العراق: حراك السوداني يصطدم بمعارضة الصدر لحكومة "مليشياوية مجربة"

16 أكتوبر 2022
أنصار التيار خلال مواجهات مع الأمن في بغداد، سبتمبر الماضي (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -

لم يتأخر زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر في الإعلان عن أول مواقفه السياسية المعارضة لتكليف محمد شياع السوداني بتشكيل حكومة عراقية جديدة، وذلك عبر مهاجمتها ووصفها بـ"التبعية و"المليشياوية المجربة"، مؤكداً رفضه المشاركة فيها.

وحذر أعضاء وناشطي التيار الصدري من أن مصيرهم الطرد (من التيار الصدري) في حال انخراطهم في هذه الحكومة. موقف الصدر الذي أعلن بعد أسابيع عديدة من الصمت السياسي حيال الأزمة السياسية في البلاد، جاء بالتزامن مع بدء رئيس الوزراء المكلف حراكه تجاه القوى السياسية للتفاهم على اختيار الوزراء.

وجاء موقفه بعد ساعات من اجتماع لقوى "الإطار التنسيقي"، عُقد في بغداد، أول من أمس الجمعة، واستمر ساعات عدة بحضور رئيس الوزراء المكلف.

وسرّبت مصادر مقرّبة من السوداني معلومات عن أبرز ما دار في الاجتماع، مؤكدة تشكيل فريق استشاري معه في مفاوضاته مع الكتل الأخرى، إلى جانب التحرك مع أطراف وسيطة لمنع الصدريين من معارضة تشكيل الحكومة أو إعادة ورقة الشارع مجدداً. كما سيتم كتابة ورقة برنامج حكومي شاملة لعرضها على الكتل السياسية الأخرى.

الصدر يصف الحكومة الجديدة بـ"مليشياوية مجربة"

وقال الصدر في بيان نشره المقرب منه صالح محمد العراقي، إنه "في خضمّ تشكيل حكومة ائتلافية تبعية مليشياوية مجربة لم ولن تلبّي طموح الشعب ولا تتوافق مع مبدأ (المجرب لا يجرب)، وبعد أن أُفشلت مساعي تشكيل حكومة أغلبية وطنية لا شرقية ولا غربية يسود فيها العدل والقانون والقضاء النزيه وينحصر السلاح فيها في أيدي القوات الأمنية الوطنية البطلة، وبعد أن تحوّلت الديمقراطية والائتلافات الحزبية من خلال المسيّرات (الطائرات المسيرة) والقصف الداخلي والخارجي وكَيْل التهم الجزافية، فإننا إذ نشجب ونستنكر قمع صوت الشعب الرافض لإعادة العراق إلى المربع الأول كما يعبّرون، ونشجب ونستنكر العصيان الصريح للتوجيهات الشرعية والوطنية الصادرة من أعلى المستويات من داخل العراق أولاً ومن خارجه ثانياً، نوصي بعدم تحول العراق إلى ألعوبة بيد الأجندات الخارجية، وألا يتحول السلاح إلى الأيادي المنفلتة، وأن لا تتحول أموال الشعب إلى جيوب وبنوك الفاسدين".


قيادي في التيار الصدري: من غير المرجح تسليم زعيم التيار مقتدى الصدر بالنتائج الحالية

وأضاف: "نؤكد رفضنا القاطع والواضح والصريح لاشتراك أي من التابعين لنا ممن هم في الحكومات السابقة، أو الحالية، أو ممن هم خارجها، أو ممن انشقوا عنا سابقاً أو لاحقاً، سواء من داخل العراق وخارجه أو أي من المحسوبين علينا بصورة مباشرة أو غير مباشرة، بل مطلقاً وبأي عذر أو حجة كانت، في هذه التشكيلة الحكومية التي يترأسها المرشح الحالي أو غيره من الوجوه القديمة أو التابعة للفاسدين وسلطتهم، ممن لا همّ لهم غير كسر شوكة الوطن وإضعافه أمام الأمم".

واعتبر الصدر في بيانه أن "كل من يشترك في وزاراتها (حكومة السوداني) معهم لأي سبب كان فهو لا يمثلنا على الإطلاق، ويعتبر مطروداً فوراً عنّا"، متحدثاً عن وجود "مساع لإرضاء التيار الصدري وإسكات صوت الوطن".

وحول ذلك، قال قيادي بارز في التيار الصدري، لـ"العربي الجديد"، إنه "من غير المرجح تسليم زعيم التيار مقتدى الصدر، بالنتائج الحالية"، مؤكداً أن "هناك خطوات في الأيام المقبلة سيتم اتخاذها ومواقف أخرى للصدر أيضاً، لمواجهة حراك تشكيل حكومة تأتمر بأمر زعماء فاسدين وتابعين".

ورداً على سؤال ما إذا كان التظاهر أحد الأوراق قال القيادي: "التظاهر أمر وارد جداً. ننتظر التوجيهات"، كاشفاً عن "رفض الصدر وساطة جديدة لمنحه نصف الوزارات المخصصة للقوى السياسية الشيعية في حكومة السوداني، لكنه رفض المشاركة بأي شكل من الأشكال، لأن هدف الوساطة والعروض كان تمرير مشروع تشكيل الحكومة الجديدة".

