العراق: صراع سياسي يعرقل تشكيل مجالس ثلاث محافظات

26 فبراير 2024
يتعثر تشكيل مجالس المحافظات الثلاث رغم مرور أكثر من 70 يوماً على الانتخابات (Getty)
+ الخط -

رغم مرور أكثر من 70 يوماً على إجراء الانتخابات المحلية في العراق، ما زالت محافظات ديالى وكركوك وصلاح الدين بلا مجالس محلية بخلاف محافظات أخرى استكملت استحقاقاتها.

وتتواصل في المحافظات الثلاث خلافات بين القوى السياسية على تسمية المحافظ ورئيس المجلس والمناصب التنفيذية الأخرى فيها، ما دفع رئيس الوزراء محمد شياع السوداني للتدخل لحل الأزمة وتقريب وجهات النظر.

ولم تحسم نتائج الانتخابات المحلية في العراق الكفة لأي كتلة سياسية في المحافظات الثلاث ذات النسيج القومي والمذهبي المتنوع، وهو ما زاد تعقيد التوافق على تشكيل حكوماتها.

ويقول عضو التحالف الحاكم في العراق (الإطار التنسيقي)، عائد الهلالي، لـ"العربي الجديد"، إنّ الخلافات في محافظة كركوك تدور ما بين القوى العربية والقوى الكردية، موضحاً أنّ "كل طرف يريد الحصول على منصب المحافظ، وهناك صعوبة تشكيل أي حكومة دون توافق، بسبب عدم امتلاك أي طرف أغلبية مقاعد مجلس المحافظة، التي تمكنه من عقد الجلسة والتصويت على الحكومة المحلية".

ويدور الخلاف على منصب المحافظ في ديالى ما بين كتلتي "بدر" بزعامة هادي العامري، وكتلة "العصائب" بزعامة قيس الخزعلي، إذ ترفض الأخيرة تجديد ولاية المحافظ الحالي مثنى التميمي، بينما تصر الأولى على ترشيحه، ما سبّب خلافاً حاداً وعرقل تشكيل مجلس المحافظة، وفقاً للهلالي.

وأضاف الهلالي أن "تأخر تشكيل مجلس صلاح الدين يختلف عما يجري في ديالى وكركوك، فالمرشح لمنصب المحافظ أحمد عبد الجبوري يواجه تهماً سابقة، ما دفع رئاسة الجمهورية إلى عدم المصادقة عليه، وهذا الأمر دفعه إلى سحب ترشيحه، كما سيكون هناك تفاوض مع الإطار التنسيقي من جديد لتشكيل حكومة صلاح الدين، فلا يمكن التفرد بهذا الأمر من قبل جهة سياسية، حتى لو كانت تملك الأغلبية داخل مجلس المحافظة".

وكشف المسؤول عن "حراك" يقوده رئيس الوزراء لحسم الخلافات التي تعرقل تشكيل الحكومات المحلية في المحافظات الثلاث.

وتتمتع مجالس المحافظات، التي أنشئت بعد احتلال العراق في عام 2003، بصلاحيات واسعة، على رأسها انتخاب المحافظ، ووضع ميزانيات الصحة والنقل والتعليم عبر موازنات مخصصة لها في الموازنة العامة، وإصدار التشريعات المحلية، بما يمكنها من إدارة شؤونها وفق مبدأ اللامركزية الإدارية، من دون أن يتعارض ذلك مع الدستور والقوانين الاتحادية التي تندرج ضمن الاختصاصات الحصرية للسلطات.

وقال عضو مجلس محافظة كركوك الجديد أحمد رمزي، لـ"العربي الجديد"، إن "كل الحوارات السابقة لم تنجح في التوصل لاتفاق بين الأطراف السياسية، ولا بوادر لحل الأزمة في القريب العاجل"، معرباً عن اعتقاده بأن الحل الأقرب هو أن تكون رئاسة الحكومة ومجلس المحافظة دورية ما بين كل الأطراف الفائزة بالانتخابات، وقال: "بخلاف ذلك صعب جداً تشكيل أي حكومة توافقية".

من جانبه، أشار عضو مجلس محافظة ديالى نزار اللهيبي، لـ"العربي الجديد"، إلى عدم توفر أي بوادر لولادة حكومة جديدة في المحافظة، وقال إنّ ما يعرقل ذلك هو الخلاف الشيعي - الشيعي على منصب المحافظ، مضيفاً: "نعتقد أن الحل للخروج من هذه الأزمة هو مرشح تسوية يكون من خارج قوى الخلاف والصراع، فلا يمكن الاستمرار بعرقلة تشكيل الحكومة المحلية، وهذا قد يدفع مجلس المحافظة إلى الدخول بخرق دستوري وقانوني تكون له تداعيات وتبعات".

وتعد جماعتا "بدر" و"العصائب" من أبرز مكونات تحالف "الإطار التنسيقي" الحاكم في العراق، إلا أنّ وجودهما في تحالف واحد لم يمنع صراعهما السياسي بشأن المناصب.

في المقابل، قال الباحث في الشأن السياسي أحمد الشريفي، لـ"العربي الجديد"، إن "الخلافات السياسية التي تشهدها كل من كركوك وديالى وحتى صلاح الدين، ربما يكون لها أثر على الوضع السياسي في بغداد وعلى الاستقرار الحكومي، ولهذا تحرّك السوداني هو تحرك لحل هذه الخلافات مع وساطات من قبل قادة آخرين في الإطار التنسيقي وعموم ائتلاف إدارة الدولة".

وبيّن الشريفي أنّ "الصراع في ديالى يؤكد الخلافات السابقة ما بين قوى الإطار التنسيقي حول المناصب، وما يحدث من خلاف في كركوك هو خلاف قومي أكثر مما هو سياسي، وهذا الأمر يصعب حله بخلاف أزمة ديالى التي يمكن حلها بضغوطات سياسية مختلفة".

وأضاف الباحث في الشأن السياسي أن "امتناع رئاسة الجمهورية عن المصادقة على أحمد الجبوري محافظاً لصلاح الدين لا يخلو من الأجندة السياسية والضغوطات"، وقال: "هذا الأمر اتخذ بحقه بسبب إهمال رأي الإطار التنسيقي وتهميشه له بتشكيل الحكومة المحلية، ولهذا حكومة صلاح الدين سوف يعاد تشكيلها من جديد بمشاركة الإطار، وربما الأمر يشهد صراعاً سياسياً لا يختلف كثيراً عن ديالى وكركوك".

وشهد العراق في 18 ديسمبر/ كانون الأول الماضي أول انتخابات محلية منذ عام 2013، في 15 محافظة، بنسبة مشاركة تجاوزت 41% (6 ملايين عراقي من أصل 26 مليون شخص يحق لهم التصويت).

المساهمون