العراق: ما دلالات اختيار مقتدى الصدر اسم التيار الوطني الشيعي

19 ابريل 2024
مناصرون للصدر في بغداد، يناير 2023 (أحمد جليل/Epa)
+ الخط -

للأسبوع الثاني على التوالي، يتواصل الجدل السياسي والشعبي في العراق بشأن قرار زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر تغيير اسم تياره إلى التيار الوطني الشيعي وذلك بين مؤيد للخطوة ومُنتقد لها لما تحمله.

وبعد قرار مفاجئ في 28 الشهر الماضي، يقضي بإنهاء تجميد الكتلة "الصدرية" المستقيلة من البرلمان العراقي، وعودتها تدريجياً إلى الاجتماع بقواعدها الجماهيرية، اختار مقتدى الصدر أن يُقدم على خطوة مفاجئة جديدة، بتغيير اسم تياره من التيار الصدري إلى التيار الوطني الشيعي، في خيار قد يكون تمهيداً لعودة تدريجية للعمل السياسي والمشاركة في الانتخابات البرلمانية بدورتها السادسة، التي من المفترض أن تجرى نهاية العام المقبل.

مصدران في التيار الصدري: فكرة الاسم الجديد راودت الصدر منذ سنين

واختار الصدر، في 11 إبريل/نيسان الحالي، اسم التيار الوطني الشيعي في خطاب رسمي حمل توقيعه وختمه، دون أي تفاصيل إضافية، وهو ما ترك أنصاره أمام حيرة، لكن من دون أي اعتراض على هذا الأمر.

التيار الوطني الشيعي: أنصار الصدر يروجون للاسم الجديد

وباشر أنصار التيار الصدري بحملة إعلامية ضخمة للترويج للاسم الجديد. بل إن بعضهم ذهب للقول إن مقتدى الصدر لم يكن مقتنعاً باسم التيار الصدري، في حين اعتبر مراقبون أن الاسم الجديد هدفه العودة مرة أخرى إلى العناوين الفئوية والطائفية التي غادرها الصدر في السابق، فيما من المتوقع أن يظهر الصدر في الإعلام للحديث عن أفكاره الجديدة، وفقاً لمصدر قريب منه.

واعتبر "وزير القائد"، وهي صفحة على "فيسبوك" تعتبر الناطقة باسم مقتدى الصدر، أن تسمية التيار الوطني الشيعي، تعود إلى أن "التيار امتداد طبيعي لأهزوجة نعم نعم للوطن"، في إشارة إلى الهتاف الذي كان يردده محمد صادق الصدر، والد مقتدى، في خطب الجمعة من مدينة النجف، جنوبي البلاد، خلال تسعينيات القرن الماضي. ثم عاد "الوزير القائد" لتفسير الاسم الجديد، بالقول: "الوطني: يعني العراقي الشعبي بكل طوائفه... والشيعي يعني الإسلامي".

وتواصلت "العربي الجديد"، مع مصدرين من التيار، أوضحا أن "الاسم الجديد للتيار الصدري هو فكرة كانت تراود الصدر منذ سنين، لكن لم تحن الفرصة في السابق للحديث عن التسمية الجديدة". وأضافا: "يُعتبر هذا التوقيت هو الأهم، كونه يأتي في إطار مضامين اجتماعية وسياسية جديدة، خصوصاً أن الصدر يؤشر إلى إخفاق حكومة (محمد شياع) السوداني بشكل كبير في ملفات عديدة، بينها الاقتصاد وحصر السلاح بيد الدولة، والحريات، بالإضافة إلى التنصل الذي يظهر واضحاً من أهم تعهداته بما يخص إجراء الانتخابات المبكرة".

وقال أحد المصدرين إن "تسمية التيار الصدري، لم تنطلق من الصدر شخصياً، بل إن رئيس الحكومة العراقية الأسبق إياد علاوي هو الذي أطلق تسمية التيار الصدري على جيش المهدي بعد تجميده من قبل الصدر (في العام 2007)، واستمرت بالتداول حتى صارت لصيقة بالصدريين. وبالتالي فإن تسميتهم بالتيار الوطني الشيعي، ستمنحهم الحرية بالتحرك سياسياً واجتماعياً".

