كشفت مصادر سياسية عراقية في بغداد والنجف، لـ"العربي الجديد"، عن مساعٍ يجريها زعيم تحالف "الفتح"، هادي العامري لعقد اجتماع مع زعيم "التيار الصدري" مقتدى الصدر، بصفته مفاوضاً عن تحالف "الإطار التنسيقي"، في محاولة لإعادة فتح قنوات التواصل المغلقة منذ أسابيع بين الجانبين، وسط ترقّب داخل الأوساط السياسية والشعبية لتصعيد في الاحتجاجات من قبل أنصار الصدر، بعد انتهاء مهلة الصدر (الأسبوع)، التي منحها من أجل حل مجلس النواب، والتي انتهت فعلياً اليوم الخميس.
ويجري ذلك في ظل استمرار اعتصام أنصار الصدر داخل المنطقة الخضراء، الذي يقترب من أسبوعه الرابع على التوالي، يقابله اعتصام أنصار المحور المقابل "الإطار التنسيقي" عند بوابة المنطقة الخضراء، فيما يتوعد الطرفان بتظاهرات حاشدة خلال الأيام القريبة القادمة.
وقالت مصادر سياسية عراقية، لـ"العربي الجديد"، إن "هناك مساعي يبذلها زعيم تحالف "الفتح" هادي العامري، من أجل عقد اجتماع مع زعيم "التيار الصدري" مقتدى الصدر، من أجل الوصول إلى تفاهمات تفضي إلى حل الأزمة السياسية، لكن الصدر ما زال يرفض فتح أي قنوات حوار مباشرة مع جميع أطراف قوى الإطار التنسيقي".
وبينت المصادر أن "هناك وساطات تجري حالياً من أجل عقد اجتماع بين الطرفين، من بينها مساعٍ للمبعوثة الأممية بالعراق جينين بلاسخارت، إضافة إلى رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، وزعيم "الحزب الديمقراطي الكردستاني" مسعود بارزاني، وشخصيات دينية بالنجف، مدفوعين بمخاوف تفاقم الأزمة مع انتهاء مهلة الصدر التي حددها سابقاً لحل البرلمان".
وكشفت المصادر السياسية العراقية أن "الإطار التنسيقي خوّل العامري التفاوض مع الصدر بصفته الطرف الأكثر مقبولية لدى زعيم التيار الصدري من الآخرين في التحالف ذاته".
لكن مصادر مقربة من التيار الصدري في النجف، أكدت لـ"العربي الجديد"، أن موقف الصدر من حل البرلمان ثابت، وشرط عقد أي اجتماع يجب أن يكون رهناً بقبول ذلك من قبل الأطراف الأخرى.
ومن المؤمل وفقاً للمصادر ذاتها، أن تكون هناك قرارات جديدة ستصدر من قبل الصدر بشكل مباشر أو من خلال المقرب منه (صالح محمد العراقي)، بشأن الاحتجاجات الشعبية، وهناك توقّع بأن التصعيد سيكون حاضراً للضغط بشكل أكبر على جميع الأطراف لحل مجلس النواب وتحديد موعد للانتخابات المبكرة، ولهذا يترقب الجميع ما سيصدر من قرارات جديدة عن قيادة التيار الصدري بشأن الاحتجاجات الشعبية.
وكان المقرب من الصدر صالح محمد العراقي، قد هاجم اليوم الخميس، الاجتماع الذي عقد أمس الأربعاء، لقادة القوى السياسية في القصر الحكومي ببغداد، لبحث الأزمة، معتبراً أنه "لا يسمن ولا يغني من جوع".
وأضاف العراقي أن "أغلب الحضور لا يهمّه سوى بقائه على الكرسي، ولذا حاولوا تصغير الثورة، والابتعاد عن مطالبها"، مردفاً بالقول: "نعم، الثورة لا تريد من أمثالكم شيئاً سوى التنحّي عن كرسي، فرضتم وجودكم عليه بغير وجه حقّ".
