بعد أيام قليلة من إعلان المفوضية العليا للانتخابات في العراق، فتح باب التسجيل للأحزاب والتحالفات السياسية الراغبة في خوض الانتخابات المبكرة، المقرر إجراؤها في السادس من يونيو/حزيران المقبل، كشفت مصادر من داخل مجلس الأمناء في المفوضية، اليوم الأحد، لـ"العربي الجديد"، عن دخول عدة قوى سياسية بارزة بأسماء وعناوين جديدة، بينها أحزاب وكتل دينية نافذة في البلاد، الأمر الذي أثار مخاوف من أن تكون الانتخابات المقبلة عبارة عن تدوير للوجوه ذاتها التي حكمت البلاد.
وعلى الرغم من أن الانتخابات المبكرة التي يتجه نحوها العراق جاءت بضغط شعبي، وتظاهرات ذهب ضحيتها أكثر من 700 قتيل وأكثر من 27 ألف جريح، إلا أن سياسيين رأوا أن الانتخابات في حال أجريت فعلاً بموعدها المقرر، فإنها ستكون مخيبة لطموحات الشعب، كما أنها ستنطوي على مخاطر وأزمات جديدة، في سعي القوى المتنفذة بكل الطرق للوصول إلى سدة الحكم.
ووفقاً لعضو في مفوضية الانتخابات، فإن "أغلب القوى السياسية، الحالية التي تقدمت للتسجيل لخوض الانتخابات المبكرة، غيّرت أسماءها بأسماء جديدة، لخوض الانتخابات"، مبيناً لـ"العربي الجديد"، أن "تحالف عراقيون بزعامة عمار الحكيم، أصبح اسمه (تصحيح)، واستبدل رئيس هيئة "الحشد الشعبي" فالح الفياض اسم كتلته إلى (حقوقيون)، وأن النائب السابق والقيادي بالمجلس الإسلامي الأعلى، بيان جبر صولاغ، شكل كتلة باسم (إنجاز)، أما القيادي بحزب "الدعوة" والوزير السابق، محمد شياع السوداني، فقد شكل كتلة (الفراتين)، وشكل النائب السابق عبد الحسين عبطان كتلة (وعي)، بينما شكل أعضاء في "تيار الحكمة" بزعامة عمار الحكيم كتلة أطلق عليها "المستقبل".
ولفت إلى أن "تحالفات المالكي والعامري والصدر، بصدد تحديد أسماء جديدة لها"، مبيناً أن "أغلب القوى ترفض خوض الانتخابات بأسمائها السابقة".
وأشار إلى أن "المفوضية تتعاطى مع التسميات الجديدة بشكل اعتيادي، لا سيما أنها لا تنطوي على أية مخالفة قانونية، أما الجدل السياسي بشأن تلك التسميات فلا يدخل ضمن عمل المفوضية".
وتطوي الأسماء الجديدة على أسماء ومصطلحات من الواضح أنها تحاكي أو تقارب مطالب الشارع العراقي بعد تظاهرات أكتوبر/تشرين الأول الداعية للدولة المدنية، والمساواة واستبدال الوجوه التي فشلت طيلة السنوات السبع عشر الماضية في انتشال العراق من مآسيه اليومية.
النائب السابق، حامد المطلك، عد خطوة تلك القوى، عملية تزوير جديدة وتحايلاً على إرادة الشعب، من خلال تغيير الأسماء، وقال المطلك لـ"العربي الجديد"، إن "الفساد والتزوير شعار هذه الجهات، وهي تتخذ كل الأساليب لأجل البقاء في المشهد السياسي العراقي ومفاصل الدولة، يسرقون كما يريدون وينفذون أجنداتهم ومشاريعهم الشخصية ويستخدمون كل الأساليب التي يمكن استخدامها، والتي منها تغيير الأسماء، والنزول بالمشروع الواحد، وأن يحتالوا على مطالب الشعب العراقي من خلال ذلك، ليغلقوا الطريق أمام إمكانية وصول حكومة ينتخبها الشعب".
