الغضب الشعبي يضع السويداء في قلب الثورة السورية.. النظام يفشل في "تحييد" المحافظة؟

23 اغسطس 2023
خلال احتجاجات السويداء (ليث أبي نادر/ العربي الجديد)
+ الخط -

قفزت محافظة السويداء في جنوب سورية إلى واجهة الأحداث مطلع الأسبوع الحالي، مع بدء إضراب وحركات احتجاج واسعة ضد سوء الأحوال المعيشية، ولكن سرعان ما حضرت في ساحات التظاهر الشعارات الأولى للثورة السورية، وهو ما نسف كل جهود النظام الذي حرص طيلة أكثر من عقد على إبقاء هذه المحافظة على هامش ما يجري في البلاد.

وتوافد الأربعاء آلاف السوريين من أهالي محافظة السويداء إلى ساحة السير/ الكرامة في وسط مدينة السويداء، مركز هذه المحافظة، رافعين لافتات تطلب من رأس النظام السوري بشار الأسد ترك السلطة، وإطلاق سراح المعتقلين، وتطبيق القرارات الدولية ذات الصلة بالقضية السورية، مرددين شعارات ضد إيران، حليف الأسد الرئيسي. 

كيف دعمت السويداء الثورة؟

وأكدت شبكات إعلامية محلية تزايد زخم الحراك الشعبي المتواصل منذ أربعة أيام، وهو أمر بات يربك كما يبدو النظام الذي حيّد السويداء عن الأحداث التي تعصف بسورية منذ عام 2011، غير أن المحافظة لم تكن على هامش ما يجري في البلاد بشكل عام، إذ اعتقل النظام عددا من أبنائها الذين انخرطوا في الثورة إلى جانب المحافظات السورية الأخرى، وبعضهم عُذب حتى الموت في المعتقلات.

كما كان للمحافظة دور إغاثي خلال سنوات الثورة، حيث نزح إليها عدد كبير من سكان المناطق "الساخنة" التي قصفها النظام، وخاصة من ريف دمشق المتاخم جغرافيا لهذه المحافظة ذات الغالبية الدرزية من السكان.

إضافة إلى ذلك، امتنع أهالي المحافظة عن إرسال أبنائهم للخدمة العسكرية في قوات النظام السوري، ما دلّل على رفضهم الحل العسكري والأمني الذي انتهجه النظام في القضاء على الثورة، والذي أوصل سورية إلى ما هي عليه اليوم من تشظٍ بات يهدد وحدتها، فضلا عن مقتل وتشريد أكثر من نصف السوريين. 

ومنذ عام 2014، تشهد محافظة السويداء حركات احتجاج على سوء الأحوال المعيشية، إلا أن النظام كان يحاصرها من خلال فعاليات دينية واجتماعية وحزبية مرتبطة به، فيما اكتسب الحراك الشعبي الحالي زخما ودفعا كبيرين بعد مباركة عدد من رجال الدين في المحافظة له، وأبرزهم حكمت الهجري، وحمّود الحناوي.

وتعاني محافظة السويداء من أوضاع معيشية تُوصف بـ"الصعبة"، في ظل رفض النظام التجاوب مع مبادرات للتوصل لحل سياسي للقضية السورية، ما جعل أغلب السوريين الخاضعين له تحت خط الفقر.

ويشرح الناشط المدني منيف رشيد، في حديث مع "العربي الجديد"، الدور الذي قامت به محافظة السويداء في الثورة السورية منذ انطلاقتها في عام 2011، موضحا أنها شهدت في الأيام الأولى للثورة تظاهرات ضد النظام في مدينة السويداء وبلدة شهبا وقرية القريّا.

وبحسب رشيد، فإن نقابة المحامين في المحافظة أصدرت في عام 2011 بيانا طالبت فيه بالتغيير بالبلاد، إلا أن القبضة الأمنية المشددة على المحافظة حالت دون اتساع الحراك الثوري في السنوات الأولى من الثورة. ويضيف: "في عام 2012 بدأ توافد النازحين من أغلب المناطق السورية إلى السويداء، التي يعتبر أهلها هؤلاء ضيوفا عليهم.. عشرات الآلاف من النازحين موجودون في السويداء".

وتابع الناشط المدني: "بدءا من عام 2013 بدأت حركات معارضة للنظام، أبرزها حركة رجال الكرامة التي أعلنت موقفا معارضا واضحا"، إلا أن مؤسس الحركة وحيد البلعوس اغتيل في عام 2015 بتفجير موكبه، فيما يتهم أهل المحافظة "حزب الله" اللبناني وإيران بالوقوف وراء هذا التفجير، بهدف إسكات كل صوت معارض في محافظة السويداء. 

وحاول النظام، بحسب الناشط ذاته، تركيع السويداء عبر جلب عناصر من تنظيم "داعش" من مخيم اليرموك جنوب دمشق ومن منطقة حوض اليرموك في ريف درعا الغربي إلى بادية السويداء الشرقية، إذ نفذ هؤلاء عمليات قتل وخطف بحق أبناء قرى في ريف السويداء في منتصف عام 2018. 

وأشار رشيد إلى أن النظام "عاقب أهل السويداء لرفضهم إرسال أبنائهم للخدمة في قواته"، مؤكدًا رفض نحو 30 ألف شاب الالتحاق بالخدمة الإلزامية في هذه القوات. كما بيّن أن الأجهزة الأمنية التابعة للنظام دعمت العديد من المليشيات المحلية، أبرزها مليشيا "قوات الفجر" التي كانت مهامها محاصرة أي حركة احتجاج في السويداء. 

وتابع قائلا: "مارست هذه المليشيات تجاوزات وعمليات خطف بحق سكان المحافظة، ما دفع مجموعات محلية للقضاء عليها بالقوة في منتصف العام الفائت".

2171 معتقلا من أبناء السويداء من 2011- 2020

وفي السياق، قال الصحافي نورس عزيز، وهو من أبناء السويداء، في حديث مع "العربي الجديد"، إن عددا من ضباط المحافظة انشقوا عن قوات النظام السوري منذ اندلاع الثورة، مشيرا إلى أن النظام اعتقل 2171 شخصا من أبناء السويداء، من عام 2011 وحتى 2020، قتل منهم 37 تحت التعذيب، وذلك وفقا للشبكة السورية لحقوق الإنسان.

وتقع محافظة السويداء في جنوب سورية، وتحدها غربا محافظة درعا، وشرقا البادية السورية، وجنوبا الأردن، وشمالا ريف دمشق. وتعد المحافظة من المحافظات السورية ذات الجغرافيا الإدارية الصغيرة، حيث تبلغ نحو 6500 كيلومتر مربع.

وتحظى السويداء بخصوصية، كونها تضم العدد الأكبر من الدروز السوريين، وهو ما يردع النظام عن الفتك بالمتظاهرين والمحتجين فيها، حيث يخشى من خروجها عن نطاق سيطرته. 

وتشير إحصائيات غير رسمية إلى أن عدد الدروز السوريين بلغ نحو 800 ألف شخص، جلهم في السويداء، فيما هاجر عدد كبير منهم خلال سنوات الثورة إلى دول الجوار أو دول أوروبية، مثلهم مثل باقي مكونات الشعب السوري. 

المساهمون