العراق: حكومة السوداني باقية ولا انتخابات مبكرة

العراق: حكومة السوداني باقية ولا انتخابات مبكرة

09 مايو 2024
من الانتخابات التشريعية بالعراق، أكتوبر 2021 (مرتضى السوداني/الأناضول)
+ الخط -
اظهر الملخص
- تم الإعلان عن إجراء الانتخابات البرلمانية العامة في العراق بنهاية العام 2025، مع تراجع فكرة الانتخابات المبكرة، وذلك في ظل حكومة محمد شياع السوداني التي تركز على محاربة الفساد وتحظى بدعم تحالف الإطار التنسيقي.
- يوجد خلاف حول تعديل قانون الانتخابات، خاصة بشأن منع ترشح أصحاب المناصب العليا، مما يعكس التحديات في النظام السياسي العراقي والاختلافات بين القوى السياسية.
- الساحة السياسية العراقية تبقى مليئة بالتحديات والتغيرات المحتملة، مع استمرار الجدل حول مستقبل العملية السياسية والتوازنات بين مختلف القوى، بما في ذلك معارضة "التيار الصدري" للحكومة الحالية.

كشف القيادي في تحالف الإطار التنسيقي الحاكم في العراق حسن فدعم عن توافق بشأن إجراء الانتخابات البرلمانية العامة في البلاد بنهاية العام 2025، وهو ما يعني تلاشي فكرة إجراء انتخابات مبكرة في البلاد وفقاً لما جرى التوافق عليه عام 2022، قبيل تشكيل حكومة محمد شياع السوداني إثر انسحاب "التيار الصدري" من العملية السياسية. وجاء انسحاب "التيار الصدري" حينها احتجاجاً على حرمانه من تشكيل الحكومة على الرغم من تصدره نتائج الانتخابات التشريعية التي أجريت في أكتوبر/ تشرين الأول 2021، قبل أن يشكّل "الإطار التنسيقي" حكومة السوداني.

وتضمّن برنامج حكومة السوداني بنوداً كثيرة، ركّز بعضها على إجراء انتخابات مبكرة ومحاربة الفساد والسلاح المتفلت، وحصلت حكومة السوداني على ثقة البرلمان بموجبه في أكتوبر 2022. ويُعدّ مطلب إجراء انتخابات مبكرة من أبرز مطالب "التيار الصدري" بزعامة مقتدى الصدر، الذي طالب بها قُبيل تشكيل حكومة السوداني من قبل "الإطار التنسيقي"، وقبل اعتزال الصدر العمل السياسي (أغسطس/ آب 2022).

حكومة السوداني مستقرة

وقال القيادي في "الإطار التنسيقي" حسن فدعم، لـ"العربي الجديد"، إن "الانتخابات البرلمانية المقبلة ستجري في نهاية سنة 2025، وقبل ما يقارب شهرين من انتهاء عمر مجلس النواب، ولا نرى حالياً أي مبرر للذهاب نحو أي انتخابات مبكرة في ظل الاستقرار الحكومي والسياسي والنجاح الذي تقدمه حكومة السوداني، خصوصاً في ملف الخدمات". وأضاف فدعم: "لا توجد أي نيّة للذهاب نحو انتخابات مبكرة، وهذا الأمر لم يطرح بأي شكل من الأشكال خلال اجتماعات ائتلاف إدارة الدولة أو حتى اجتماعات الإطار التنسيقي". ووصف هذا الملف بأنه "متوافق عليه"، لكنه أكد في الوقت ذاته عدم وجود اتفاق لغاية الآن على تعديل قانون الانتخابات الحالي، بما فيه مسألة إضافة بند يمنع ترشيح أصحاب المناصب العليا في الدولة من رئيس الوزراء والوزراء وغيرهم للانتخابات البرلمانية.

حسن فدعم: الانتخابات البرلمانية المقبلة ستجري في نهاية 2025، وقبل ما يقارب شهرين من انتهاء عمر البرلمان

واعتبر أن السوداني مختلف عن سلفه مصطفى الكاظمي، لأن الأول "يملك حزباً (تيار الفراتين)، ولديه مشروع سياسي، ويعمل على خوض الانتخابات المقبلة، لكن لغاية الآن لم تُحسم قضية مشاركته ضمن قوى الإطار التنسيقي، إن كان مع جزء من تلك القوى أو بشكل منفرد، لكن الأكيد أن الإطار التنسيقي سيكون مرجعيته السياسية كحال باقي الأطراف التي دخلت الانتخابات بشكل منفرد ثم عادت إلى الإطار كخيمة جامعة للأطراف السياسية الشيعية"، على حدّ قوله. وفي شهر إبريل/ نيسان الماضي، كشف مقتدى الصدر عن تياره الجديد، الذي يحمل اسم "التيار الوطني الشيعي"، بعد قرابة عامين من اعتزاله العمل السياسي وسحب نوابه من مجلس النواب العراقي، بعدما كان متصدراً بـ74 مقعداً من مجموع 329 مقعداً، وهو ما اعتُبر تمهيداً للعودة إلى المشهد من خلال الانتخابات المقبلة.

