القمة الخليجية الـ42: اختبار المصالحة وأزمات المنطقة

14 ديسمبر 2021
ولي العهد السعودي يستقبل أمير قطر في العلا خلال القمة الماضية (الأناضول)
+ الخط -

في ظل المنعطفات المهمة التي تشهدها المنطقة العربية، والظروف الضبابية المتعلقة بمفاوضات فيينا النووية وانعكاساتها، وبعد تصاعد الخطى للمّ الشمل الخليجي، تنعقد القمة الخليجية الـ42 في الرياض اليوم الثلاثاء.

ومن المتوقع أن تهيمن تطورات الملف النووي الإيراني ومحادثات فيينا، وأزمات المنطقة، من اليمن إلى العراق وسورية وليبيا ولبنان، والقضية الفلسطينية، على أجندة قمة دول مجلس التعاون الخليجي التي تستضيفها السعودية.

وهذه القمة هي الأولى بعد المصالحة الخليجية، التي انعقدت في مدينة العلا السعودية، في يناير/كانون الثاني الماضي، وأنهت الأزمة الخليجية وحصار قطر الذي استمر أكثر من ثلاثة أعوام.

أجندة القمة الخليجية في الرياض

من المنتظر وفق ما أقره البيان الختامي لـ"قمة العلا"، أن تبحث القمة الخليجية الـ42 التي تعقد اليوم السعي لتحقيق التكامل الاقتصادي بين دول مجلس التعاون الخليجي، واستكمال مقومات الوحدة الاقتصادية وتذليل الصعوبات التي تواجه تطبيق الاتحاد الجمركي والسوق الخليجية المشتركة.

كما تبحث تحقيق المواطَنة الاقتصادية الكاملة، وبناء شبكة سكة الحديد الخليجية ومنظومة لتحقيق الأمن الغذائي والمائي، وتشجيع المشاريع المشتركة، وتوطين الاستثمار الخليجي للوصول إلى الوحدة الاقتصادية بين دول مجلس التعاون بحلول عام 2025.

تبحث القمة استكمال مقومات الوحدة الاقتصادية وتذليل الصعوبات التي تواجه تطبيق الاتحاد الجمركي والسوق الخليجية المشتركة

وبينما لم تتضح قائمة كامل الحضور في القمة، فقد أعلن الديوان الأميري القطري أن أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني سيترأس وفد بلاده في القمة. كما أفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية (كونا) بأن ولي العهد الكويتي الشيخ مشعل الأحمد الجابر، سيترأس وفد بلاده في القمة. فيما أعلنت وكالة الأنباء العمانية الرسمية، أن نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء فهد بن محمود آل سعيد، سيترأس وفد بلاده في القمة نيابة عن سلطان عُمان هيثم بن طارق.

وتأتي قمة اليوم بعد جولة خليجية لولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الأسبوع الماضي، بدأها بزيارة سلطنة عُمان، وشملت الإمارات وقطر والبحرين والكويت، وهي الجولة التي سبقها بساعات توجيه العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز الدعوات لقادة دول مجلس التعاون الخليجي الست لحضور القمة الخليجية المقبلة.

وتؤشر جولة بن سلمان، وفق مراقبين خليجيين، إلى الاتفاق على تفاهمات ما قبل القمة الخليجية الـ42، تعزز من التنسيق والتعاون بين الدول الست في مختلف المجالات.

وأكدت قطر والسعودية في ختام زيارة بن سلمان إلى الدوحة "تنسيق مواقفهما بما يخدم مصالحهما ويعزز الأمن والاستقرار في المنطقة"، وعزمهما وفق البيان المشترك الذي صدر في ختام الزيارة، "على تعزيز التعاون تجاه كافة القضايا السياسية، والسعي لبلورة مواقف مشتركة تحفظ للبلدين أمنهما واستقرارهما".

وحضر الملف النووي الإيراني، في البيان الختامي، كما في البيانات المشتركة الأخرى التي صدرت بعد جولة بن سلمان، وجرى التأكيد "على أهمية التعاون والتعامل بشكل جدي وفعال مع الملف النووي والصاروخي لإيران بكافة مكوناته وتداعياته، بما يسهم في تحقيق الأمن والاستقرار الاقليمي والدولي"، إلى جانب ما ذكرته البيانات الختامية، من السعي لتعزيز التعاون والتكامل بين دول الخليج الست في كافة المجالات، خصوصاً الاقتصادية والاستثمارية.

تطلع لتعزيز مسيرة التعاون الخليجي

وقبيل انعقاد قمة اليوم، عقد وزراء خارجية مجلس التعاون، الدورة 150 التحضيرية للقمة، برئاسة وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان وبمشاركة الأمين العام لمجلس التعاون نايف الحجرف.

وبحث الاجتماع المواضيع المدرجة على جدول الأعمال، بما في ذلك تقرير الأمانة العامة حول تنفيذ رؤية ملك السعودية سلمان بن عبد العزيز التي أقرها المجلس الأعلى عام 2015، وما تم تنفيذه بشأنها من قرارات وما تم إنجازه في إطار تحقيق التكامل والتعاون في مسيرة العمل الخليجي المشترك.

وأشاد الحجرف بالجولة الخليجية لمحمد بن سلمان، "التي تأتي انطلاقاً من العلاقات التاريخية الممتدة التي تربط المملكة بدول المجلس وتعزيزاً لأواصر المودة والمحبة"، وفق قوله.

وأوضح الحجرف أن "وزراء الخارجية عبّروا عن سعادتهم بانعقاد القمة الخليجية الثانية والأربعين، واثقين بأنها ستكون استمراراً لقمم الخير والازدهار خلال العقود الماضية، ومتطلعين لتعزيز مسيرة التعاون في المجالات كافة، وتحقيق تطلعات مواطني دول المجلس".

