العمليات العسكرية في سورية تعتقل شخصيات بارزة من النظام المخلوع خلال حملتها الأمنية
استمع إلى الملخص
- ألقت قوات الأمن القبض على حيان ميا في اللاذقية، مما أثار جدلاً حول تجاوزات قانونية، وأكدت منظمات حقوقية على ضرورة مراعاة معايير حقوق الإنسان.
- قُتل شجاع العلي، متزعم عصابات الخطف، في ريف حمص الغربي، حيث كان متورطاً في عمليات خطف وابتزاز مدعومة من شخصيات محلية.
تواصل إدارة العمليات العسكرية في سورية حملتها الأمنية ضد مجموعات وضباط وعناصر سابقين لدى نظام بشار الأسد المخلوع في مدن حمص وطرطوس وحماة وحلب، وقالت إنها تمكّنت من اعتقال عدد من الشخصيات البارزة المتهمة بالتورط في جرائم حرب ضد الإنسانية والتحريض الطائفي.
وذكرت مصادر من إدارة العمليات العسكرية، لـ"العربي الجديد"، أنّ إدارة العمليات العسكرية، بالاشتراك مع جهاز الأمن العام، تمكنت، يوم أمس الخميس، من اعتقال خالد زبيدي، إحدى الأذرع الاقتصادية لأسماء الأخرس، زوجة رئيس النظام السابق بشار الأسد. كما شملت الاعتقالات القيادي فخري درويش، مدير مكتب قائد "لواء القدس" في حلب.
وأعلنت إدارة العمليات العسكرية في سورية، اليوم الجمعة، في بيان، عن اعتقال "شخصيات كبيرة من فلول النظام السابق ومثيري الشغب في طرطوس على الساحل السوري شمال غربي سورية"، مؤكدةً أن "الحملة الأمنية شملت أيضاً مواقع لانصار النظام السابق في ريف حماة الغربي وسط سورية، فيما لم يتسن لـ"العربي الجديد" معرفة أسماء الشخصيات البارزة التي اعتُقلت.
وأشارت المصادر لـ"العربي الجديد" إلى أن منطقة ريف حمص الغربي شهدت اشتباكات عنيفة بين القوات التابعة لإدارة العمليات العسكرية ومجموعات مسلحة تابعة للنظام المخلوع، بعد رفض هذه المجموعات تسليم أسلحتها الثقيلة والانخراط في عمليات التسوية المطروحة. ولفتت إلى أن لدى هذه المجموعات ترسانة عسكرية تضم صواريخ مضادة للدروع، ودبابات، ومدافع، متحصنة في مناطق قريبة من الشريط الحدودي مع لبنان، وقد جرى "تحييد عدد من عناصر وضباط تلك المجموعات مع استمرار العمليات الأمنية في المنطقة حتى إعادة الأمن والاستقرار إليها".
وأفادت وكالة الأنباء السورية "سانا"، أن قوات الأمن السورية بمحافظة اللاذقية ألقت القبض على حيان ميا أحد المتهمين بـ"جرائم كبيرة" ضد السوريين. وذكرت أن "إدارة الأمن العام بالمحافظة ألقت القبض على المجرم الخارج عن القانون حيان ميا سيئ السمعة والمسؤول عن عدد من الجرائم الكبيرة ضد السوريين". وأفادت بعض الحسابات السورية على مواقع التواصل بأن المذكور يتزعم عصابة إرهابية وهو تاجر مواد مخدرة.
وعلق المحامي عبد الناصر حوشان على مقاطع الفيديو الأخيرة التي أثارت جدلاً واسعاً خلال الحملة الأمنية لـ"إدارة العمليات العسكرية" بالاشتراك مع "جهاز الأمن العام"، موضحاً لـ"العربي الجديد" أنها "لا ترتقي إلى مستوى الانتهاكات الجسيمة"، وأنها "تحدث غالباً مع من يرفضون الامتثال لأوامر القوات الأمنية في كثير من الدول". وشدد على "ضرورة التمييز بين السياق العام لهذه الحوادث والنمط الذي قد يشير إلى سياسة ممنهجة، وبين المخالفات الفردية التي تحدث بشكل معزول"، موضحا أنه "حتى الآن، لا يمكن وصف هذه التصرفات بأنها جزء من سياق انتقامي أو نمط ثأري".
