كشفت مصادر عسكرية عراقية، اليوم الثلاثاء، عن قرار تمديد حالة التأهب الأمني بالعاصمة بغداد، حتى العشرين من الشهر المقبل، وذلك في مؤشر جديد على تعثر مهمة اخضاع المليشيات المسلحة الحليفة لإيران لإرادة الدولة، وضبط تهديداتها باستهداف المصالح الأميركية في البلاد.
وشهدت الساعات الماضية استهداف رتل تابع لـقوات التحالف الدولي، في بلدة الديوانية جنوبي العراق، أدى لإعطاب إحدى شاحنات الرتل التي كانت تحمل مواد غير عسكرية لصالح معسكر للتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة.
وتنفذ القوات العراقية منذ ثمانية أيام عملية انتشار عسكرية واسعة، للآلاف من عناصر الأمن بمحيط المنطقة الخضراء في بغداد، والأحياء السكنية التي تنشط فيها الجماعات المسلحة، عبر دوريات راجلة وحواجز تفتيش ونقاط مراقبة عدا عن طيران مسير لأغراض المراقبة، في مسعى منها لمنع أي اعتداء صاروخي جديد يطاول السفارة الأميركية أو مطار بغداد حيث تتواجد قوة مهام عسكرية تابعة لقوات التحالف الدولي.
وبحسب مسؤول عسكري عراقي في قيادة عمليات بغداد، فإنّ السلطات قررت الإبقاء على حالة التأهب وعملية الانتشار الأمني الحالية حتى العشرين من الشهر المقبل، "مع الاستمرار بعمليات الرصد والمتابعة لأي أنشطة خارجة عن القانون"، في إشارة منه لتحركات فصائل مسلحة موالية لإيران في بغداد.
وأضاف المسؤول الذي فضّل عدم الكشف عن هويته، أنه تم تفعيل نظام العقوبات لكل مسؤول أمني تشهد منطقته التي يشرف عليها أي خرق أمني في هذا الإطار.
ويتحدث مسؤولون عراقيون عن خشية من رد فعل عسكري أميركي في حال تكرار عملية قصف السفارة الأميركية ببغداد، التي شهدت الأسبوع الماضي قصفاً واسعاً بـ21 صاروخ "كاتيوشا" تمكنت منظومة الصواريخ الأميركية الموجودة في حرم السفارة من إسقاط معظمها.
وأوضح المسؤول لـ"العربي الجديد"، أنّ "عناصر الأمن نفذت حملات تفتيش ليلية في عدد من المناطق شرقي العاصمة (مناطق نفوذ المليشيات)، عبر حواجز أمنية متحركة فيها".
وأمس الإثنين، نقلت وكالات أنباء عراقية محلية، عن مصادر أمنية قولها إنّ مليشيا مسلحة نقلت صواريخ من طراز "كراد"، إلى مناطق شرقي بغداد، بهدف استهداف المنطقة الخضراء ليلة رأس السنة.
وترفض الحكومة ضغوطاً تمارسها قوى سياسية، مرتبطة بالفصائل المسلحة، من خلال نوابها في لجنة الأمن البرلمانية، تدفع باتجاه إناطة مهمة ملف ملاحقة واعتقال مطلقي صواريخ الـ"كاتيوشا"، إلى "الحشد الشعبي".
وقال عضو لجنة الأمن البرلمانية، النائب عن "ائتلاف دولة القانون"، كاطع الركابي، إنه "لم يصدر حتى الآن توجيه من قبل رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي أو قيادة العمليات المشتركة بتكليف الحشد بهذه المهمة"، موضحاً، في تصريح، أنّ "القوات الأمنية العراقية تحتاج إلى توجيهات من قبل الكاظمي لضبط الشارع". وشدد على أن "الملف يحتاج إلى قيادة مركزية وصحيحة من قبل الكاظمي".
على الجانب الآخر، حمّلت قوى سياسية، الحكومة مسؤولية إدارة الملف الأمني بالعاصمة، داعية إياها إلى ضبط الملف، ومحاسبة الجهات المتمردة على القانون.
"تحالف النصر" الذي يتزعمه رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، عدّ "حماية البعثات الدبلوماسية جزءاً من التزامات الدول وواجباتها، وفقاً للقانون الدولي والمسؤولية الأخلاقية"، وقال، في بيان صحافي، إنّ "هناك ضرورة لحصر السلاح بيد الدولة واتخاذ إجراءات حازمة أمام التدخلات الخارجية".
وحذّر، جميع الأطراف الإقليمية والدولية من "تحويل العراق إلى ساحة حرب مفتوحة"، مشدداً "يجب على جميع القوى الامتثال لمنطق الدولة والاحتكام إلى شرعيتها، وإن أي تصرف خارج إرادة مؤسسات الدولة هو خروج عن القانون وتمرد على الدولة وشرعيتها ومصالحها".
إلى ذلك، بدت تأثيرات الإجراءات الأمنية واضحة على حركة السير والمرور في أغلب مناطق العاصمة، والتي أبدى مواطنوها تذمراً من الاختناقات المرورية في الشوارع، والتي حالت دون وصولهم إلى محال عملهم.
وقال حاتم السعدي، وهو أحد أهالي العاصمة بغداد، إنّ "الإجراءات الأمنية انعكست على حياة المواطنين، إذ تسببت باختناقات مرورية منذ يومين، ما حال دون إمكانية وصول المواطنين إلى أعمالهم"، مبيناً لـ"العربي الجديد"، أنّ "المواطن فضلاً عن حالة القلق التي يعيشها بسبب الارتباك الأمني، يتحمّل نتيجة تلك الإجراءات".
ودعا السعدي الحكومة إلى منح "عطلة رسمية لبعض الدوائر، خلال هذه الأيام للتخفيف من حركة السير والمرور".
يجري ذلك بالتزامن مع قرب حلول الذكرى السنوية الأولى لمقتل قائد "فيلق القدس" الإيراني الجنرال قاسم سليماني، والقائد العسكري لفصائل "الحشد الشعبي" أبو مهدي المهندس، والتي تثير مخاوف من هجمات قد تقدم عليها الفصائل المسلحة المرتبطة بإيران.