تتوجه الفصائل العراقية المسلحة نحو تصعيد عملياتها ضد القواعد والمعسكرات الأميركية، رداً على عملية اغتيال أبو باقر الساعدي أحد أبرز قيادات كتائب "حزب الله" العراقية واثنين من مساعديه، الليلة الماضية، في منطقة المشتل، جنوب شرقي العاصمة بغداد.
وأقرّت القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم)، في بيان لها، بتنفيذ "ضربة في العراق رداً على الهجمات على أفراد الخدمة الأميركية، ما أسفر عن مقتل قائد كتائب حزب الله المسؤول عن التخطيط المباشر والمشاركة في الهجمات على القوات الأميركية في المنطقة"، مؤكدة أنه "لا توجد مؤشرات إلى وقوع أضرار جانبية أو خسائر في صفوف المدنيين في هذا الوقت".
واليوم الخميس، قال مصدران مقربان من فصائل مسلحة في بغداد، تحدث كل منهما على انفراد مع "العربي الجديد"، وتطابقت معلوماتهما، إنّ اجتماعاً عقد صباح اليوم في بغداد وضم ممثلين لقادة فصائل وممثلين عنها، لبحث الهجوم الأميركي الجديد.
وذكر أحد المصادر أن "أغلب المجتمعين اتفقوا على ضرورة الرد"، فيما قال الآخر إنّ "الجو العام يُرجّح كفة قرار الرد العسكري على الهجوم الأميركي الجديد"، مؤكداً أنّ اثنين من قادة الفصائل شاركوا في المباحثات عبر الإنترنت لعدم وجودهم في بغداد.
كما أكد أن الحديث في هذه المباحثات كان حول "إنهاء التهدئة والرد السريع على الهجوم، وإلغاء التسوية السابقة التي اتفقت عليها الفصائل مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني قبل أيام لإيقاف استهداف الأميركيين داخل العراق".
وتحدث المصدر الأول عن أن الساعات المقبلة ستحدد صورة الوضع الأمني في العراق من قرار الفصائل ومباشرتها بالهجمات على القواعد الأميركية، مشيرًا إلى وجود "ضغوطات وتحرك للسوداني مع عدد من قادة الإطار التنسيقي للضغط على تلك الفصائل لمنع أي تصعيد لها ضد الجانب الأميركي، لمنع تفادي رد جديد".
وأشار إلى أن "الأوضاع متشنجة جداً ما بين عدد من قادة الفصائل والسوداني، مع عدم وجود تسوية أو تهدئة جديدة متفق عليها حتى الساعة".
"الإطار التنسيقي": استهداف الساعدي يتنافى مع مهام قوات التحالف
وقال "الإطار التنسيقي" الحاكم في العراق، الذي يجمع الكتل والأحزاب القريبة من طهران، في بيان، اليوم الخميس، إنّ "ما حدث من استهداف للشهيد أبو باقر الساعدي في منطقة مكتظة بالسكان يتنافى ويتقاطع مع المهام المحددة لقوات التحالف والمنحصرة بمحاربة التنظيمات الإرهابية في مناطق تواجدها، بل ونعدّه انتقاماً دموياً من قادة واجهوا الإرهاب بقوة".
وحذر "من الاستمرار بهذه الهجمات لأنها ستفتح الباب لهجمات مضادة"، كما شدد على ضرورة مواصلة الجهود الحكومية لإنهاء مهام التحالف الدولي بقيادة واشنطن، لـ"إنهاء مسلسل الاعتداءات العدوانية، والحفاظ على سلامة وأمن المواطنين".
انهيار التهدئة
إلى ذلك، أعرب المحلل السياسي والأمني أحمد الشريفي، لـ"العربي الجديد"، عن توقعه بأن يكون هناك رد فعل عسكري للفصائل العراقية على عملية اغتيال أحد أبرز قيادات كتائب "حزب الله"، قائلاً "نعتقد أن أي تسوية وتهدئة قد حصلت خلال الأيام الماضية، انهارت مع عملية الاغتيال".
وبيّن الشريفي أن "رد الفصائل المسلحة على اغتيال الساعدي، وإلحاق أضرار بشرية بالجانب الأميركي، سيدفع الولايات المتحدة لتنفيذ عمليات رد جديدة بقصف مقرات واغتيال، لكن الخشية أن عمليات الاغتيال قد تطاول قادة الخط الأول في الفصائل والحشد الشعبي، ولن تكتفي باغتيال القادة الميدانيين فقط".
وأضاف أنّ "الحكومة العراقية تعمل وتضغط لمنع أي تصعيد من قبل الفصائل ضد الجانب الأميركي حالياً، إذ إن التصعيد يحوّل العراق إلى ساحة صراع واشتباك مباشر ما بين الأميركيين والفصائل.. هنا العراق سيدخل بمرحلة خطيرة جداً وستكون العواقب كبيرة ولهذا السوداني وحتى قادة الإطار يدركون خطورة ذلك وهم يضغطون بما لا يقبل الشك لتهدئة الفصائل مجدداً".
وحذر المتحدث العسكري باسم رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، في وقت سابق، من اليوم الخميس، من أنّ التحالف الدولي تحوّل إلى عامل عدم استقرار للعراق، ويهدد بجرّ العراق إلى دائرة الصراع، مؤكدًا أن تكرار هجماته التي كان آخرها اغتيال قيادي في كتائب "حزب الله"، ليل أمس الأربعاء، "من شأنه تقويض التفاهمات والحوار الثنائي مع واشنطن".