مع رفع البنتاغون خطته الشاملة ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) إلى الرئيس الأميركي دونالد ترامب ودخول معركة تحرير الموصل من التنظيم مرحلة متقدّمة، عاد العراق بعد غياب طويل إلى شاشة رادار الاهتمامات في واشنطن. صدور الخطة ضمن مهلة الشهر التي حددها الرئيس الأميركي (طلب ترامب من وزارة الدفاع إعدادها في 28 يناير/كانون الثاني الماضي)، جعلها تبدو وكأنها تتسم بطابع العجلة، لكنها في الواقع غير ذلك، فهي ما زالت مشروع خطة قابلة للتعديل، بانتظار ما تنتهي إليه المواجهة في الموصل وبعدها في الرقة والتي توقعت القيادة الأميركية في العراق حسمها على الجبهتين في غضون ستة أشهر.
لكن مثل هذا التبسيط الاستفزازي أثار الكثير من التأفف والدهشة حتى داخل الإدارة، خصوصاً من جانب الذين ينظرون بارتياب كبير إلى إيران ودورها وتطلعاتها في المنطقة، وتحديداً في العراق. ويأتي على رأس هؤلاء ماتيس المعروف بتوجسه الدائم من نوايا طهران. التعامل مع العراق بهذا الشكل، يعزز وضع إيران فيه ويدفع بغداد إلى الارتماء بأحضان جارتها أكثر فأكثر. وربما كان أحد أهداف زيارة ماتيس إلى بغداد العمل على إحباط مثل هذا الاحتمال من خلال تطمين القيادة العراقية بأن الرحيل الأميركي عام 2011 لن يتكرر.
لكن مثل هذا التطمين يرى مراقبون أنه ليس بالأمر السهل بعد الذي سمعته بغداد من ترامب والذي لا بدّ أن توظفه طهران لزيادة ضغوطها وبالتالي هيمنتها على الحكومة العراقية في ترتيب الأوضاع بعد الموصل، خصوصاً أن إيران شاركت بشكل أو بآخر في معركة هذه الأخيرة من غير ممانعة أميركية. والخشية في هذه الحالة من أن يؤدي ذلك إلى إشعال الفتيل المذهبي مرة أخرى وبما يؤدي إلى تفريخ قوى متطرفة من جديد. في بعض القراءات أن الوزير ماتيس "أسقط هذا الاحتمال" خلال زيارته إلى بغداد، بإشارته إلى البقاء لمدة غير قصيرة في العراق. لكنه بقاء غير مضمون لأن ترامب قد لا يذهب إلى أبعد مما ذهب إليه أوباما في التعامل مع إيران بالعراق.