ومضى مهاجماً الاجتماع بالقول إنه "كان جلّ همّه تشكيل حكومة وفق مآرب البعض، لكي يزيدوا من بسطتهم وتجذّر دولتهم العميقة، فيتحكّموا بمصير شعبٍ رافضٍ لوجودهم، فيزوّروا الانتخابات ويجعلوها على مقاسهم".
وتابع: "عموماً، جلستكم السرّية هذه لا تهمّنا بشيء، إلا أنني أردت القول: لا تزيدوا من حنق الشعب ضدكم، وإن كنتم تريدون ملء (الكرسي الخالي) يجب أن تكون جلستكم علنية، وببثّ مباشر أمام الشعب، ليطّلع على ما يدور خلف الكواليس من مؤامرات ودسائس وتسريبات، لم يستنكرها أحد إلى الآن"، في إشارة إلى التسريبات المتعلقة برئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي.
وتأكيداً لرفضه مخرجات الاجتماع، قال: "لا خير في حواركم إلا مَنْ وصلتنا عنه أخبار من داخل الاجتماع إنه كان إيجابياً مع شعبه بعض الشيء، لكنه قد يكون من المغلوب على أمرهم"
واختتم المقرب من الصدر في خطاب وجهه إلى العراقيين، قائلاً: "فيا شعب العراق لا يغرّنكم حوارهم، فهو أهون من بيت العنكبوت، وإن بقاءهم لا يطول إن طالت ثورتكم".
من جهته، قال القيادي في "الإطار التنسيقي"، كريم عليوي، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، إن "زعيم تحالف الفتح هادي العامري، ما زال يبذل الجهود من أجل حل الأزمة السياسية، وهناك مساعٍ مستمرة لعقد اجتماع خاص يجمع العامري مع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، خصوصاً أن العامري له مقبولية كبيرة لدى الصدر، ومن الممكن أن يتوصل الطرفان إلى حلول ترضي الأطراف السياسية كافة".
وبين عليوي أن "هناك إمكانية لحصول لقاء خلال الساعات المقبلة، يجمع كلاً من زعيم تحالف الفتح هادي العامري، وزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر في النجف، وحال حصول اللقاء، ستكون هناك انفراجة في المشهد السياسي، خصوصاً أن العامري مخول للتفاوض مع الصدر، وباقي الأطراف السياسية من قبل قوى الإطار التنسيقي كافة".
وأضاف أن "كل الأطراف السياسية العراقية، بما في ذلك التيار الصدري، تدرك جيداً أنه لا يمكن حل الأزمة السياسية من خلال التصعيد في الشارع أو التصريحات الإعلامية، بل الطريق الوحيدة للحل هو الحوار والتفاوض، ولهذا فإن اجتماع الصدر والعامري سيكون حتمياً، وربما خلال الساعات المقبلة يكون الاجتماع، مع استمرار مساعي عقد هذا الاجتماع من قبل الكثير من الأطراف".
ويتضاعف القلق في الشارع العراقي من استمرار الأزمة السياسية الأطول في البلاد منذ الغزو الأميركي للعراق عام 2003، بعد دخول المليشيات والجماعات المسلحة الحليفة لإيران على خط الأزمة، بالاصطفاف مع قوى "الإطار التنسيقي" ضد "التيار الصدري" بزعامة مقتدى الصدر، الذي تصدّر الانتخابات الأخيرة التي أجريت في 10 أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي.
وأعلن الصدر انسحاب نوابه من البرلمان، بعد ما وصفه بالتفاف قوى "الإطار التنسيقي" على مشروع حكومة الأغلبية الوطنية، وإصرارها على حكومة توافقية جديدة قائمة على المحاصصة الطائفية والحزبية، التي يراها الصدر سبباً رئيساً في استمرار الفساد والتردي الخدماتي في البلاد.