من جهته، أكد المحامي سامر الضيعي، المدير التنفيذي لرابطة المحامين السوريين الأحرار، لـ"العربي الجديد"، أنّ "هذه التجاوزات غير مقبولة، ولا تستند إلى إطار قانوني"، لافتاً إلى غياب المحاسبة حيالها من جانب السلطة القائمة. واعتبر ضيعي أنّ "ما يجري قد يكون جزء منه رد فعل على تعرض القوات الأمنية إلى إطلاق نار، ومقتل عدد من أفرادها، لكنه رد خرج عن السياق القانوني، وأدى إلى حصول انتهاكات واضحة".
وقال مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني، لـ"العربي الجديد"، إنه "بالنسبة للمجرمين المتورطين يجب أن تتم ملاحقتهم، وذلك كي يتم إرسال رسالة إلى ملايين الضحايا أن السلطات جدية بملاحقة هؤلاء، خاصة الصف الأول والثاني ممن تورط بجرائم ضد الإنسانية، وجرائم حرب، والهدف من هذا الإجراء هو أن نقول لأهالي الضحايا لا تأخذوا حقكم بأيديكم، وإن هناك سلطة ستحاسبهم بمحاكمات عادلة".
وأضاف عبد الغني: "برأيي، هذا الاجراء جاء متاخراً ويجب توجيه رسائل إلى الشعب السوري بهذا الخصوص، لقد أصدرنا قوائم باسماء 16200 متورط بارتكاب انتهاكات في سورية، ولكن من ناحية أخرى، أثناء عملية ملاحقة هؤلاء المجرمين يجب أن تكون عملية إلقاء القبض عليهم تراعي معايير حقوق الإنسان بحيث لا يكون هناك إهانة أو انتهاك، لأن الرسالة التي يجب إيصالها أن السلطة الجديدة لا تقوم بنفس ممارسات النظام"، موضحاً أنه "ليس من حق من يقوم بالاعتقال القيام بأي من هذه الممارسات لأن القضاء هو من يقرر ماهي عقوبتهم". وتابع: "يجب على السلطات الاعتذار عن هذه الممارسات وأن تقوم بمحاسبة من قام بها، لأنها ترسل رسالة خاطئة إلى السوريين الذي لديهم حساسية من هذه الممارسات كون الأسد قام بممارستها ضدهم".
وكانت إدارة العمليات العسكرية قد تمكنت، يوم أمس الخميس، من قتل شجاع العلي، أبرز متزعمي عصابات الخطف التابعة لنظام بشار الأسد المخلوع، في قرية بلقسة بالقرب من بلدة تلكلخ في ريف حمص الغربي، بالقرب من الحدود السورية - اللبنانية، وسط سورية. وكان العلي قد ظهر، أول من أمس الأربعاء، خلال احتجاجات في مدينة حمص مهدداً بحرق المساجد والتصعيد المُسلح، على خلفية انتشار مقطع فيديو يظهر إحراقًا وتخربياً لمقام أبي عبد الله الحسين بن حمدان الخصيبي، أحد الرموز الدينية للطائفة العلوية، واتضح لاحقاً أنه قديم ويعود لفترة المعارك التي دارت في مدينة حلب شمالي البلاد مطلع الشهر الجاري ديسمبر/ كانون الأول 2024.
وينحدر شجاع العلي من قرية بلقسة في ريف حمص الغربي، وقبل سقوط نظام الأسد، كان يتزعم مجموعة مكونة من 400 عنصر مسلح، كانوا يقومون، وفق ما أكد المحامي عمار عز الدين لـ"العربي الجديد"، بخطف المدنيين المتوجهين إلى لبنان أو المتوجهين إلى سورية، ومفاوضة أهاليهم على مبالغ طائلة، مع تصوير الضحايا أثناء تعذيبهم وإرسال الصور إلى الأهالي. ويمتلك العلي أكثر من سبع محطات وقود وخمسة مطاعم. وكان يسانده، وفق عز الدين، كل من فؤاد أحمد السعيد ويوسف مفيد السعيد وعلي مفيد السعيد ومهند فؤاد السعيد، وهم ينحدرون من قرية مرسايا في ريف حمص الغربي.