العراق: عدم ممانعة ايرانية لتولي الكاظمي ولاية ثانية

12 يناير 2022
نجح الكاظمي بإدارة ملف الحوار السعودي الإيراني (دان كيتوود/Getty)
+ الخط -

ترتفع حظوظ رئيس الحكومة العراقية المنتهية ولايتها مصطفى الكاظمي للعودة إلى رئاسة الحكومة، كما تكشف مصادر سياسية عراقية مطلعة لـ"العربي الجديد"، مؤكدة أن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر يرى في الكاظمي مرشحاً وسطياً مقبولاً من أغلب الأطراف السياسية، وأنه ناجح في إدارة مؤسسات الدولة.

وتتقاطع هذه المعلومات مع تأكيد مصادر أخرى لـ"العربي الجديد"، أن إيران "أصبحت في الأيام الأخيرة تميل إلى حد ما للموافقة على تمديد ولاية الكاظمي لمنع الصدر من التفرد في ترشيح من يريده"، بعد المصادقة على نتائج الانتخابات النيابية، وفي ظل تراجع تأثير القوى الحليفة لها في ترشيح شخصية توافقية لرئاسة الوزراء.

وقالت المصادر إن "هذه الرغبة الإيرانية تأتي انطلاقاً من قناعة جديدة بأن العمل مع الكاظمي، المعروف والحذر في توجهاته وسياساته، أفضل من شخص جديد غير مجرب يختاره الصدر ويمكن أن يسبّب أزمة في العلاقات ويتخذ خطوات غير محسوبة العواقب داخلياً وخارجياً".

ورجحت أن تكون عملية انتخاب رئيس البرلمان العراقي ونائبيه، يوم الأحد الماضي، "قد عززت هذه القناعة لدى طهران للموافقة على تمديد ولاية الكاظمي".

قناعة جديدة لدى إيران بأن العمل مع الكاظمي المعروف، أفضل من شخص جديد غير مجرب يختاره الصدر

"الإطار التنسيقي" يرفض مصطفى الكاظمي

على الرغم من ذلك، لا يزال "الإطار التنسيقي" الذي يضم القوى الحليفة لإيران على موقفه المعلن من رفض تجديد ولاية الكاظمي.

وقال القيادي في "الإطار التنسيقي" سعد السعدي، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، إن "جميع قوى الإطار وقوى سياسية خارجه ترفض اختيار مصطفى الكاظمي لولاية ثانية على رأس الحكومة خلال المرحلة المقبلة، خصوصاً أن الكاظمي وحكومته كانا سبباً في تفاقم الكثير من الأزمات لا حلها، وتحديداً ما يتعلق بالجانب الاقتصادي".

وأضاف السعدي أن "اختيار رئيس الوزراء الجديد سيتم عبر توافق واتفاق كل القوى السياسية الشيعية، ولا يمكن لأي جهة أن تفرض رأيها على غالبية آراء القوى السياسية الأخرى، فهذا الموضوع يختلف تماماً عن ملف تسمية رئيس البرلمان ونائبيه".

وشدد على أن "قوى الإطار التنسيقي لن تسمح بتكرار ما حصل في جلسة اختيار هيئة رئاسة البرلمان العراقي في عملية اختيار رئيسي الجمهورية والوزراء وحتى أعضاء الكابينة الوزارية، فهذه القضايا لا تحل إلا من خلال اتفاق وتوافق كل القوى على الأسماء المرشحة، ومن دون ذلك لن يمر أي مرشح تحت قبة البرلمان".

كما اتهم النائب عن "الإطار التنسيقي" علي تركي الجمالي حكومة الكاظمي برفع معدلات الفقر في العراق وتجاوزها نسبة 30 في المائة. وقال في تصريح صحافي، إن "أحد أهم أسباب ارتفاع نسبة الفقر والبطالة في العراق، هو قرار رفع سعر صرف الدولار مقابل الدينار العراقي الذي اتخذته حكومة الكاظمي".

وأضاف الجمالي أنه "من غير المبرر للحكومة الإبقاء على خفض سعر الدينار العراقي مقابل الدولار، لا سيما مع ارتفاع أسعار النفط وتحقق عائدات مالية جيدة"، مشدداً على أن "كل تلك الإجراءات الحكومية زادت حالة الركود الاقتصادي في البلاد، وبدت آثارها السلبية قائمة على شريحة الفقراء تحديداً".

وأشار إلى أن "حكومة تصريف الأعمال تتحمّل مسؤولية ارتفاع نسبة الفقر، خصوصاً في محافظات الوسط والجنوب"، معتبراً قرارات الحكومة "متخبطة وتثقل كاهل الفقراء بمزيد من المصاعب".

