العقوبات الأوروبية بحق مسؤولين لبنانيين تحضَّر على نارٍ هادئة وتقارير قيد الدرس

21 يونيو 2021
زار بوريل لبنان قبل يومين (Getty)
+ الخط -

لن تترجم نتائج جولة الممثل الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، على المسؤولين اللبنانيين في اليومَيْن الماضيَيْن، إلّا من خلال الخطوات الإجرائية التي ستُسلَك أوروبياً في الأسابيع المقبلة بشكل علنيّ ورسميّ، في ظلّ التلويح بفرض عقوبات قاسية على شخصيات لبنانية، علماً أن المؤشرات الأولية لا تبشّر بأي ليونة أو تساهل مع القادة في لبنان، رغم أن التريث لا يمكن إغفاله أيضاً، ويندرج في دائرة "الفرصة الأخيرة" ربطاً باحتمال ولادة الحكومة.

وفي ظلّ تكتّم باريس على الأسماء التي طاولتها القيود الفرنسية، يؤكد مصدر دبلوماسي فرنسي، لـ"العربي الجديد"، أنّ كلّ شخص مستهدف بالعقوبات على بيّنة من ذلك، ووصله الكثير من الرسائل عبر قنوات مختلفة، وخلال اجتماعات المسؤولين الفرنسيين مع الأطراف اللبنانية، التي بدأت من بوابة التنبيه والتحذير قبل التنفيذ، وهي مرتبطة بالدرجة الأولى بالمسؤولية عن عرقلة تشكيل الحكومة من جهة أولى، وسوء الإدارة السياسية والمصرفية الذي أوصل البلاد إلى الانهيار.

تجدر الإشارة إلى أنه كانت لافتةً في هذا الإطار الجولة التي قامت بها السفيرة الفرنسية في لبنان آن غريو على مسؤولين لبنانيين، وخصوصاً رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري، ورئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل، قبيل زيارة بوريل، ما طرح علامات استفهام حول ما إذا كانت السفيرة الفرنسية وضعت باسيل والحريري في أجواء العقوبات.

ويشدد المصدر نفسه على أن فرنسا لم تسلك فوراً طريق العقوبات ودعت إلى الإصلاح، واضعةً مبادرتها الإنقاذية على الطاولة، ولا تزال، ومع ذلك لم يتعظ المسؤولون أو يتحركوا لحلّ الأزمة الحكومية التي دخلت شهرها التاسع، من هنا فإنّ العقوبات الأوروبية لن تكون استنسابية أو تأخذ المواقع بعين الاعتبار.

وبحسب معلومات "العربي الجديد"، فإنّ العقوبات الأوروبية إن فرضت لن تقتصر على "نادٍ سياسي واحدٍ"، أي ما يعرف بـ"8 آذار"، بل الاحتمالات مفتوحة على أكثرية القوى السياسية المشاركة في الحكم، وخاصة المعنية بتأليف الحكومة، وإن بنسبٍ متفاوتة. كما هناك درس للكثير من التقارير التي بحوزة الأوروبيين، ومنها ما يتعلق بمصرف لبنان المركزي والدعاوى المرفوعة عليه في لبنان والخارج.

وعلى الرغم من مواقف بوريل الحادة تجاه الزعماء اللبنانيين وتحميلهم مسؤولية الأزمة الحكومية والانهيار وتلويحه بالعقوبات، خرج صهر رئيس الجمهورية النائب جبران باسيل، الذي يعتبر من أكثر الأسماء عرضة للعقوبات الفرنسية والأوروبية، كونه من المتهمين الأساسيين بالتعطيل، ليؤكد أمس الأحد، في كلمةٍ له، تمسّكه بمطالبه التي ظاهرها صلاحيات وحقوق رئاسة الجمهورية الدستورية، وباطنها على حدّ قول معارضيه "الاستحواذ على الثلث المعطل للتحكم بالحكومة".

وقرّر باسيل "الاستعانة بصديق"؛ أي الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصر الله، حتى يكون حكماً ومؤتمناً على الموضوع الحكومي، وعلى حقوق المسيحيين، لاعباً على وتر استهدافه، وذلك بعد كثرة الهجوم عليه وتحميله مسؤولية عرقلة تشكيل الحكومة، وصولاً إلى الصراع الذي حصل بينه وبين رئيس البرلمان نبيه بري، وطاولت سهامه رئيس الجمهورية، وهو ما يعتبره باسيل انحيازاً واضحاً من جانب بري إلى رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري.

وقال مصدرٌ في "حزب الله"، لـ"العربي الجديد"، إنّ الحزب لا يفرّق بين حلفائه، وهو يعلم أن التيار الوطني الحرّ، كما رئيس الجمهورية، "مستهدف من أحزاب منافسة له ومعرض لاستهداف أكبر على بوابة الانتخابات النيابية والرئاسية". أما على صعيد العلاقة بين باسيل وعون من جهة، وبين رئيس البرلمان، فهناك محاولات تبذل منذ أيام للتهدئة وتقريب المسافات، وإعادة تفعيل مبادرة بري الحكومية التي تبقى الفرصة الوحيدة لتأليف الحكومة.

وعلى صعيد مواقف اليوم، فقد أكد الرئيس ميشال عون أنه "على الرغم من كل ما يجري، فإنه لم ييأس من وصول المبادرات إلى حل مع وجود العقلاء، شرط عدم المساس بالدستور وبالصلاحيات التي ناطها بالسلطات الدستورية، وعلى رأسها مقام رئاسة الجمهورية"، ذلك وفق ما نقله عنه زوّاره يوم الإثنين في قصر بعبدا، بحسب بيان الرئاسة اللبنانية.

وقالت أوساط قصر بعبدا الجمهوري، لـ"العربي الجديد"، إن الرئيس عون قد يطل على اللبنانيين بكلمةٍ يتحدث فيها عن آخر التطورات الحكومية، ويتطرق إلى محاولات استهداف موقع الرئاسة الأولى وصلاحياتها، ويشدد من خلالها على دوره في عملية التأليف بالتعاون مع الرئيس المكلف الذي لا يمكنه في المقابل أن "يبقي البلاد بلا حكومة إلى أجلٍ غير مسمّى".

من جهة ثانية، أكد المكتب السياسي لـ"حركة أمل" (يتزعمها نبيه بري)، في بيانٍ اليوم، أن الحل يكمن في "الالتزام بالدستور ووثيقة الوفاق الوطني، والابتعاد عن الأنانيات والمصالح الشخصية"، مشدداً على أن المدخل الأساس هو "الإسراع في تشكيل حكومة إنقاذ وفق مندرجات وعناوين مبادرة بري".

كما شدد على ضرورة أن يقوم وزراء حكومة تصريف الأعمال بمهامهم من دون تردّد.

بدوره، عاد رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب ليردّ على مطالب تفعيل الحكومة أو "تعويمها"؛ ومنها التي أطلقها أمين عام "حزب الله"، ويضعها في خانة "الاعتراف بالفشل ومحاولة للالتفاف على الهدف الأساس المتمثل في تشكيل حكومة جديدة، والتسليم بالفراغ ورمي أثقال عجزه على حكومة تصريف الأعمال"، معتبراً أن "الأولوية تبقى في تأليف الحكومة".