العراق: مخاوف من التوظيف السياسي لتفجيري بغداد

22 يناير 2021
قوى سياسية ومليشيات حاولت ربط الخرق الأمني بقضايا أخرى (مرتضى السوداني/الأناضول)
+ الخط -

على الرغم من إقرار الحكومة العراقية بوجود تقصير أمني تسبب بتفجيري الباب الشرقي في بغداد أمس الخميس، ونتج عنهما سقوط أكثر من 140 قتيلا وجريحا، ما دفعها لإجراء إقالات وتغييرات شملت قادة وضباط أمن بارزين، إلا أن قوى سياسية ومليشيات حاولت ربط الخرق الأمني بقضايا أخرى، مثل مهاجمة المتظاهرين والناشطين المدنيين، والدعوة إلى خروج القوات الأميركية بشكل فوري، ومهاجمة المطالبين بخروج المليشيات من المدن، فضلا عن إثارة خطاب طائفي جديد، والدعوة لإعدام النزلاء في سجن الناصرية وتنفيذ عمليات عسكرية في مناطق وبلدات معينة، بدعوى أن الانتحاريين قدموا من هناك، رغم أن الضحايا من مختلف شرائح المجتمع، وسقطوا في سوق عام وسط بغداد، ما أثار المخاوف من التوظيف السياسي لاعتداءات بغداد. 

عضو بالبرلمان العراقي عن محافظة بغداد، رفض في حديث لـ"العربي الجديد" الأصوات التي بدأت تحاول أن تضفي صبغة سياسية على تفجيري بغداد من أجل تصفية الحسابات، موضحا أن الأولى بهم الطلب من الحكومة وضع حلول جذرية لمعالجة الوضع الأمني المتردي.

وأكد أن "محاولة التوظيف السياسي لتفجيري بغداد يضر بمشاعر ذوي الضحايا"، مشددا على "ضرورة معالجة الخلل الأمني الكبير في بغداد وبقية المحافظات دون ربط ذلك بأي أزمة سياسية أخرى".

كما انتقد عضو اللجنة الأمنية في مجلس محافظة بغداد السابق، سعد المطلبي، الأصوات التي حاولت أن تضفي منحىً سياسيا على الاعتداءات، موضحا لـ"العربي الجديد" أن "البعض استغل تفجيري بغداد بشكل بشع على الرغم من كونهما يمثلان قضية إنسانية، دون مبالاة بعواطف ذوي الضحايا". 

وأشار إلى "وجود تراخ واضح جدا نتج عنه وصول شخصين انتحاريين إلى مركز بغداد"، مبينا أن "تنظيم "داعش" الإرهابي، أو الجهة التكفيرية المرتبطة به، وصلت إلى قلب بغداد، وقامت بتنفيذ ضربتين متتاليتين".

ولفت إلى أن "الحل لا يكمن في تغيير القيادات الأمنية، بل بتفعيل الجهد الاستخباري، في ظل وجود جهة تكفيرية تستخدم العنصر البشري في تنفيذ اعتداءاتها".

أما العضو السابق في لجنة الأمن والدفاع بالبرلمان العراقي، حامد المطلك، فقد قال إن "اعتداءات بغداد وقعت في ظل وجود صراع وسباق بين القوى السياسية على المال والسلطة"، موضحا، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "الأجندات لا تزال تسيطر على الشارع العراقي". 

وانتقد عدم وجود محاسبة من قبل الحكومة لقتلة العراقيين، مضيفا: "قبل سنة و4 أشهر قدم الشعب أكثر من 700 قتيل وآلاف الجرحى (خلال الاحتجاجات)، ولم يحاسب أحد"، وبين أن "هذه الفوضى وغياب القانون أمور تتسبب بحدوث كل شيء".

ورفض محاولات التوظيف السياسي لهجومي بغداد، مؤكدا أن "الوضع الذي يمر به العراق اليوم هو نتاج لمثل هؤلاء السياسيين الذين يهدفون لخدمة مشاريع خاصة أو خارجية"، مضيفا: "عندما تكون هذه هي أهدافهم فنتوقع كل الاحتمالات منهم".

