القوى الكردية العراقية تنقسم حول قرارات المحكمة الاتحادية

23 مارس 2024
مقرّ مجلس القضاء الأعلى في العراق (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- قرارات المحكمة الاتحادية العليا العراقية تسببت في انقسام بين القوى الكردية، حيث رفضها الحزب الديمقراطي الكردستاني ووجدت دعماً من الاتحاد الوطني الكردستاني.
- القرارات تشمل نقل سلطة التصرف المالي وتوزيع رواتب من حكومة إقليم كردستان إلى حكومة بغداد، وتنظيم انتخابات برلمان الإقليم من قبل مفوضية الانتخابات العراقية.
- الخلافات تهدد استقرار الإقليم ومستقبله السياسي، مما يستدعي حلولاً توافقية لتجاوز التوترات وضمان حقوق سكان الإقليم.

عززت قرارات المحكمة الاتحادية العليا العراقية الأخيرة المتعلقة بإقليم كردستان العراق من الانقسام بين القوى الكردية، فبينما يرفضها الحزب الديمقراطي الكردستاني، الذي يقود حكومة الإقليم، تدعم الأحزاب الكردية الأخرى وبشكل خاص الاتحاد الوطني الكردستاني تلك القرارات، وسط تحذيرات من تطور الخلاف بين تلك الأحزاب وتأثيرها على الإقليم.

وأصدرت المحكمة الاتحادية، وهي أعلى سلطة قضائية في العراق، خلال الأسابيع الماضية، حزمة من القرارات غير المسبوقة، سحبت بموجبها سلطة التصرف في الشؤون المالية من حكومة إقليم كردستان العراق، وحولت مسؤولية توزيع رواتب موظفي الإقليم، ومن ضمنهم قوات البشمركة والشرطة المحلية البالغة أكثر من مليون وربع المليون موظف، إلى حكومة بغداد بشكل مباشر، بعدما كانت ترسلها إلى حكومة الإقليم التي تتولى توزيعها. كما أصدرت المحكمة أمراً بأن تتولى مفوضية الانتخابات العراقية تنظيم انتخابات برلمان الإقليم، وإلغاء مفوضية الانتخابات التي تعمل بالإقليم منذ عام 2006.

إلا أن حزب الاتحاد الوطني الكردستاني (حزب الطالباني)، الذي تعد محافظة السليمانية مركز ثقله السياسي، أكد دعمه لقرارات المحكمة، وقال رئيس الحزب بافل الطالباني "في الوقت الذي نجدد دعمنا لقرارات المحكمة الاتحادية ودورها المشهود في صون الدستور وتحقيق العدالة وحماية المسار الدستوري للنظام الديمقراطي، نستنكر التشهير بالمحكمة الاتحادية العليا وكيل الاتهامات والإساءة لها"، مؤكداً في تصريح له لوكالة الأنباء العراقية الرسمية (واع)، أمس الجمعة، أن "المحكمة مستقلة ومهنية، وقد ساهمت في حماية النظام السياسي في العراق".

ويأتي موقف حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، الذي يوصف بأنه قريب من القوى الحاكمة في بغداد، مطابقاً لموقف تحالف "الإطار التنسيقي" الذي يضم قوى حليفة لطهران.

في المقابل، ردّت حكومة الإقليم التي يقودها الحزب الديمقراطي الكردستاني على تصريحات الاتحاد الوطني، مؤكّدة أن المستفيدين من قرارات المحكمة في الإقليم يدعمونها.

وأكد المتحدث باسم حكومة الإقليم، بيشوا هوراماني "عدم وجود محكمة دستورية في العراق حتى الآن"، وقال في بيان صدر مساء أمس الجمعة، "نحن جميعاً مع سيادة القانون ومحكمة حيادية ودستورية، لكن حتى الآن وبحسب الدستور لا توجد في العراق محكمة دستورية، والمحكمة الموجودة (المحكمة الاتحادية) مستمرة في إصدار قرارات غير دستورية وغير قانونية".

وأضاف أن "مواقف الداعمين لهذه المحكمة في كردستان، تأتي لأنها تعمل لمصلحتهم وتصدر قرارات غير دستورية، ولكن من الضروري أن يعلم شعب كردستان أن بائعي أنفسهم لا يهتمون لحجم الحقوق الدستورية لكردستان التي يفرطون فيها (في إشارة إلى الاتحاد الوطني الكردستاني)"، عازياً ذلك إلى أن "ما تسمى بالمحكمة تعمل لصالح هؤلاء ضد الحكومة (حكومة الإقليم) وتتخذ قرارات ضد حقوق كردستان الدستورية".

من جهته، قال مسؤول رفيع في حكومة الإقليم، إن "بعض قوى الإطار تدفع باتجاه تعزيز الخلافات بين القوى الكردية لتحقيق مصالح معينة، وأن موقف الطالباني دليل على ذلك"، مؤكداً لـ"العربي الجديد" أن "الطالباني يدرك خطورة قرارات المحكمة على الإقليم ومع ذلك يؤيدها".

وشدد على أن "تلك المواقف لا تصب في صالح شعب كردستان، وأنها قد تنسحب على ملفات أخرى تحتاج إلى توافق كردي كردي، ومنها قضية تشكيل حكومة كركوك وغيرها، وهو ما تريده بعض قوى الإطار"، مشيرا إلى أن "حكومة الإقليم لن تقبل بالتنازل عن حقوق الشعب الكردي، وعلى تلك القوى الكردية المقادة من أطراف أخرى (في إشارة الى حزب الطالباني) أن تعي خطورة انقيادها لأطراف لا تريد مصلحة الإقليم".  

من جهته، اعتبر الباحث في الشأن السياسي العراقي، شاهو القرداغي، أن التصريحات المتبادلة بين الحزبين الكرديين تكرس الخلاف الكردي، وقال في تدوينة له على منصة إكس "تعميق أكثر للخلافات الداخلية (داخل إقليم كردستان) بعد تصريحات بافل الطالباني الداعمة لقرارات المحكمة الاتحادية".

وتعزز أزمة الرواتب في الإقليم من موقف الاتحاد الوطني الكردستاني، إذ لم يتسلم موظفو الإقليم منذ شهور عدة رواتبهم، بسبب الخلافات بين بغداد وأربيل، على اعتبار أن قرار المحكمة الاتحادية ينهي هذه الأزمة ويسهل عملية توزيع الرواتب شهرياً، لكن القرار يسحب أيضاً سلطة التصرف في الشؤون المالية والرواتب من حكومة الإقليم ويحولها إلى بغداد بشكل مباشر، وهذا ما ترفضه حكومة الإقليم.

المساهمون