كما شهدت الرياض اجتماعاً وزارياً مشتركاً لوزراء خارجية دول مجلس التعاون مع وزير الخارجية المصري سامح شكري.

وفي مؤتمر صحافي بعد الاجتماع، أكد بن فرحان "حرص المملكة على أمن وسلامة الخليج والمنطقة، وأهمية العمل المشترك بين دول الخليج ومصر، لتحقيق طموحات شعوبنا في التنمية والازدهار، وأهمية دور مصر على المستوى الإقليمي والدولي في دعم الأمن والاستقرار في المنطقة والسعي لتعزيز روابط الأخوة".

ولفت بن فرحان إلى أن الاجتماع ناقش الأوضاع الإقليمية في المنطقة والعلاقات الخليجية - المصرية التاريخية وسبل تطويرها في المجالات كافة، وأبرز الملفات المتعلقة بأمن المنطقة والتحديات وكيفية إيجاد حلول سياسية تحفظ الأمن والسلم الإقليمي والدولي.

وأفاد بأن الاجتماع استعرض مضامين زيارة بن سلمان لدول الخليج وأهمية تعزيز التعاون بين دول الخليج لدعم مسيرة العمل الخليجي بحكم المصالح الخليجية المشتركة.

من جهته، أكد شكري أن "مواجهة التحديات والتغلب عليها والحفاظ على الأمن العربي لن يتأتى إلا من خلال التضامن والتعاون وتوثيق أواصر الصلات فيما بيننا، سواء سياسياً واقتصادياً، وأيضاً العلاقة الأخوية التي تربط شعوب المجلس والشعب المصري".

لمّ الشمل تحسباً لنتائج مفاوضات فيينا

وتعليقاً على انعقاد القمة في السعودية، قال الأكاديمي والباحث العماني عبدالله باعبود، في حديث مع "العربي الجديد"، إنه من الواضح أن هناك رغبة خليجية للتوافق والعمل على حل الخلافات، من خلال الحوار، والرغبة في التعاون لمواجهة التحديات القائمة والمقبلة، وهذا يظهر من خلال الزيارات المتبادلة بين قادة دول مجلس التعاون الخليجي.

باعبود: هناك رغبة خليجية للتوافق والعمل على حل الخلافات، من خلال الحوار

ولفت باعبود إلى أنه يمكن تلمّس نوع من الانفراج خليجياً ومحاولة للمّ الشمل لإنجاح القمة المقبلة وتحسباً لنتائج محادثات فيينا، لكنه استطرد قائلاً "يمكن القول إنّ دول الخليج تشهد تحسناً في علاقاتها بعضها ببعض، لكن أزمة بحجم وعمق الأزمة الخليجية، تركت ندوباً في الجسم الخليجي، وعامل الثقة يحتاج إلى وقت طويل ليعود".

من جهته، قال الكاتب والإعلامي القطري جاسم فخرو، في رده على سؤال لـ"العربي الجديد" عن المنتظر من القمة، إن هذه "أصعب قمة"، فقد جاءت "بعد سنوات عجاف وقاسية، ولا يمكن للأزمة الخليجية أن تنسى وإن حدثت المصالحة التي نباركها جميعاً".

وقال إن المنطقة تمر بمنعطف تاريخي خطير وحساس، ولا مجال للمجاملات، وإن كانت ففي القدر المعقول، مستطرداً "نعم يجب توحيد الجهود صيانة للمنطقة وحفظاً لأمنها واستقرارها، لكن سيادة كل دولة وقراراتها، يجب أن تكون مصونة. ولا بد من التركيز من قبل دول الخليج على وحدة المنطقة الخليجية واحترام سيادة دولها وعدم التدخل في صراعات هي في غنى عنها ولا تخدم مصالحها الدول".

وبرأيه فإن "الصلح غير المكتمل خليجياً وتغيير سياسات بعض الدول جذرياً، أمور يجب وضعها في الحسبان عند الحديث عن التقارب الخليجي -الخليجي، فالصورة غير واضحة لكن الوحدة الخليجية مطلوبة وهي قوة للمنطقة وشعوبها".

أما الكاتب والإعلامي القطري عيسى آل إسحق، فلفت في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى أن القمة الخليجية تعقد في ظروف تشوبها الكثير من الضبابية، خصوصاً في ما يتعلق بالملف النووي الإيراني وعلاقات إيران مع دول الخليج العربية، وتدخلاتها في المنطقة.

وبرأيه فإن "العلاقات بين دول مجلس التعاون الخليجي لا تزال تعاني من تأثيرات الحصار على قطر، والشعب القطري لا يزال ينتظر اعتذاراً ليطوي هذه الصفحة المؤلمة".

وتابع: "في الوقت الذي تؤكد فيه كل المؤشرات على تحسن كبير وتطور في العلاقات القطرية السعودية، لا تزال الكثير من الشوائب والتوجس يكتنف العلاقات مع كل من الإمارات والبحرين، إذ لا تزال البحرين في إطار مناكفتها لقطر تثير قضايا تم حلها سابقا من خلال قرار محكمة العدل الدولية وانتهت بترسيم الحدود البحرية والبرية بين البلدين".

ورأى آل إسحق أن التحدي الأبرز أمام مجلس التعاون الخليجي، والقمة الخليجية اليوم، هو في القدرة على تفعيل وتذليل العقبات التي تواجه السوق الخليجية المشتركة والعملة الموحدة وغيرها من المشاريع التي ستنعكس إيجاباً على حياة المواطنين في دول الخليج العربية.

المساهمون