وبشأن التهيئة للعودة تدريجياً للعمل السياسي، أشار المصدر إلى أن "الوضع يؤشر إلى عودة حقيقية، لكنها ستكون خطيرة ومرعبة بالنسبة لخصوم الصدر، لا سيما وأنه سيواجه هذه المرة خصومه متفرقين أو مجتمعين بكل ما لديه من قوة انتخابية وجماهيرية، لأجل الوصول إلى مكاسب غير اعتيادية، تفوق المرحلة السابقة". وأضاف: "كما أن هناك احتمالات كبيرة تشير إلى أن المتضررين من الحكومة الحالية، وهما بالأصل حليفا الصدر السابقان (محمد الحلبوسي ومسعود البارزاني) قد يلتحقان مرة أخرى بالصدر".

مقتدى الصدر بدأ الإصلاحات الداخلية

من جهته، قال الناشط السياسي، وعضو التيار الصدري سابقاً، غيث التميمي، إن "الصدر كان قد تحدث عن إصلاحات داخلية (في تياره) في أكثر من مناسبة، ويبدو أنه بدأ بها بالفعل، وأن اختيار هذا العنوان الكبير، الذي يشمل الوطنية للعراق، والانتماء المذهبي، هو الأشمل". وأوضح التميمي، لـ"العربي الجديد"، أن "مصدر قوة أنصار مقتدى الصدر أنهم وطنيون وملتزمون بالعقيدة الدينية. كما أن هذا الوصف يمنع عنهم الحرج في وضعهم ضمن تيارات الإسلام السياسي المتهمة بالفساد".

عبد الله الركابي: الواقع يشير إلى أن الصدر يقترب تدريجياً من العودة إلى السياسة

وقال أستاذ الإعلام في الجامعة المستنصرية، غالب الدعمي، إن "الصدر لم يخسر من عملية تغيير اسم التيار الصدري إلى التيار الوطني الشيعي، بل حصل على ربحٍ كبير، لأن تسمية التيار الصدري كانت تمثل عنواناً محدداً لفئة من الجمهور وخط أيديولوجي واحد. أما الآن فقد صار لديهم (وفق التسمية الجديدة) فضاء وطني، يمثل التيارات الشابة والناشئة وغير منضوية ضمن التيار أصلاً". وتوقع الدعمي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "تكون هذه الخطوة، بداية لتأسيس حكومة الأغلبية المقبلة، فيما لو عاد الصدر وعاد للسياسة ودخل للانتخابات".

من جهته، رأى الباحث في الشأن السياسي، عبد الله الركابي، أن "الواقع يشير إلى أن الصدر يقترب تدريجياً من العودة إلى السياسة، ضمن مسمى لا يقبل التحالف مع أي طرف من غير مذهبه، لأنه رفع شعارين، الأول الوطني وهو لا يشمل كثيراً من حلفائه السابقين من الأكراد، والشيعي وهو لا يشمل بكل تأكيد حليفه السابق وهو حزب تقدم السني برئاسة الحلبوسي". وأوضح الركابي، لـ"العربي الجديد"، أن "اجتماعات النواب الصدريين المستقيلين من البرلمان مع قواعدهم الجماهيرية هي لمد جسور التواصل بعد أن تقطعت، وكأنه يقول لهم استعدوا للمواجهة السياسية مجدداً".

وكان الصدر انسحب، في 15 يونيو/حزيران 2022، من العملية السياسية في البلاد، مؤكداً عدم المشاركة في أي انتخابات مقبلة حتى لا يشترك مع الساسة "الفاسدين". وجاء ذلك خلال اجتماعه في النجف وقتها بنواب الكتلة الصدرية الذين قدموا استقالاتهم من البرلمان بعد 8 أشهر على إجراء الانتخابات التشريعية. وعقب ذلك، تمكن تحالف الإطار التنسيقي، من تشكيل حكومة السوداني، بالاتفاق مع الأحزاب الكردية والسنية.

ودعا مقتدى الصدر، في 12 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أنصاره إلى مقاطعة انتخابات مجالس المحافظات. وكتب، على منصة إكس، إن "من أهم ما يميز القاعدة الصدرية هو وحدة صفها وطاعتها وإخلاصها، وإن مشاركتكم للفاسدين تحزنني كثيراً، ومقاطعتكم للانتخابات أمر يفرحني ويغيظ العدا (الأعداء)، ويقلل من شرعية الانتخابات دولياً وداخلياً ويقلص من هيمنة الفاسدين والتبعيين".

المساهمون