وأكد وزير التخطيط الأسبق سلمان الجميلي أن "الرد الحقيقي على التفجير الإرهابي الذي حصل الخميس في ساحة الطيران هو الوقوف صفاً واحداً مع الدولة بوجه الإرهاب، وتفويت الفرصة على المستثمرين بدماء الأبرياء"، على حد قوله.

يذكر أن تصريحات لقوى ومليشيات وسياسيين حاولت الابتعاد عن التقصير الأمني الذي تسبب بتفجيري الباب الشرقي، وبدأت بالخلط بين الخرق الأمني وقضايا سياسية أخرى.

ودعا تحالف "الفتح" (الجناح السياسي لفصائل "الحشد الشعبي") الحكومة إلى "تنفيذ الأحكام بحق السجناء المحكومين بالإعدام كرد على تفجيري بغداد"، موضحا، في بيان، أن "الإعدامات ستمثل ثأرا لقتلى التفجيرين ومواساة لذويهم".

وأشار التحالف، في بيان، إلى أن ما حدث "هو نتيجة لإضعاف الأجهزة الأمنية، والاستمرار في إضعاف هيبتها، والتعدي عليها بأكثر من صورة وطريقة".

ولفت عضو البرلمان عن تحالف "الفتح"، عباس الزاملي، إلى وجود "دوافع سياسية" وراء تفجيري بغداد، موضحا، في إيجاز صحافي، أن "جميع التفجيرات التي شهدها العراق كانت تقف وراءها دوافع سياسية"، بحسب رأيه. 

كما نقلت وسائل إعلام تابعة لمليشيا "عصائب أهل الحق" عن القيادي في المليشيا حسن سالم قوله إن "أقوى رد على التفجيرات التي حصلت في بغداد، بدل التصريحات والاستنكارات التي لا تجدي نفعاً، اتخاذ قرار عاجل بالمصادقة على أحكام الإعدام بحق الإرهابيين القابعين في السجون ويتمتعون بأفضل الخدمات الفندقية، ويكلفون ميزانية الدولة الخاوية ملايين الدولارات". 

وحملت مليشيا "كتائب حزب الله" العراقية ما وصفته بـ"ثالوث الشر الأميركي الصهيوني السعودي وأذنابهم من سياسيي السنة المرتبطين بمشروع محور الشر مسؤولية هذه المجزرة". 

وألمح زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر إلى احتمال وقوف الإرهاب أو جهات أخرى وراء تفجيري بغداد، قائلا، في تغريدة على موقع "تويتر": "كلنا جنود مجندة، سواء كان ذلك فعل الإرهابيين أم المحتلين أم الخارجيين أم الفاسدين". 

كما دعا رئيس لجنة الأمن والدفاع في البرلمان، محمد رضا آل حيدر، في مقابلة متلفزة، إلى تنفيذ عمليات أمنية في مناطق حزام بغداد، وخصوصا الطارمية (شمال العاصمة) والزيدان (غربها)، لافتا إلى أن "الإرهابيين يتحركون من تلك المناطق نحو مركز بغداد". 

يشار إلى أن مناطق حزام بغداد كانت قد تعرضت خلال السنوات السابقة، وخصوصا حقبة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي (2006 – 2014)، إلى حملات اعتقال واسعة بناءً على وشايات غير حقيقية من "المخبرين السريين"، ما تسبب بزج الآلاف من أبناء هذه المناطق في السجون. 

وفي السياق، حاولت حسابات مقربة من المليشيات على مواقع التواصل الاجتماعي الربط بين تفجيري بغداد ومتظاهري تشرين، في تحريض واضح ضد المحتجين.

ورد عليهم ناشطون من خلال نشر صور أحد متظاهري تشرين الذي قتل في تفجيري الخميس.

المساهمون