أعلن المحامي مختار الجماعي، عضو لجنة الدفاع عن رئيس حركة النهضة، راشد الغنوشي، أن مُنوّبه قد "قرّر مقاطعة التحقيقات"، وذلك بعد "120 ساعة من التحقيقات والاستنطاق التزم فيها الغنوشي بالحضور، لكنه قرّر اليوم مقاطعة جميع الاستدعاءات التي ستبلغه بعد أن رأى أن محاكماته سياسية والملفات فيها نوعٌ من التنكيل، وطلب منا (لجنة الدفاع) تبليغ ذلك إلى الرأي العام".
وأشار الجماعي في مداخلة عبر إذاعة "كرامة"، صباح اليوم الثلاثاء، إلى عدم استناد التحقيق مع الغنوشي إلى وقائع وأن الأمر يتعلق بـ"محاكمة فكرية" و"محاسبة رأي" تقوم على اجتزاء تصريحات.
يأتي ذلك على خلفية جلسة تحقيق أمس وصفها الجماعي بـ"المكافحة وهي عبارة عن تنكيل به" (الغنوشي) في قضية قائمة على ادعاء "أحد الأمنيين أنه يحتكم على فيديو يوثّق للقاء بين الغنوشي وعناصر إرهابية".
وكان مستشار الغنوشي، والمحامي سامي الطريقي، قد قال في تصريح سابق لـ"العربي الجديد"، إنه "سبق للغنوشي المثول رفقة القيادي في حركة النهضة، علي العريض، لدى فرقة مكافحة الإرهاب بالعوينة في هذا الملف، وذلك بعد شكاية واهية تقدم بها أمني، زعم أن الغنوشي حضر في اجتماع مع محكومين في قضايا إرهابية". وأضاف أن "هذا الشخص ذكر أن لديه فيديو في هذا الغرض، وعند مطالبته بإظهاره قال إنه ضاع".
وفيما شاعت أنباء عن دخول الغنوشي في إضراب جوع، نفت إبنة الغنوشي ذلك. وكتبت في تدوينة على صفحتها في "فيسبوك": "الشيخ راشد اتخذ قرارا بالامتناع عن حضور جلسات التحقيق، وسيحدد الأساليب النضالية الملائمة بحسب الأوضاع المناسبة، وهو ثابت في موقفه، صامد في مقاومته لهذا الانقلاب الغادر".
إلى ذلك، أكّد سياسيون ومحامون تونسيون، اليوم الثلاثاء، أنهم سيواصلون النضال ومساندة المعتقلين السياسيين، معبرين عن رفضهم للتعسفات في حق المعارضين.
وجاء ذلك في وقفة تضامنية أمام قصر العدالة بالمحكمة الابتدائية بتونس العاصمة مع الأمين العام السابق لحزب التيار الديمقراطي، غازي الشواشي، الذي كان سيمثل للتحقيق في قضية مرفوعة من وزيرة العدل، ليلى جفال، ضده على خلفية تصريحات إعلامية.
وقال رئيس هيئة الدفاع عن المعتقلين، العياشي الهمامي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنه "لم يتم جلب الشواشي اليوم إلى المحكمة بعد أن قدّم قاضي التحقيق إجازة مرضية، وسيتم تحديد جلسة ثانية لاحقا"، موضحاً أن "ذلك لن يعيقنا عن مساندة المعتقلين وكل الأصوات الحرة، ولذلك تمت الدعوة إلى وقفة تضامنية مع الشواشي ومع كافة ضحايا تعسف قيس سعيد ووزيرة العدل".
وأوضح الهمامي أن "الشواشي كان سيمثل اليوم في قضية أُثيرت من قبل وزيرة العدل، ليلى جفال، ببث أخبار زائفة، والتي تصل عقوبتها، وفق المرسوم الجديد، إلى 10 سنوات سجنا"، مؤكداً أن "السلطة تتعسف على المعارضين وتتهمهم بالتآمر للإيحاء بأن سبب الأزمة في البلاد هم المتآمرون، وهو خطاب لا ينطلي على أحد، لأن الهدف هو التحكم في البلاد وفق الرأي الواحد وإقصاء كل رأي مخالف".
وقال وزير التعليم السابق، محمد الحامدي، إن "الهدف من هذه القضايا ضرب المعارضة، وهذه المحاكمات تأتي في سياق انقلابي على الدستور وعلى المسار ككل، أما البقية فمجرد تفاصيل"، مضيفا، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "لا خيار أمامنا سوى المقاومة ومواجهة ما يحصل إلى حين استئناف الديمقراطية".
وبيّن الحامدي أن "المعارضة في تونس تعاني مما عاناه الانتقال الديمقراطي من انقسامات، ولكنها في ظل الوضع الحالي ستصل تدريجيا إلى تنسيق أشكال العمل المشترك"، مضيفا أن "هذا سيقود إلى حالة من النضج والوعي بمقتضيات المرحلة، لأنه لا خيار أمام البلد سوى استعادة الديمقراطية".
ولفت إلى أن "الملفات المفبركة والمرسوم 54 والإيقافات المتتالية كلها خطوات لإخراس المعارضة"، مؤكداً أن "هذه السلطة غير قادرة على التحاور مع مناصريها، فضلا عن أن تحاور معارضيها".
وأكد الوزير السابق والمحامي محمد عبو، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "الأخطاء التي يرتكبها قيس سعيد ستعجل بسقوطه"، مبيناً أن "سعيد قام بجريمة الانقلاب على الشرعية وعلى مؤسسات الدولة، ولكن لم يتم القول إن هذا خطأ ولم يتم التصدي له، ولهذا هو يواصل انقلابه". وأفاد عبو بأن "انقلاب سعيد دمر الدولة، والوضع الاقتصادي والاجتماعي متردّ للغاية".
ويرى رئيس الفرع الجهوي للمحامين بتونس، العروسي زقير، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنه "لم يتم احترام الإجراءات المنصوص عليها في إحالة المحامين، من بينها ضرورة إعلام فرع المحاماة، وهذا خطير"، مبيناً أن "هناك حالات مماثلة بهذا الخصوص لم يقع فيها احترام الإجراءات حكم فيها بعدم سماع الدعوى، ونحن نعوّل على كل نفس قضائي شريف أن يطبق القانون ويحكم بعدم سماع الدعوى".
وقال عيسى إبراهيم، والد عضو جبهة الخلاص المعتقلة شيماء عيسى: "حضرت لمناصرة الشواشي وكل المعتقلين، خاصة أن لي أيضا ابنة معتقلة"، مبينا أن "إثارة قضايا جديدة بالنسبة للمعتقلين خلافا لقضية التآمر ليس غريبا، فكل قضية تولد أخرى، وهذا دليل على الغباء السياسي".