نقلت وسائل إعلام في إقليم كردستان العراق، عن مسؤولين ومصادر أمنية في مدينة السليمانية، ثانية كبرى مدن الإقليم، أن حزب العمال الكردستاني المعارض لأنقرة والذي ينشط داخل العراق ضمن مناطق حدودية مع تركيا ويتخذها منطلقا لأنشطة مسلحة له، أسس تنظيما سياسيا جديدا يضم أكراداً أتراكاً.
ورغم أن العلاقة متوترة بين حزب العمال الكردستاني وأربيل، فإن الحزب وجناحه المسلح يرتبطان بعلاقات مع حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، بزعامة بافل الطالباني، وهو الحزب النافذ في السليمانية وضواحيها، ويرتبط بعلاقات واسعة مع القوى الحليفة لإيران في بغداد.
ونقلت وكالة "باسنيوز"، الإخبارية المقرّبة من حكومة إقليم كردستان في أربيل، معلومات جديدة حول تأسيس حزب العمال الكردستاني في مدينة السليمانية، تنظيماً جديداً يضم مجموعة من أكراد تركيا، يقودها رجل يُدعى (خبات أندوك).
وبحسب المعلومات التي أوردتها الوكالة، فإن حزب العمال الكردستاني قد أسس مجموعة سياسية شبيهة بالحزب في السليمانية، أطلق عليها تسمية (ميزوبوتاميا)، تتكون من عناصر تابعة للحزب المسلح، وتنشط في مناطق نفوذ الاتحاد الوطني الكردستاني، بزعامة بافل الطالباني.
وقالت الوكالة إن المجموعة تضم أيضًا كبار سن يعملون كسبة في بعض الأماكن في السليمانية، ويقومون بتوزيع منشورات وكتب حزب العمال الكردستاني في السوق والمكتبات.
كما أشارت الوكالة إلى أن الجماعة تحاول تجنيد مراهقين ومراهقات في بعض المدارس، لأخذهن إلى سلسلة جبال قنديل، المعقل الرئيسي لحزب العمال الكردستاني، الواقعة في المثلث العراقي الحدودي مع إيران وتركيا. ووفقا للوكالة ذاتها، فإن الجماعة الجديدة تسعى لأن تكون بديلا عن "حركة الحرية".
هل تزداد العلاقة بين تركيا والوطني الكردستاني توتراً؟
ومن شأن هذه الخطوة أن توتّر العلاقة أكثر بين تركيا والاتحاد الوطني الكردستاني في السليمانية، الذي يواجه أساسا تهم إيواء ومساعدة قيادات وأعضاء الحزب المصنّف على لائحة الإرهاب في تركيا ودول أوروبية وغربية عديدة.
ولم تعلق إدارة محافظة السليمانية على تلك التقارير، لكن عضو مجلسها، رسول عبد الله، قال في تصريحات للصحافيين، إن "هذا الموضوع ليس من اختصاص مجلس محافظة السليمانية، وإنما يتعلق بالحكومة المحلية"، مستدركا القول إنه "يجب أن تكون الأحزاب محلية وألا تُصنع في الخارج"، في إشارة إلى ولادة الجماعة الجديدة المرتبطة بحزب العمال.
وفي نهاية عام 2018، أقدمت إدارة السليمانية على إغلاق 8 مقرات لجماعات مرتبطة بحزب العمال الكردستاني، ضمن تفاهمات عراقية تركية إبان حكومة حيدر العبادي، حيال أنشطة الجماعة المسلحة، كان أبرزها حركة "حرية المجتمع الكردستاني"، ومنظمة "نساء كردستان" ومنظمة "حياة" وجماعة "كوادر العمال"، لكن أنشطة الحزب تواصلت داخل المحافظة وضواحيها تحت أغطية مختلفة، من بينها منظمات المجتمع المدني ومنتديات ترعى تنظيم مؤتمرات شهرية في المحافظة.
وفي يوليو/حزيران الماضي، نفّذت طائرات تركية مسيّرة عملية داخل العمق العراقي بضواحي السليمانية، استهدفت فرهاد شبلي القيادي في مليشيا "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، أعقبتها عملية مماثلة في بلدة كلار، استهدفت سيارة تقلّ قيادات بارزة في حزب العمال الكردستاني، أدت إلى مقتلهم جميعا، أبرزهم دلال عزيز، المسؤولة المباشرة عن عمليات الحزب في منطقة مخمور شمالي العراق.
وهاجمت أنقرة في مناسبات عديدة موقف السليمانية في إيواء مسلحي حزب العمال الكردستاني، وقررت في أوقات مختلفة حظر الطيران بين مطار السليمانية وتركيا، ردا على ما اعتبرته تركيا "مساعدة السليمانية للإرهابيين".
افتضاح مؤسسات مدنية تتبع للحزب
وتعليقا على ذلك، قال الخبير بالشأن العراقي الكردي سلام الجاف لـ"العربي الجديد"، إن أنشطة العمال الكردستاني غير جديدة ومستمرة في السليمانية، لكن التطور في محاولة تأسيس غطاء جديد لها، كان بسبب افتضاح هوية منظمات مجتمع مدني وحركات مختلفة، كانت تعمل تحت أغطية عديدة لصالح الحزب.
وأضاف الجاف "التوقيت الذي نشرت فيه المعلومات، قد يكون بسبب التوتر الكبير بين أربيل والسليمانية، والحرب الإعلامية بينهما، لكن من المؤكد أن الأتراك سيكون لهم موقف، وبغداد بأمسّ الحاجة للتفاهم حاليا مع أنقرة، للحصول على حصص من مياه دجلة والفرات، بسبب موجة الجفاف غير المسبوقة التي تمر بها البلاد".