يشهد العراق، أخيراً، جهوداً للتهدئة بين رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، ومليشيات مسلّحة مقرّبة من إيران، على خلفية التوتر الأمني في بغداد إثر اعتقال قيادي في مليشيات "عصائب أهل الحق" بتهمة التورط في قصف المنطقة الخضراء المحصنة التي تضم مبنى السفارة الأميركية.
وقال عضو البرلمان العراقي عن تحالف "عراقيون"، حسن فدعم، خلال مقابلة متلفزة، مساء أمس الثلاثاء، إنّ زعيم مليشيات "عصائب أهل الحق" قيس الخزعلي، أجرى اتصالاً هاتفياً بالكاظمي من أجل التهدئة، موضحاً أنّ القيادي في المليشيات المتهم بالتورط في قصف المنطقة الخضراء، لا يزال معتقلاً لدى الاستخبارات العراقية.
وأوضح فدعم أنّ "الكاظمي مستاء جداً مما يجري ما دفعه للتهديد بالاستقالة"، ناقلاً عن الكاظمي أنه "غير مستعد لتحمل دماء العراقيين".
وأكد أنّ القوات العراقية ستعتقل أي شخص يثبت تورطه في إطلاق الصواريخ على المنطقة الخضراء، مشدداً على ضرورة عدم دفع الفصائل المسلحة نحو المواجهة مع الحكومة.
وفي الشأن، أكد عضو في البرلمان عن تحالف "الفتح" (الجناح السياسي لفصائل الحشد الشعبي)، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ قيادات سياسية بارزة تبذل منذ أيام جهوداً مكثفة لتقريب وجهات النظر بين الكاظمي و"عصائب أهل الحق"، مشيراً إلى أنّ الحكومة أبلغت الوسطاء إصرارها على المضي بالإجراءات القانونية ضد كل من يثبت تورطه في قصف المنطقة الخضراء أو أي موقع حكومي آخر.
وأوضح النائب الذي فضّل عدم الكشف عن هويته، أنّ الجهود التي تبذل تهدف للحيلولة دون تكرار حادثة اعتقال قيادي بمليشيات "عصائب أهل الحق" مع جماعات مسلحة أخرى، لافتاً إلى أن بعض الزعامات طلب من الكاظمي التنسيق مع قيادات "الحشد الشعبي" عند توفر معلومات بشأن تورط أي قيادي أو عنصر بالفصائل المسلحة بأعمال تخل بأمن الدولة.
كما نقلت وكالة "باسنيوز" الكردية عن مصادر سياسية مطلعة إشارتها إلى وجود جهود للوساطة بين الكاظمي والمسؤول الأمني في مليشيات "كتائب حزب الله" العراقية، أبو علي العسكري، بعد التوتر الذي تسبب به تهديد الأخير بقطع أذني الكاظمي.
وبيّنت أنّ الوساطة التي تقودها أطراف في الأحزاب "الشيعية" تهدف إلى إخراج الطرفين (الحكومة والمليشيات) من هذه القضية بأقل الخسائر، بعد أن تحولت إلى قضية رأي عام.
وكان المسؤول الأمني في "كتائب حزب الله" أبو علي العسكري، قد وجه، السبت الماضي، تهديداً شديد اللهجة لرئيس الوزراء العراقي، قائلاً إنّ "تحالفنا مع فصائل المقاومة سواء المحلية أو الخارجية، تحالف متين، وإنّ الذي يمسهم يمسّنا، ونحن ملتزمون بالدفاع عنهم"، داعياً "الكاظمي أن لا يختبر صبر المقاومة بعد اليوم، فالوقت مناسب جداً لتقطيع أذنيه، كما تقطع آذان الماعز، ولن تحميه أي جهة أخرى"، على حد قوله.
وعلى الرغم من جهود التهدئة، إلا أنّ قيادات في "الحشد الشعبي" الذي يمثل المظلة الجامعة للفصائل العراقية المسلحة لا تزال تطلق تهديدات.
وتوعد قائد محور الشمال في "الحشد الشعبي"، أبو رضا النجار، بالثأر لقائد "فيلق القدس" في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، ونائب رئيس "هيئة الحشد الشعبي" أبو مهدي المهندس بضربة جوية أميركية قرب مطار بغداد الدولي مطلع العام الحالي، مؤكداً، في إيجاز صحافي، أنّ الانتقام "سيكون من الولايات المتحدة الأميركية".
كما شدد رئيس كتلة "بدر" البرلمانية (الكتلة التي تمثل مليشيات بدر في مجلس النواب) حسن الكعبي على ضرورة الثأر لسليماني والمهندس، معتبراً أنّ "الولايات المتحدة هي المجرم الحقيقي، بالإضافة إلى المتعاونين معها"، بحسب قوله.