القوات المسلّحة الألمانية تتأهّب عبر حلف الأطلسي استعدداً للدفاع عن شرق أوروبا

25 فبراير 2022
الجيش الألماني فرض إجراءات الإنذار الوطنية(فرانس برس)
+ الخط -

مع بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، أمس الخميس، أطلقت وزارة الدفاع الألمانية إجراءات الإنذار الوطنية، مؤكدة أن الجيش حاضر ومستعد لمساندة مهمات حلف شمال الأطلسي (ناتو)، في شرق أوروبا.

وأعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فجر أمس الخميس، عن بدء "عملية عسكرية" في أوكرانيا، بينما تحدثت كييف عن "غزو واسع" يجري لأراضيها.

وجرّاء ذلك، قالت وزارة الدفاع الألمانية إن خلفية فرض "إجراءات التأهب" أو "الإنذار الوطنية" أتت مع قرار حلف الأطلسي إطلاق إجراء الاستجابة للأزمات، ومن بينها تنشيط الخطط الدفاعية لأوروبا الشرقية، والذي يسمح أيضاً بنشر قوة تدخل لحماية الدول الأعضاء.

وتوجّهت وزارة الدفاع الألمانية إلى مواطنيها لطمأنتهم، قائلة إنهم قد يرون مزيداً من التحركات العسكرية في الأماكن العامة خلال الأيام المقبلة. 

وبحسب الوزارة، فقد تُفرض قيود على قطاع النقل، على أن توضع قدرات النقل في البر والبحر والجو لخدمة العمليات العسكرية.

قوة التدخل السريع

وفي الإطار، أفادت شبكة "ان تي في" الألمانية الإخبارية، بأن البوندسفير (القوات المسلحة الألمانية)، يتخذ إجراءات تمهيدية وصولاً لنقل قوة التدخل السريع التابعة لحلف الأطلسي، المؤلفة من 13700 عسكري ألماني من أصل 50 ألفاً، التي تتشكل منها القوة، للمشاركة بمهام خاصة في شرق أوروبا.

وقوة التدخل السريع التابعة لحلف الأطلسي هي قوة ضاربة برية وبحرية وجوية، يمكنها وبمجرد تنشيطها الاستجابة سريعاً للأزمات وإجراء عمليات عسكرية مختلفة في وقت قصير جداً.

ألمانيا ستلبي أي طلب

كما أعلنت وزارة الدفاع أن البوندسفير أرسل ثلاث طائرات يوروفايتر إضافية إلى رومانيا للمراقبة الجوية في منطقة البحر الأسود.

وبينما وسّع نطاق الالتزام الألماني ضمن مهمة حلف شمال الأطلسي، تواصل ألمانيا إلى جانب القوات الجوية الإيطالية ضمان الأمن في المجال الجوي لحلف الأطلسي.

وبالإضافة إلى هذه المهام، سيصار إلى تمديد المساهمة الألمانية في بعثة حلف شمالي الأطلسي، وعلى الأرجح حتى نهاية مارس/آذار 2022. 

وإلى جانب فرض الإنذار الوطني، أكدت وزيرة الدفاع الألمانية كريستين لامبرخت أن بلادها "ستلبي أي طلب" من حلفاء "ناتو" الشرقيين على خلفية التطورات في أوكرانيا. 

الخيارات محدودة مع روسيا

في المقابل، رأى الجنرال في الجيش الألماني الفونس مايس خطوات بلاده بشكل مختلف، معتبراً أن الخيارات محدودة مع روسيا.

وأوضح، في تصريح له لشبكة "إيه آر دي" الألمانية الإخبارية، أن البوندسفير أهمل لسنوات، وهذا تأكيد على ما جاء في تقرير الوزارة خلال ديسمبر/كانون الأول 2021، وفيه أن هناك نقصا في الآليات والدبابات وعيوبا في البنادق الهجومية من نوع جي 36.

وذكر نقلاً عن التقرير، أن 71% من الطائرات المقاتلة جاهزة فقط، بينما هناك 40% من الطائرات المروحية قيد التشغيل.

وأمام هذا الواقع، أعربت السياسية عن الحزب الاشتراكي الديمقراطي والمفوضة البرلمانية للقوات المسلحة الألمانية إيفا هوغل، في تصريح للشبكة الإخبارية، عن اعتقادها بأن الجيش الألماني غير مجهز جيداً.

ومع دعوات بوتين لحلف الأطلسي لإبعاد نفسه عن روسيا والتقديرات بتجاوزه حدود أوكرانيا، قال الخبير في شؤون شرق أوروبا غوستاف غريسيل، في مقابلة صحافية، إن بوتين لا يخاف حلف الأطلسي ويعلم أن الأوروبيين ضعفاء عسكرياً، وأن الأميركيين يعتبرون أن الصين العدو الرئيسي.

وأضاف "لذلك فإنه ينبغي ترتيب أمورنا عسكرياً"، لافتاً في الوقت عينه، إلى أن القوات التي يحاول الحلف نشرها على الحدود الشرقية لأوروبا لا تتناسب مع حجم القوات الروسية التي جهزت لغزو أوكرانيا، إذ إنها توازي أربعة أضعاف حجم قوة الردع التابعة للناتو بأكملها.

وأوضح غريسيل أنه "أضعنا 30 عاماً في مناقشة نزع السلاح الروسي، لذا علينا أخذ الأمر الآن على محمل الجد، وعلينا أن نلحق بأنفسنا بسرعة هائلة من أجل أمننا وسلامتنا، بعدما تبين أن بوتين يفهم لغة القوة العسكرية فقط، ويستخدم كافة الوسائل لتحقيق أهدافه"، في إشارة إلى أهمية تعزيز القدرات الدفاعية الأوروبية واعتماد سياسة خارجية وأمنية مشتركة لإحباط ما يريده بوتين استراتيجياً وهو استعادة جزء من الاتحاد السوفييتي السابق على الأقل.

من جهة ثانية، اعتبر غريسيل أن "بوتين الذي قرر المغامرة بالحرب في أوروبا، أيقن أنه سيفقد أوكرانيا التي توجهت للارتماء في أحضان الغرب، وقرر إعادتها عسكرياً وإقامة دولة تابعة له وتدمير الهوية الثقافية لأوكرانيا واستغلال نقاط ضعف أوروبا".

ورأى أن "المعركة ستنتهي بمرارة رغم تصميم الجيش الأوكراني على المقاومة، وهناك أدلة على قتال عنيف وبالأخص حول خاركيف، ولكن ولو كانت الهزيمة مؤكدة في النهاية، فإن الجيش سيمنح الناس على الأقل فرصة للهروب من المصير الذي ينتظرهم تحت الحكم الروسي".

وخلص الخبير إلى أن بوتين برهن أن لديه إرادة لتاكيد الذات في الميدان، وحضّر لنظام احتلال من خلال نقل وحدات الحرس الوطني وإعداد قوائم الموت.

وقال "أعتقد أنه علينا أن نفترض أن حجم هذه الحرب سيذكرنا بما فعلته روسيا في سورية، وكيف استخدم الإرهاب الشامل وجرائم الحرب الهجينة لترهيب الناس حتى لا يعارضوا القوة الروسية".

المساهمون