وتحدث القيادي عن "ضغوط غير مسبوقة مورست عليه من قبل أطراف داخلية وخارجية لإنتاج حكومة تابعة مرة أخرى"، واصفاً موقف الصدر الجديد بأنه "سيُثقل من حراك ومفاوضات السوداني".

من جهته، رأى القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني الحاكم في إقليم كردستان، النائب محما خليل، في حديثٍ مع "العربي الجديد"، أن "بيان الصدر ورأيه في الحكومة المقررة سيكون له تأثير بكل تأكيد على حراك تشكيلها".

وأكد خليل أن "البيان بمثابة إعلان معارضة شعبية مبكرة من قبل الصدر تجاه حكومة السوداني قبل تشكيلها وبكل تأكيد ستكون هذه الخطوة معرقلة وهاجسا كبيرا أمام نجاحها، وإعلان الصدر المعارضة لحكومة السوداني بعد تشكيلها يعني أن الحكومة قد لا تصمد طويلاً وكل الأطراف السياسية تدرك ذلك جيداً، ولهذا الكل يعمل على إشراك الصدر أو أخذ الضوء الأخضر لدعم الحكومة الجديدة".

وأضاف خليل: "كافة الأطراف السياسية تبذل جهدا كبيرا من أجل فتح حوار مباشر مع الصدر بشأن الحكومة الجديدة، لضمان نجاح ما تحقق وضمان استقرار الحكومة بعد تشكيلها".


أحمد الشريفي: عودة التيار الصدري للشارع من أجل منع تشكيل الحكومة الجديدة أمر وارد جداً

في المقابل، قلّل عضو تحالف "الإطار التنسيقي"، علي الفتلاوي، من بيان الصدر وتأثيره على حراك تشكيل الحكومة، مشيراً في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، إلى أن "الأغلبية السياسية من كل الكتل والأحزاب مع تشكيل الحكومة بأسرع وقت، ولا خيار للكتل غير ذلك".

وشدّد على أن "تحالفه يريد إشراك التيار الصدري في الحكومة الجديدة، لكن التيار الصدري هو من يرفض ذلك، ولا توجد أي رغبة لتهميش وإقصاء أي طرف سياسي، بل على العكس الإطار يعمل على أن تكون حكومة السوداني هي حكومة الجميع وليس الإطار وحده، وإصرار الصدريين على رفض المشاركة لن يعرقل تشكيلها فهو من يرفض ذلك".

وأكد القيادي في "الإطار التنسيقي" أن "رئيس الوزراء المكلف مستمر في حراك تشكيل الحكومة، ويجري حوارات مع كافة الكتل للإسراع في تشكيل حكومته وممكن الانتهاء من هذه المهام والتصويت على منحه الثقة خلال المهلة المحددة، لأن هناك رغبة سياسية كبيرة للإسراع بعملية تشكيل الحكومة".

تفاعلات الصدر مع ملف التشكيل الحكومي

من جهته، اعتبر الخبير أحمد الشريفي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن مهاجمة الصدر تكليف السوداني ووصفها بالتبعية والمليشياوية بأنها "مجرد بداية تفاعلات للصدر مع ما حصل".

وأضاف أن "عودة التيار الصدري للشارع من أجل منع تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة السوداني أمر وارد جداً، وهذه التظاهرات ربما تكون حاشدة وأقوى من سابقاتها، خصوصاً مع وجود رفض للسوداني من تنسيقيات تشرين، ولهذا فإن مهمة السوداني ستكون صعبة جداً".

ولم يستبعد "تكرار سيناريو رؤساء الوزراء المكلفين السابقين (محمد توفيق علاوي، وعدنان الزرفي) مع محمد شياع السوداني الآن بإخفاقه في مهمة تشكيل الحكومة، خصوصاً في ظل المعارضة الصدرية، والتي يمكن أن تفجر الشارع في الأيام القليلة المقبلة، وهذا الأمر ربما يدفع الكثير من القوى السياسية إلى تغيير مواقفها في دعم السوداني، خصوصاً حلفاء الصدر السابقين (تحالف السيادة والحزب الديمقراطي الكردستاني)".

ويتوجب على رئيس الوزراء المكلّف أن يقدّم تشكيلته الوزارية خلال مدة 30 يوماً من تاريخ تكليفه، ما يعني أن تاريخ عقد جلسة التصويت على حكومة العراق الجديدة داخل البرلمان ومنحها الثقة، سيكون في 13 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

وكانت الأزمة السياسية في العراق، انحرفت في الأشهر الأخيرة نحو الشارع واستعمال السلاح بين قوى "الإطار التنسيقي" والتيار الصدري، فيما يسود ترقب من ناحية ردة الفعل التي يتوقع منه أن يتخذها بعد التطورات السياسية المتسارعة.

المساهمون