مقتدى الصدر يؤيد مصطفى الكاظمي

وتأتي هذه التطورات فيما لم يكشف التيار الصدري رسمياً عن مرشحه لتشكيل الحكومة الجديدة. وأجرى الكاظمي، قبل أيام من الجلسة الأولى للبرلمان الجديد التي عُقدت الأحد الماضي، زيارة رسمية إلى النجف، حيث التقى الصدر، وبحث معه عدداً من الملفات السياسية المهمة، ومنها شكل الحكومة الجديدة.

ومع تسارع الأحداث عقب جلسة البرلمان الجديد الأولى، وما رافقها من بروز محاور سياسية جديدة، يبدو أن فرص الكاظمي تعززت، لا سيما مع تأييده من قبل قوى متحالفة مع الصدر.


نائب سابق في التيار الصدري: الصدر يرى أن الكاظمي مرشح توافقي يحظى بقبول واسع داخلياً وخارجياً

وقال نائب سابق في التيار الصدري، فضّل عدم الكشف عن اسمه، لـ"العربي الجديد"، إنه "لا يوجد تحفظ لدى الصدر على تولي الكاظمي ولاية حكومية جديدة"، مبيناً أن "الصدر يرى أن الكاظمي مرشح توافقي يحظى بقبول واسع داخلياً وخارجياً، وأن حلفاء التيار (تحالف تقدم برئاسة محمد الحلبوسي) و(الحزب الديمقراطي الكردستاني) يرغبون بتجديد الولاية له".

وشدد على أن "التيار لم يُقدّم بعد أي مرشح للمنصب، لكن هناك بعض الأسماء البارزة من قيادات التيار مؤهلة للمنصب"، إلا أنه استدرك بأن "الصدر، وهو صاحب القرار الأول والأخير في الاختيار، يعلم أن تقديم الكاظمي سيساهم في تقوية حلف التيار مع الكتل الأخرى، وهذا ما يسعى إليه الصدر، لا سيما أن هناك فجوة كبيرة بين التيار الصدري والإطار التنسيقي، ما يحتم على الصدر احتواء التحالفات الأخرى القريبة منه".

من جهته، أكد النائب المستقل حسين عرب، لـ"العربي الجديد"، أن "حظوظ الكاظمي كبيرة لشغل ولاية جديدة، وهو حاز خلال فترة شغله رئاسة الحكومة على قبول ودعم أطراف سياسية مهمة، ومن بينها الأكراد والسنّة، وبعض القوى الأخرى".

ورأى عرب أن "نجاح الكاظمي في إدارة الدولة في مرحلة حساسة من عمرها، وتحديداً في ملف التمهيد للانتخابات البرلمانية وإجرائها، وإدارة الملف الاقتصادي، والملف الخارجي والعلاقات الدولية للعراق، والحضور الدولي والإقليمي، ليصبح العراق دولة فاعلة ومؤثرة في المنطقة، فضلاً عن ملفات أخرى، كل ذلك جعله أمام فرصة كبيرة اليوم للحصول على ولاية جديدة".

وربط مختصون في الشأن السياسي العراقي بين تجديد ولاية رئيس البرلمان محمد الحلبوسي وإمكانية التجديد للكاظمي. وقال الخبير في الشأن السياسي العراقي أحمد الشريفي، لـ"العربي الجديد"، إن "تجديد ولاية الحلبوسي فتح الباب أمام الكاظمي للفوز بولاية ثانية أيضاً".

وأكد الشريفي أن "الكاظمي يعد من أبرز المرشحين لمنصب رئاسة الوزراء من قِبل الصدر، وأنه بهذه الأغلبية يمكن له تمريره في البرلمان بكل أريحية، حتى لو كانت قوى الإطار معترضة على هذا الترشيح، كما اعترضت على إعادة تجديد ولاية الحلبوسي".

واعتبر أن "ما حدث في جلسة التصويت على هيئة رئاسة البرلمان الجديد، وتمرير أعضاء الهيئة بالأغلبية البرلمانية المطلقة، سيدفع مقتدى الصدر إلى الإصرار على تشكيل حكومة أغلبية والتمسك بها، من دون مشاركة كل القوى السياسية الشيعية فيها".

ونجح الكاظمي بإدارة ملفين حساسين يهمان الجانب الإيراني، إذ لعب دوراً مهماً وغير مسبوق بملف فتح الحوار بين إيران والسعودية، واستطاع أن يرعى جولات للحوار المشترك بينهما، ومهد لجولة جديدة ستجرى قريباً في بغداد.

كما أنه نجح بإخراج القوات القتالية التابعة للتحالف الدولي من العراق، بعد عدة جولات حوارية أجراها مع واشنطن، وتحويل مهامها إلى مهام الاستشارة والتدريب فقط.

المساهمون