من جهته، رأى الناشط السياسي المُقرب من "التيار الصدري" عصام حسين أن مسألة التوجه إلى انتخابات مبكرة ما زالت واردة حتى الآن ولم تنته. واعتبر في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "الصدريين ليس لديهم أي اهتمام بقضية التوجه نحو الانتخابات المبكرة أو استخدام الضغط الشعبي للدفع نحو خطوة كهذه، خصوصاً في ظل عدم وجود توازن في العمل السياسي". لكنه أكد أنه "إذا ما تضررت مصالح بعض الجهات والشخصيات السياسية المتنفذة، سيدخلون على خط المطالبة بالانتخابات المبكرة". وبيّن أن "قوى الإطار التنسيقي تعمل على تعديل قانون الانتخابات بهدف إلغاء الدوائر المتعددة والعودة إلى الدائرة الانتخابية الواحدة لكل محافظة"، لافتاً إلى أنه "رغم مشاركتهم بهذا القانون في انتخابات مجالس المحافظات الأخيرة، إلا أن نتائج انتخاباتهم في جميع المحافظات كانت هزيلة".

ويُعدّ "التيار الصدري" من أشد المعارضين لحكومة السوداني، وقد عطّل عمل البرلمان بعد إعلان ترشح الأخير لرئاسة الحكومة، عبر اقتحام أنصاره له واعتصامهم فيه لأكثر من شهر. وطالب التيار بحل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة، ثم انسحب من البرلمان باستقالة جماعية، على الرغم من أن نوابه كانوا الأكثر عدداً في المجلس.

تأييد ضعيف للانتخابات المبكرة

وقال ثائر الجبوري، النائب العراقي عن كتلة "دولة القانون" بزعامة نوري المالكي، أمس الأربعاء، لصحيفة عراقية، إنه "لا يوجد نائب في مجلس النواب يؤيد إجراء انتخابات مبكرة على الرغم من أنها واحدة من الأمور التي اتُفق عليها في تحالف إدارة الدولة مع تشكيل حكومة السوداني"، مبيناً أن "هناك مستجدات حدثت أدت إلى تعطيل إجرائها". وأضاف أن "الخطوات التي يسير فيها رئيس الحكومة تدفع الكتل السياسية إلى إكمال حكومة السوداني دورتها القانونية".

من جهته، اعتبر رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري أن تصريحات حسن فدعم بشأن التوافق على انتخابات نهاية عام 2025 المقبل "مبكرة جداً". وأضاف الشمري في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "مسألة حسم عدم الذهاب نحو انتخابات مبكرة من الآن مبكرة بحدّ ذاتها، فالوقت ما زال طويلاً (عام ونصف العام تقريباً)، والأزمة داخل الإطار التنسيقي لم تظهر بشكل واضح، مقابل ذلك قد نشهد تحركاً ومطالبات من قبل التيار الصدري والمعارضين للحكومة (بتبكير الانتخابات)، ولهذا فإن جميع السيناريوهات مفتوحة وواردة، وقد تطرح فكرة الانتخابات المبكرة في لحظة تصادم المصالح".

لا يوجد بعد اتفاق داخل "الإطار التنسيقي" على تعديل قانون الانتخابات الحالي

وبيّن الشمري أن "التوجه نحو انتخابات برلمانية مبكرة لا ترتبط بقضية أداء حكومة السوداني بقدر ما أنها ستكون للخروج من أزمة، خصوصاً أن قوى الإطار التنسيقي الحاكم تعاني من أزمة وخلافات داخلية، وكذلك القوى السياسية السنّية بما يتعلق بمنصب رئيس البرلمان وحتى القوى الكردية، ولهذا فإن الأزمة السياسية داخل المكونات السياسية قد تدفع نحو هذه الانتخابات". وقال إن سعي بعض الأطراف السياسية لتعديل قانون الانتخابات وإضافة فقرة تمنع ترشح أي مسؤول إلا بعد تقديم استقالته بستة أشهر من موعد العملية الانتخابية، سببه حسب رأيه "توظيف موارد الدولة في الانتخابات".

وشهد العراق بعد سنة 2003 خمس عمليات انتخاب تشريعية، أولها في عام 2005 (قبلها أجريت انتخابات الجمعية الوطنية التي دام عملها أقل من عام)، وآخرها في أكتوبر 2021، حيث اعتمدت كل الدورات الانتخابية قانون الدائرة الواحدة لكل محافظة، وفق آلية سانت ليغو، باختلاف فارق القاسم الانتخابي للأصوات بين 1.7 و1.9، وهي طريقة حساب رياضية تتبع في توزيع أصوات الناخبين، تجعل حظوظ الكيانات السياسية الكبيرة تتصاعد على حساب المرشحين الأفراد والكيانات الناشئة والصغيرة، وهو ما يدفع تلك الكيانات إلى السعي للتجمع وتشكيل تحالفات كبيرة تضمن الفوز. إلا أن الانتخابات البرلمانية المبكرة في عام 2021 أُجريت وفق الدوائر المتعددة، بعد ضغط كبير من الشارع والتيار الصدري لإجراء هذا التعديل، الذي كان يعارضه الإطار التنسيقي. وفي مارس/ آذار 2023، صوّت البرلمان العراقي على قانون التعديل الثالث لقانون الانتخابات، الذي أعاد اعتماد نظام الدائرة الواحدة لكل محافظة، مع صيغة سانت ليغو النسبية (بفارق 1.7).