قال رئيس الملتقى الوطني الديمقراطي الفلسطيني ناصر القدوة، اليوم الاثنين، إن اتفاق أوسلو كان عبارة عن فكرة لإجراء ترتيبات حكم انتقالي تتخللها مفاوضات للحل النهائي، مشيرًا إلى أن "ما لدينا الآن لا علاقة له (بأوسلو) وإنما يمكن أن نسميه (روابط مدن)".
جاءت تصريحات القدوة خلال ورشة نظّمها المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية (مسارات) ضمن برنامج "بدائل وخيارات"، الذي سيستضيف مجموعة من الشخصيات التي تحمل وجهات نظر ورؤى للخروج من المأزق الحالي.
وشارك في الورشة، التي عقدت عبر تقنية الفيديو، أكثر من 100 من السياسيين والأكاديميين والباحثين والنشطاء والشباب، من مختلف التجمعات الفلسطينية.
وقال القدوة إن المبادرة التي طرحها الملتقى الوطني تطرح تصورًا للخروج من المأزق الذي يعاني منه الفلسطينيون من خلال إنهاء الانقسام أولًا، فيما أكد أن علاج هذه المشكلة يتم عبر تقديم تصور يوضح كيفية إنهاء الخلاف في ما يتعلق بالملفات الأساسية المتعلقة بالانقسام، ومن ثم إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية بدءًا بمجلس وطني جديد، وعقد الانتخابات العامة، التشريعية والرئاسية، وتشكيل حكومة جديدة بعيدًا عن شروط الرباعية، وتشكيل لجنة وطنية قانونية لمراجعة بعض القوانين وتعديلها، لا سيما القوانين الملحة، مثل قانون الانتخابات، موضحًا أن إنجاز هذه المهمات بحاجة إلى آلية يشكلها جسم قيادي مؤقت معروف ومحدد، ويكون له تاريخ بداية وتاريخ نهاية.
وشدد القدوة على أن "نقطة بداية تطبيق المبادرة التي طرحها الملتقى أو غيرها يمكن أن تكون بموافقة أو التزام أحد الجانبين الأساسيين عليها، إما السلطة أو حركة حماس، أو طرف ثالث، ربما يكون مجموعة مثل الجبهتين الشعبية والديمقراطية لتحرير فلسطين وحركة الجهاد الإسلامي (...) إننا حاولنا، لكن للأسف الشديد لم ننجح".
وبيّن القدوة أنه "إذا كنا نريد أن نتعامل مع الوضع الفلسطيني بشكل حقيقي، سواء استنادًا إلى المبادرة أو إلى طريقة أخرى، فالمطلوب أن تكون الأطراف الأساسية جزءًا من هذا التفاهم"، موضحًا أن ذلك ممكن من خلال تشكيل حالة جماهيرية شعبية ضاغطة، ومن خلال الشخصيات الفلسطينية ومؤسسات المجتمع المدني والحراكات، على الرغم من أنها تجربة مؤلمة ولا تبشر بالخير، بحسب قوله.
وتطرق القدوة إلى موقف الأطراف من المبادرة، موضحًا أن "السلطة والقيادة الحالية لحركة فتح تستبعدان التعامل مع هذه المقاربة، لأنهما غير معنيين بالتغيير وهم سبب رئيس لما نحن فيه الآن". في المقابل، يشير القدوة إلى أن "حماس" باتت أكثر جدية في التعامل مع هذه الأفكار بعد تأجيل الانتخابات، إلا أنها وبحسب القدوة باتت ترى أنه "آن الأوان لاستلام كل شيء"، فيما تعتبر الأطراف الأخرى غير فاعلة.
وأشاد القدوة بالعمل البطولي الذي قام به الأسرى الستة، موضحًا أن هذا الحدث سيكون له ما بعده.
وأوضح القدوة أن المبادرة تقوم على تحديد أهم المشكلات التي تواجه الشعب الفلسطيني، موضحًا أن "الانقسام هو أساس البلاء، ومن ثم اهتراء وتفكك منظمة التحرير، وغياب الديمقراطية وسوء الحوكمة، وغياب سيادة القانون"، مشيرًا إلى أن هناك أزمة عميقة جدًا في الحالة الفلسطينية تتطلب إجراء تغيير واسع وعميق وليس إصلاح و"طبطبة"، لكنه أكد في الوقت ذاته أن هذا التغيير لا يجب أن يكون بشكل انقلابي ومن دون فرضيات غير منطقية مثل أن السلطة انتهت، أو أن حركة حماس لم يعد لها وزن "هذه الأطراف ما زالت فاعلة، ويجب أن تكون جزءًا من أي تصور للمضي قدمًا إلى الأمام".
وقال القدوة "من المهم أن يكون هناك تلاق وطني عام حول مجموعة من الأفكار التي نسهم في إيجادها ونعمل على تطبيقها"، مشيرًا إلى أن الاتفاقات السابقة بين حركتي فتح وحماس لم تكن جدية، إذ التقى الطرفان، على سبيل المثال، عدة مرات حول ملف الموظفين من دون التوصل إلى نتيجة، مؤكدًا استحالة التوصل إلى حل لهذا الملف بمعزل عن الملفات الأخرى.
وأضاف القدوة أن المبادرة تضمنت نقاطًا تهم الشعب الفلسطيني، موضحًا أهمية وضع العناصر كلها بشكل مشترك، وذلك على قاعدة فهم المشاكل القائمة ووضع الآليات المناسبة والدفع نحو الأمام لتجاوزها، مشددًا على أهمية الضغط الشعبي على "حماس" والسلطة للتقدم إلى الأمام.
من جانب آخر، قال القدوة إن المبادرة ركزت على الحالة الداخلية الفلسطينية، مشيرًا إلى أن الملتقى قدم برنامجًا جديًا يجيب عن كافة المشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تواجه الشعب الفلسطيني.
وأضاف القدوة: "أنا لا أرى برنامجًا للتسوية، ولا برنامجًا للمقاومة، فهل هناك تسوية؟، نحن نتحدث أنه لم تعد هناك اتفاقات أوسلو، ولم يعد هناك حكم ذاتي، فالموجود (روابط مدن)، أما برنامج المقاومة فهو دفاع عن الذات، ومحاولة تغيير علاقة القوة بين (حماس) وإسرائيل في ما يتعلق بقطاع غزة".
وأكد أن الانتخابات هي جزء أساسي في رؤية الملتقى، مشيرًا إلى أن الشعب الفلسطيني لن يستطيع مغادرة هذا المربع من دون انتخابات حقيقية، مع التأكيد على ضرورة إنهاء الانقسام لإجراء الانتخابات، فيما دعا إلى إجراء تغيير بنيوي عميق لإحداث التغيير باعتبار أن الانتخابات وحدها ليست الحل.
وفي رده على تصريحات تتهم المبادرة بأنها مؤامرة إقليمية من أجل تغيير القيادة الحالية، قال القدوة "الملتقى يعاني من أزمة مالية، فكيف يكون الحديث عن مؤامرة إقليمية؟"، موضحًا أن الإقليم غير مهتم بالحالة الفلسطينية، وأن القرار السياسي الإسرائيلي الأميركي هو استمرار الحالة القائمة، ودعم السلطة ماليًا وسياسيًا، والتوصل إلى تفاهمات مع حماس لإعادة الأمور إلى ما كانت عليه.
وحول سؤاله عن استحالة تحقيق الوحدة بسبب الفصل الجغرافي، أجاب القدوة قائلًا، إن منظمة التحرير وحّدت وقادت الشعب الفلسطيني من دون وحدة جغرافية.