بشار الأسد في Memes... انهيار مملكة الصمت

avata
عمّار فراس
عمّار فراس كاتب بقسم الميديا والمنوعات
30 ديسمبر 2024
645456
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- انتشرت صور ساخرة لعائلة الأسد على وسائل التواصل الاجتماعي، مما كسر حاجز الخوف والقدسية المحيطة بهم، وأتاح للسوريين التعبير عن مشاعرهم المكبوتة من خلال النكات والميمات.
- أصبحت ثقافة الميم وسيلة للسوريين لتحرير ذاكرتهم من القمع، حيث لم تقتصر السخرية على عائلة الأسد فقط، بل شملت العنف والوحشية التي تعرض لها السوريون.
- صفحات السخرية، مثل بشار الأسد Parody، تسخر من غياب تصريحات الأسد، مما يعكس عدالة ساخرة انتشرت بسرعة، حتى طالت السخرية الكرملين.

 

لم يكن لأحد في سورية أن يظن أنّ بإمكانه تحويل آل الأسد، والطبقة الحاكمة في البلاد، إلى أضحوكة يتناقلها الكبار والصغار. لكن هذا ما حدث، يوم الثامن من ديسمبر/كانون الأول الحالي، إذ فُتح القصر الجمهوري، وانتشرت صور عائلة الأسد الشخصية، تلك التي لم يرها أحد في العالم، لتتلقفها وسائل التواصل الاجتماعي، وتحولها إلى Stickers وMemes. هذه الممارسة التي تنتمي إلى عوالم الإنترنت كسّرت مملكة الصمت التي خلقها الأسد، وحطمت حاجز الخوف المرتبط باسم الأسد نفسه، ذلك الذي كان لفظ اسمه بصوت عال أمراً مخيفاً. انتشرت الصور فجأة: صور العائلة في الإجازات، وتحت الماء، وفي القصر، وفي حفلات تنكرية، وأبرزها تلك التي يظهر فيها بشار الأسد باللباس الداخلي، الذي تحول إلى رمز يرفع في ساحة الأمويين سخريةً من الرئيس المخلوع، وبدأت المقارنات بين أنواع الثياب الداخليّة وانتشارها وتنوعها.

ما يحصل الآن في الفضاء الرقمي، تحطيم شديد لهالة القدسية والرعب التي كانت محيطة بالأسد وعائلته. تنمو الرموز وتتكاثر سخريةً وتحطيماً. أقوال حافظ الأسد عن الرياضة تحولت إلى نكتة مع تسرب صورته وهو يستعرض عضلاته. لقطات تنفي عنه صورة "القائد الخالد"، ليتحول إلى مجرد شخص أعمته النرجسية.

ثقافة الميم بالأصل قائمة على السخرية والتبسيط، ونزع القداسة عن أي شيء إلى حد المبالغة، وحس دعابة يتحرك بين مستخدمي الإنترنت. واليوم، مع انفجار 50 سنة من القمع على وسائل التواصل الاجتماعي، نحن أمام عدد غير متناهٍ من النكات والقفشات التي يعيد عبرها السوريون تكوين ذاكرتهم وتحريرها من طبقات القمع المتوارثة عبر أجيال من خلال الضحك والكوميديا.

لم تقتصر النكات على عائلة الأسد، فالعنف الشديد والوحشية التي ظهرت للعلن من فتح أفرع الأمن ومعتقل صيدنايا سيئ السمعة، خضعت أيضاً لثقافة الميم، وبدا التساؤل الساخر عن احتمالات لأماكن وجود معتقلين تحت الأرض في أنحاء سورية، وكأن شدة العنف الذي خضع له السوريون وذاكرة الألم وجدت في السخرية متنفساً لها، وقدرة على استيعاب الصدمة وعدم الشعور بالعجز أمامها.

موقف
التحديثات الحية

السوريون الآن يسخرون من ماضي الأسد ويعرّون حقيقته، حرفياً ومجازاً. وعلى رغم بدء طقوس الحداد على المختفين والمعتقلين، بقيت السخرية حاضرةً بوصفها حقاً حُرمَه السوريون لفترة طويلة. ونتحدث هنا عن السخرية الفجّة، الوقحة، التي تحدق في عين المأساة والمقدس وتمد لسانها. هي الحرية بأقصى أشكالها وأشدها نقديّة، فما من سوري خائف بعد اليوم.

نشطت أيضاً صفحة بشار الأسد Parody، التي تسخر من الأسد المخلوع ومن تدفق صوره، فضلاً عن غياب أي تصريح للرئيس المخلوع. تحوّلت الصفحات هذه إلى ناطقين ساخرين باسمه، خصوصاً أن صفحة رئاسة الجمهورية العربية السورية، التي ادعت أنها لم تجد مكاناً لنشر بيان "فرار" الأسد، ما زالت هناك شكوك في صحة ما ورد فيها وصحة البيان، لتتحول الصفحة الساخرة إلى منبر يخاطب "الشعب" من موقف بشار الأسد بوصفه ما زال متمسكاً بالحكم، ويحاول تبرير كل ما ينتشر عنه على وسائل التواصل الاجتماعي.

تحول الأسد بين ليلة وضحاها من شخص يخاف المواطنون داخل البلاد من لفظ اسمه، ويتحوط من في الخارج من وجود أعوانه بينهم، إلى محط سخرية وضحك لم ينجُ منها أي تفصيل من حياته أو حياة أسرته. أمسى الأمر أشبه بعدالة ساخرة، فاضت كلها خلال بضعة أيام على وسائل التواصل الاجتماعي.

آخر أشكال هذه السخرية طاولت الكرملين نفسه الذي وصفته الصفحة الساخرة بأنه تحول إلى ناطق باسم أحوال عائلة الأسد الشخصية، وذلك في سخرية من البيان الذي أصدره مقر السلطة الروسية ينفي فيه طلب أسماء الأسد الطلاق من زوجها.

ذات صلة

الصورة
قد يستغرق كشف مصير المفقودين في سورية سنوات، 23 ديسمبر 2024 (كريس ماكغرات/ Getty)

مجتمع

تتداخل المعاناة الإنسانية مع الفراغ القانوني في قضية المفقودين في سورية، ما يجعلها تتطلب تضافر الجهود لتحقيق العدالة، وإقرار قوانين لكشف الحقائق.
الصورة

سياسة

لعب الأسد على جميع الحبال، إلى أن لفظه الحليف قبل العدوّ، وفرّ عاريًا في ليلة دمشقية باردة، وأخذ معه قاعدة النفوذ الإيراني المتقدّمة في بلادنا
الصورة
فرع فلسطين / سورية / ديسمبر 2024 (العربي الجديد)

سياسة

عند أبواب سجون الأسد ومقرّاته الأمنية، كانت الإنسانية تُذبح. لا شيء أو كلام يختصر المشهد. القمع والظلم يتكشفان بأبشع الصور من جدران الزنازين الواسعة والانفرادية
الصورة
المعتقلون والمختفون قسرياً في سورية / صور في ساحة المرجة وسط دمشق 26/12/2024 (سمير الدومي/فرانس برس)

مجتمع

حدد رئيس الشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني عدد المعتقلين والمختفين قسراً في سورية بعد إفراغ السجون بـ112 ألفاً و414، وشدد على ضرورة كشف مصيرهم.
المساهمون