com/BU0cPRZRQi
— المكتب الاعلامي لرئيس الوزراء 🇮🇶 (@IraqiPMO) March 8, 2021
وتابع أنّ "الحكومة عكفت منذ تشكيلها على ترميم علاقات العراق الخارجية، والتأسيس لاستعادة العراق موقعه الطبيعي ووزنه الإقليمي دولياً، وحققت خطوات متقدمة في هذا المجال، وكانت زيارة البابا تعزيزاً لهذه الخطوات".
وأضاف: "نجحنا في أن يكون العراق معبراً للتفاهم والتواصل بين العديد من دول المنطقة، وهناك استعداد دولي لدعم العراق في مشروع الإصلاح الاقتصادي، بعد أن نجحنا في عبور الأزمة الاقتصادية"، مؤكداً استعداد بغداد الكامل "للعب دور فعّال في تكريس التهدئة وفتح أبواب الحوار لحل أزمات المنطقة، وأن يكون الجميع شركاء في التنمية لا محوراً للخلاف والصراعات".
وتأتي دعوة الكاظمي للحوار مع المعارضين بعد التوتر الذي شهدته البلاد أخيراً على خلفية هجمات نفذتها مليشيات مسلحة ضد مواقع تضم مصالح أجنبية، وتهديدات أطلقتها فصائل مسلحة للحكومة والقوات الأجنبية.
ورجح أستاذ العلوم السياسية، علي حسين الجبوري، أن تكون دعوة رئيس الوزراء للحوار مع المعارضين، موجهة للفصائل والأحزاب التي تمتلك أجنحة مسلحة رافضة للوجود الأميركي في العراق، مؤكداً، لـ"العربي الجديد"، أنّ "أياً من القوى السياسية لم تعلن معارضتها لحكومة الكاظمي، حتى تلك التي لم تشترك فيها".
وتابع: "لذا، فإنّ الدعوة موجهة هنا لأحزاب وفصائل مسلحة محددة، وكذلك للمتظاهرين الناقمين على الحكومة"، مستبعداً أن تلقى هذه الدعوة استجابة سريعة ما لم تكن هناك إجراءات حقيقية على الأرض ترضي المعارضين، مثل تحديد جدول زمني لخروج القوات الأجنبية.
من جهة أخرى، أكد سفير العراق لدى الفاتيكان، رحمن فرحان العامري، اليوم الإثنين، أنّ زيارة البابا ستزيد التعاون الدولي مع العراق على مختلف المستويات، مشيراً، في تصريح صحافي، إلى أنّ "زيارة البابا فرنسيس بحد ذاتها هي رسالة أخوّة وتضامن مع الشعب العراقي بكافة مكوناته الدينية والمذهبية والعرقية، لما أصابها بسبب الحروب العبثية الدامية ومآسيها والإرهاب بكافة أشكاله ومظاهره ومسمياته".
ولفت إلى أنّ "رسالة البابا التضامنية تحت عنوان كلنا إخوة، تجعلنا نعيد التفكير في الهدف الأساسي لهذه الزيارة والنتائج المنطقية لها، لتحفيز جميع العراقيين من أجل التشبث بأرض آبائهم وأجدادهم والتمسك بإيمانهم الراسخ بالأنبياء والرسل، فضلا عن توحيد الصفوف من أجل إعادة إنعاش العراق وعلى كافة المستويات الأمنية والاقتصادية والخدمية والاجتماعية وغيرها".
وفيما أكد العامري وجود أصداء إيجابية واسعة وخاصة على المستوى الإعلامي لهذه الزيارة، أوضح أنّ "ذلك سيؤثر إيجابياً، ويزيد من آفاق التعاون الدولي مع العراق على جميع المستويات".
ومساء أمس الأحد، أنهى البابا في أربيل آخر محطة في زيارته، والتي تمثلت في إقامة قداس كبير حضره الآلاف في ملعب فرانسوا حريري.
وألقى كلمة في قداس أربيل قال فيها إنّ "في العراق كثيرين ممن يحملون جراح العنف"، مضيفاً: "يجب أن يكون قلبنا نقياً وطاهراً من الأكاذيب والنفاق".
وختم بالقول: "سأغادر إلى روما لكن العراق باقٍ في قلبي دائماً"، مشدداً على ضرورة نشر السلام، والتعاون من أجل خدمة الصالح العام.