حمّل مرصد حقوقي عراقي واسع الانتشار، اليوم الثلاثاء، رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي والقضاء مسؤولية ما وصفه بـ"الجرائم المروعة" التي نفذتها مليشيات مسلحة بحق سكان قرويين في مناطق ضمن محافظة ديالى الحدودية مع إيران شرقي البلاد، بينها عمليات إعدام ميدانية، فيما طالب زعيم "التيار الصدري" مقتدى الصدر الحكومة بالتدخل، مبينا أن محافظة ديالى أصبحت أسيرة لـ"التهريب والمليشيات والتبعية والإرهاب".
وكانت السلطات الأمنية قد فرضت حظر تجول في مدينة المقدادية وضواحيها في محافظة ديالى، عقب سلسلة من أعمال العنف الطائفية التي نفذتها مليشيات مسلحة بحق سكان عدة قرى، عقب اعتداء إرهابي أعلن تنظيم "داعش" الإرهابي مسؤوليته عنه وراح ضحيته نحو 30 قتيلا وجريحا، الثلاثاء الماضي.
وأصدر مرصد "أفاد" الحقوقي في بغداد تقريراً موسعاً صباح الثلاثاء، قال إنه جرى إصداره بناء على إفادات ميدانية ومشاهدات من داخل القرى المنكوبة بديالى، مطالبا بفتح تحقيق موسع بأحداث العنف التي شهدتها المحافظة في الأيام الماضية، وذلك لـ"ثبوت حصول عمليات إعدام ميدانية على الهوية وجرائم تطهير واسعة، يحمل قسم منها شبهات التواطؤ لعدد من أفراد الشرطة، نفذتها جماعات مسلحة تستعمل شاحنات يحمل بعضها شعار (الحشد الشعبي)".
ونقل التقرير الحقوقي إفادات متطابقة لأفراد أمن وضابط في الجيش العراقي بأنهم يعتقدون بوجود جثث لا تزال في بساتين قرية نهر الإمام، وداخل عدد من المنازل لغاية الآن، تعود لمدنيين تم إعدامهم، بينهم أفراد من عائلة واحدة.
وأكد أحد الشهود أنه نقل في مرة واحدة "جثثا لأربعة مدنيين، بينهم رجل مسن معروف في القرية ويبلغ زهاء سبعين عاما، تم إعدامه في باحة منزله عقب الهجوم الذي نفذته مليشيا مسلحة على قرية نهر الإمام ليلة الثلاثاء الماضي".
ورصد التقرير عمليات حرق وتجريف واسعة للبساتين وإتلاف سيارات ومنازل وممتلكات في عدة قرى، أبرزها نهر الإمام والميثاق والعامرية.
بيان #مرصد_أفاد حول جرائم التطهير الطائفي في محافظة #ديالى. pic.twitter.com/yyMD1EP3DY
— مرصد أفاد (@Afada_iraq) November 2, 2021
وفيما تحدث المرصد عن إحصاء 12 شخصا جرى إعدامهم من المدنيين في قرية واحدة مع تسجيل آخرين في عداد المفقودين، أورد التقرير الحقوقي أسماء عدد من أعضاء المليشيات قال إنهم متورطون في تلك الهجمات بشكل شخصي، بينهم عنصر أمن يعمل شرطياً في ديوان المحافظة.
وأكد تسجيل نزوح قرابة 480 عائلة توزعت على عدة مناطق، أبرزها خانقين والكاطون وبعقوبة وحمرين وشهربان، بينما سجل وصول عائلات إلى العاصمة بغداد أيضا.
واتهم المرصد حكومة تصريف الأعمال برئاسة الكاظمي بالتعتيم على الجرائم الحاصلة وتضليل الرأي العام بمعلومات غير صحيحة، محذرا من أن تكون عملية التهجير الحالية للأهالي عملية نزع مدن جديدة من سكانها في العراق.
كما دعا تقرير "أفاد" المنظمات المحلية والدولية إلى مساعدة العائلات الفارة من هذه القرى بأسرع وقت ممكن، حيث تم تسجيل حالات مرضية عديدة بينهم، وقالت سيدة في إفادتها إن الجميع خرجوا فقط بملابسهم من دون حمل أي شيء آخر، في إشارة إلى حاجة النساء وباقي الفارين إلى مستلزمات خاصة وملابس وأدوية، فضلا عن الغذاء.
في السياق ذاته، حذر مقتدى الصدر، اليوم الثلاثاء، من الفتنة في محافظة ديالى، وقال في بيان تعليقا على تلك الهجمات إن محافظة ديالى أصبحت أسيرة لـ"التهريب والمليشيات والتبعية والإرهاب"، مشددا على ضرورة قيام "القوات الأمنية في وزارة الداخلية بالعمل الجاد والسريع لحماية الحدود والانتشار السريع من أجل درء المخاطر".
— مقتدى السيد محمد الصدر (@Mu_AlSadr) November 2, 2021
وتعد محافظة ديالى الحدودية مع إيران واحدة من أبرز معاقل المليشيات المسلحة التي تسيطر على بعض مدنها. وسبق أن اتهم سياسيون ومنظمات حقوقية المليشيات بارتكاب خروقات من خلال هجمات وعمليات تهديد وتهجير مورست ضد مدنيين.
ولا تزال مدينة المقدادية تشهد توترا أمنيا بسبب الخشية من عودة المليشيات لشن هجمات ضد بعض القرى، ما دفع السلطات الأمنية في المحافظة إلى تمديد حظر التجول الليلي الذي بدأت بفرضه مساء الأحد، ليشمل الليلة الماضية (ليل الاثنين-الثلاثاء) في محاولة للسيطرة على الأوضاع الأمنية المتدهورة.
وتعرضت قرى الجديدة، ونهر الإمام، وشوك الريم، والميثاق الأولى، والثانية، والشافعي، والعامرية، ومناطق أخرى في ديالى، لعمليات قصف متكررة بقذائف الهاون من قبل مليشيات مسلحة خلال الأيام الماضية، ما دفع السلطات الأمنية إلى فرض حظر التجول.
وقالت مصادر أمنية في ديالى، لـ"العربي الجديد"، إن السلطات الأمنية أنهت حظر التجول في المحافظة صباح اليوم الثلاثاء، موضحة أن المحافظة تشهد اجتماعات لكبار المسؤولين والقادة العسكريين للحيلولة دون استمرار التدهور الأمني فيها.
وبينت المصادر، التي اشترطت عدم كشف هويتها، أن المحافظة ستشهد اليوم الثلاثاء اجتماعا مهما، سيجرى خلاله اتخاذ قرارات حاسمة، مشيرة إلى وجود اتصالات متواصلة مع السلطات الاتحادية في بغداد لمنع انحدار ديالى إلى دوامة العنف مجددا.
وأمس الاثنين، وصل رئيس أركان الجيش العراقي عبد الأمير يار الله، برفقة نائب قائد العمليات المشتركة عبد الأمير الشمري، إلى محافظة ديالى، للوقوف على أسباب التدهور الأمني فيها وسبل معالجته.