في جلسة شابها الكثير من الجدل وقاطعتها الكتل المدنية والمستقلة، صوّت البرلمان العراقي، فجر أمس الاثنين، جزئياً على قانون الانتخابات المثير للجدل، وفقاً لنظام الدائرة الواحدة، وآلية "سانت ليغو" في احتساب الأصوات، بقاسم انتخابي بلغ 1.7، إلى جانب فقرات أخرى، فيما أرجأ بنوداً أخرى إلى جلسة حُددت السبت المقبل.
كما حدد البرلمان، 6 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل موعداً لإجراء الانتخابات المحلية (مجالس المحافظات). ويُعتبر التطور السياسي الجديد، في ما يتعلق بالانتخابات، مخالفاً لمطالبات القوى المدنية والمستقلة والحركات الناشئة في البلاد، إلى جانب رفض التيار الصدري وزعيمه مقتدى الصدر، في وقت سابق، العودة إلى آلية "سانت ليغو"، وهو ما يفتح الباب أمام تكهنات للتطورات المقبلة في المشهد العراقي.
تمرير فقرات من القانون الانتخابي
ولم تكن قوى "الإطار التنسيقي"، وحيدة في تمرير فقرات القانون التي تم التصويت عليها، أمس، إذ أن قوى سياسية عربية سنّية، وأخرى كردية، شاركت في التصويت لصالح فقرات القانون التي تم تمريرها.
وهو ما يؤشر إلى التقاء مصالح القوى الرئيسية الثلاث في البلاد، تجاه قانون الانتخابات الذي يضمن لهم السقف المطلوب من المقاعد في الانتخابات، خصوصاً أن القانون الجديد سيطبّق في انتخابات مجالس المحافظات والبرلمان.
ومن المقرر، وفقاً لبيان البرلمان، أن يستكمل التصويت على باقي فقرات القانون السبت المقبل، وهو ما يعني دخول القانون حيز التنفيذ، خصوصاً مع تحديد مسبق لموعد إجراء الانتخابات المحلية نهاية العام الحالي، من دون ذكر مصير مشروع الانتخابات البرلمانية المبكرة التي وعدت حكومة محمد شياع السوداني بها ضمن برنامجها الحكومي.
عارف الحمامي: السبت المقبل سيتم التصويت على كامل مشروع القانون
ورفض النائب عن ائتلاف دولة القانون عارف الحمامي، في اتصال مع "العربي الجديد"، "الحديث عن أن قانون الانتخابات الجديد فُرض من قبل الإطار التنسيقي"، معتبراً أن ذلك "غير صحيح إطلاقاً، فهذا القانون تم المضي في تشريعه بالاتفاق ما بين جميع الكتل والأحزاب المتحالفة في ائتلاف إدارة الدولة بشكل توافقي، من دون فرض أي رأي على آخر".
وبيّن الحمامي أن "تأجيل التصويت على باقي فقرات قانون الانتخابات ليوم السبت المقبل، كان من أجل إعطاء مزيد من الوقت للتفاوض والحوارات على ما تبقّى من خلافات حول القانون، خصوصاً المتعلقة بمحافظة كركوك، كذلك من أجل الحوار مع بعض النواب المستقلين، حتى يكونوا جزءاً من هذا القانون والاتفاق عليه".
وأكد أن "جلسة البرلمان السبت المقبل، سيتم خلالها التصويت على كامل مشروع قانون الانتخابات الجديد، وسيكون ملزم التنفيذ لكافة السلطات، لانتخابات مجالس المحافظات وكذلك مجلس النواب".
في المقابل، قال النائب المستقل عامر عبد الجبار، في حديثