الفلسطينيون يشيعون جثماني الشهيدين هلسة وعمرو بعد عامين من الاحتجاز

القدس

جهاد بركات

جهاد بركات
الخليل

محمود السعدي

محمود السعدي
04 يناير 2023
33
+ الخط -

شيع الفلسطينيون، عصر اليوم الأربعاء، جثماني الشهيدين أشرف عطا الله هلسة ومحمد عمرو في بلدتيهما، وذلك بعد أكثر من عامين على احتجاز جثمانيهما.

ورغم احتجاز جثمان هلسة عامين وأربعة أشهر، إلا أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي اشترطت دخول مركبة واحدة فقط لنقل الجثمان إلى منزل عائلته في بلدة السواحرة الشرقية وسط الضفة الغربية، كون العائلة تسكن قرب حاجز عسكري إسرائيلي. وبالفعل، بعد تسلم الجثمان ظهر اليوم الأربعاء، توجه عدد قليل من ذوي الشهيد بالجثمان إلى المنزل لتودعه والدته ونساء عائلته، ولم يتوقف بكاء والدته منذ أدخل الجثمان منزله حتى خروجه منه محمولاً.

واشترطت سلطات الاحتلال ذهاب فرد واحد من العائلة إلى حاجز الزعيم العسكري، المقام شمال شرق القدس، للتعرف على الجثمان، مع دخول مركبة واحدة إلى باحة المنزل.

قال محمد هلسة، ابن عم الشهيد، لـ"العربي الجديد": "إن الاشتراطات كانت منذ اللحظة الأولى بفرض ذهاب واحد من العائلة إلى حاجز الزعيم العسكري للتعرف على الجثمان، تلاها شرط دخول مركبة واحدة إلى باحة المنزل".

وأضاف محمد: "إجراءات الاحتلال تركزت على ما يخص منزل العائلة الذي يبعد أمتاراً عن الحاجز؛ باعتبار المنطقة عسكرية، يقيد الاحتلال فيها حركة السكان، وقد كان الجنود بحالة استنفار خلال وصول الجثمان، وأغلقوا الحاجز العسكري ومنعوا الحركة".

وأكد هلسة أن هذه الاشتراطات والإجراءات تلاحق سكان البلدة المحاطة بالجدار والحواجز العسكرية، وهي على الأقل ثلاثة حواجز، إضافة إلى ملاحقات وتقييدات بحق السكان، وحتى النشاط الاحتجاجي على احتجاز الجثمان كان صعباً على العائلة بسبب هذه المنطقة العسكرية.

وقبيل وصول جثمان أشرف بقليل، قالت والدته: "إن مدة العامين والنصف تقريباً التي مرت عليها لم تكن فترة سهلة، بل إنها لم تختبر أصعب من هذه المدة، فقد كانت صعبة جداً، لم يغب ابنها للحظة عن بالها، وحين أبلغت، أمس، بقرار تسليم الجثمان كان مثل صاعقة، فهو غير متوقع، ولم تنم الليلة الماضية".

وكانت كما تقول تفكر دائماً في سبب احتجاز جثمان شهيد: "لم يفعل لهم شيئاً، لماذا يحتجزونه"، مؤكدة أنه كان قد بنى بيتاً وجهزه قبيل استشهاده.

وتضيف: "كان حنوناً، ويوصي أشقاءه بي، لم يكن يبدو عليه أنه ذاهب للاستشهاد، خرج يومها صباحاً مع ابن أخيه إلى القدس قائلاً: إنه ذاهب للعمل، وحاولت الاتصال به مساء لكنه لم يجب، ولاحقاً علمنا باستشهاده في القدس".

وبعد تسلمه، انتقل الأهالي بالجثمان إلى مقبرة السواحرة الشرقية الإسلامية بالمركبات، مؤدين عليه صلاة الجنازة قرب المقبرة، قبل مواراته الثرى وسط هتافات تمجده وتمجد الشهداء.

حزن يرافق تشييع الشهيدين (العربي الجديد)

لكن تسليم جثمان أشرف لم ينه غصة العائلة بالكامل، فلا يزال الاحتلال يحتجز جثمان ابن عمه إبراهيم هلسة، الذي استشهد برصاص الاحتلال على الحاجز القريب من مسكن العائلة، بذريعة تنفيذه عملية دهس، وكان استشهد قبل أشرف بأربعة أشهر.

وأكد محمد هلسة: "إن الجرح لا يزال مفتوحاً، فالاحتلال يتعمد مضاعفة المعاناة باحتجاز الجثامين أطول فترة، وبالثقافة الفلسطينية إكرام الميت دفنه، وجزء من إراحة العائلة يأتي بدفنه، فابن العائلة الآخر لا يزال محتجزاً، ولا تزال والدته تنتظره".

وعن أسباب الاحتجاز وسبب قرار التسليم المفاجئ، قال هلسة: "إن الاحتلال لا يبلغنا بشيء، احتجز الجثمان بذريعة تنفيذ عملية، وليست لدينا سوى رواية الاحتلال، وعلى مدار عامين ونصف، سعت العائلة في أكثر من اتجاه، شعبي ورسمي، من خلال الحملة الوطنية لاسترداد الجثامين، وقانوني من خلال محامٍ، وكل الردود كانت تأتي بأن لا تسليم، وفوجئنا أمس باتصال من هيئة الشؤون المدنية الفلسطينية عن القرار".