وعبّر عن خشيته أيضاً، من "أن يتجاوز هؤلاء حدود ذلك، وأن يتلاعبوا أيضاً بصناديق الاقتراع، بالتزوير وفرض الإرادات"، معبراً عن خيبة أمله بأن "يكون هناك تغيير في شكل العملية السياسية العراقية. ستكون الانتخابات عبارة عن تدوير وجوه لا غير، لاسيما أن هناك عقبات كثيرة أمام إجراء الانتخابات، منها عقبات قانونية كقانون المحكمة الاتحادية الذي لم يقر بعد".
وشدد على أن "تغيير الوجوه التي أضرت بالعراق هو أمر مهم للغاية، لكنّه صعب التحقيق في ظل هذا التحايل، هناك الكثير من المزورين، ومن أصحاب الشهادات المزورة، وغيرهم من الفاسدين لم تتم محاسبتهم، وهؤلاء بالتأكيد سيخوضون الانتخابات مجدداً في ظل هذه الظروف"، معبراً عن أسفه لأن "دماء المتظاهرين ستذهب سدى".
النائبة عن الاتحاد الوطني الكردستاني، آلا طالباني، عبرت عن إحباطها إزاء ذلك، وقالت لـ"العربي الجديد"، إن "التغيير المنشود في الانتخابات المقبلة أمر صعب التحقيق، وأنه يحتاج الى إرادة قوية"، مبينة أن "دخول تلك القوى السياسية بعناوين ومسميات جديدة، هو أمر طبيعي، لا سيما أن تلك القوى خسرت قاعدتها الشعبية، وأيقنت أنها ستخسر في الانتخابات، ما دفعها إلى تغيير أسمائها".
وأشارت إلى أن "الاحتجاجات التي طالبت بالإصلاح لم تحقق أكثر من تغيير قانون الانتخابات، وقانون مفوضية الانتخابات، ودفعت باتجاه الانتخابات المبكرة، هي أمور إيجابيةـ لكنّ التغيير والإصلاح لم يتحققا، وهذا لا يأتي بخطوة واحدة"، وتابعت: "نحتاج إلى أن تكون إدارة الدولة بيد ناس ذوي كفاءة ويسعون لصالح الشعب، أما تكرار وتدوير الوجوه فإنه سيكون سلبياً على العراق".
وأشارت إلى أن "القوى الخارجية لها تأثير كبير على العراق، من خلال دعمها القوى الداخلية في الوصول مجدداً إلى سدة الحكم في البلاد، وهذا أمر واضح وموجود في العراق"، مبينة أن "كيانات كثيرة ستسجل لخوض الانتخابات وبأسماء وعناوين مختلفة".
إصرار تلك القوى المتنفذة في البلاد، على خوض الانتخابات، واستخدام كافة وسائلها لتحقيق هذا الهدف، فتح الباب أمام كثير من الاحتمالات الواردة بشأن انعكاس ذلك على الملف الأمني والسياسي في البلاد.
وقالت النائبة عن محافظة نينوى، إخلاص الدليمي، إن "نتائج الانتخابات إذا أجريت فستكون أسوأ من انتخابات 2018"، مبينة في تصريح صحافي، أن "نينوى قد تشهد اقتتالاً بين الأحزاب في حال شهدت إجراء الانتخابات في موعدها المحدد، لا سيما مع عدم تنفيذ الحكومة لبرنامجها الحكومي، وعدم سيطرتها على ملف السلاح المنفلت وإبعاد تأثيره على صناديق الاقتراع، فضلاً عن عدم إعادة النازحين إلى مناطقهم".
ووفقاً لمصادر غير رسمية، فإن عدد الأحزاب والتكتلات السياسية المسجلة التي قدمت أوراق تسجيلها بشكل وإشهارها رسمياً للمشاركة أكثر من 400 حزب وتكتل سياسي تم ترخيص نحو 250 منها، بينما لا تزال الإجراءات القانونية جارية لاستكمال تسجيل المتبقي منها، إذ تستعد جميعاً للتسجيل في قائمة التكتلات الراغبة بخوض الانتخابات، ليصبح نحو ضعف ما تم تسجيله في انتخابات عام 2018، والتي شهدت مشاركة 204 أحزاب وتكتلات سياسية.