بدوره، أكد رئيس بلدية السواحرة الشرقية عيسى جبر، لـ"العربي الجديد"، أن عائلة الشهيدين هلسة والبلدة تعانيان من واقع صعب يفرضه الاحتلال، حيث لا تبعد سوى خمسة كيلومترات عن مدينة القدس والمسجد الأقصى، لكن بسبب جدار الفصل العنصري لا اتصال مع المدينة أو أقاربهم في الجانب الآخر من جبل المكبر والسواحرة الغربية.

إضافة إلى ذلك، تبلغ مساحة أراضي البلدة تاريخيا 100 ألف دونم تصل إلى البحر الميت، ولكن ما هو مسموح البناء فيه وفق المخطط الهيكلي لا يتعدى 4 كيلومترات، وما تعيشه عائلة هلسة جزء من هذا الواقع الصعب.

كما شيع الفلسطينيون جثمان الشهيد محمد عمرو (36 عاما) إلى مثواه الأخير في مسقط رأسه ببلدة حلحول شمال الخليل (جنوبي الضفة الغربية)، بعد ساعات من تسليمه لذويه على حاجز ترقوميا العسكري المقام غرب الخليل، بعد احتجاز استمر نحو عامين، بحسب ما أكدته مصادر محلية لـ"العربي الجديد".

وانطلق موكب التشييع بجنازة عسكرية من المستشفى الأهلي بمدينة الخليل، ثم أكمل الموكب طريقه بواسطة مسيرة مركبات ونقل جثمان الشهيد بمركبة إسعاف إلى منزل عائلته في بلدة حلحول، والتي ألقت نظرة الوداع عليه. ونقل جثمانه ملفوفاً بعلم فلسطين إلى مسجد "النبي يونس"، حيث أدى المشيعون صلاة الجنازة عليه، بعدها جابت مسيرة شوارع البلدة، وصولاً إلى مقبرة شهداء البلدة، حيث ووري جثمانه الثرى.

وتخلل مسيرة التشييع رفع علم فلسطين وأعلام الفصائل الوطنية، على وقع الهتافات الوطنية المنددة بجرائم الاحتلال وأخرى تمجد الشهيد.

واستشهد الشاب محمد عمرو برصاص الاحتلال بالقرب من تجمع "عتصيون" الاستيطاني شمال الخليل، في الأول من شهر فبراير/ شباط عام 2021، أثناء ذهابه للبحث عن عمل.

وبحسب الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء والكشف عن مصير المفقودين؛ يواصل الاحتلال، بعد تسليم جثماني الشهيدين أشرف هلسة ومحمد عمرو؛ احتجاز 114 جثمانا منذ عودة سياسة احتجاز الجثامين عام 2015، بعد ما عرفت بانتفاضة أو هبة القدس، إضافة إلى 256 جثمانا في مقابر الأرقام في السنوات التي سبقت ذلك، وفق توثيق الحملة.

على صعيد منفصل، أخطرت قوات الاحتلال، اليوم، بهدم منزل في مسافر يطا جنوب الخليل، ووقف العمل في خيمة سكنية، كما أصيب فتى بجروح في قدمه برصاص قوات الاحتلال في مواجهات مع الاحتلال بمخيم العروب شمال الخليل، ونقل إلى المستشفى لتلقي العلاج. كما أغلقت قوات الاحتلال بالسواتر الترابية طريقًا ترابية يسلكها المزارعون للوصول إلى أراضيهم جنوب طولكرم شمالي الضفة.

واعتقلت قوات الاحتلال، اليوم، الشابين عبد الهادي علاونة وعبد الله زكارنة من بلدة قباطية جنوب جنين، شمالي الضفة، بعد استدعائهما للتحقيق. كما اختطفت قوة خاصة من جيش الاحتلال الأسير المحرر عبد العزيز أبو عبيد من منزل عائلته في مدينة جنين، علمًا أن الاحتلال اعتقل والده وشقيقه قبل يومين، وأفرج عنهما، بعدما فشل باعتقاله، وفق ما أكده لـ"العربي الجديد" مدير نادي الأسير الفلسطيني في جنين منتصر سمور.

ذات صلة

الصورة
دخان ودمار في تل الهوى في مدينة غزة جراء العدوان الإسرائيلي، 10 يوليو 2024 (الأناضول)

سياسة

تراجعت قوات الاحتلال الإسرائيلي من منطقتي الصناعة والجامعات، غربي مدينة غزة، اليوم الجمعة، بعد خمسة أيام من عمليتها العسكرية المكثفة في المنطقة.
الصورة
وزير خارجية المغرب بعد قمة النقب في إسرائيل، 28 مارس، 2022 (Getty)

سياسة

أفادت وسائل إعلام عبرية، بأن دولة الاحتلال الإسرائيلي تواصل بالتوازي مع حرب الإبادة التي تشنها على قطاع غزة، تعزيز علاقتها الأمنية مع المغرب.
الصورة
المشهد حول سجن "عوفر" قبيل ساعات من الإفراج عن أسرى بموجب صفق التبادل (العربي الجديد)

سياسة

دان نادي الأسير الفلسطيني، جريمة الإعدام الميداني التي نفّذها جيش الاحتلال بحق أربعة أسرى من غزة، مشيراً إلى أنها تشكّل جريمة حرب جديدة
الصورة
الحصص المائية للفلسطينيين منتهكة منذ النكبة (دافيد سيلفرمان/ Getty)

مجتمع

في موازاة الحرب الإسرائيلية على غزّة يفرض الاحتلال عقوبات جماعية على الضفة الغربية تشمل تقليص كميات المياه للمدن والبلدات والقرى الفلسطينية.
المساهمون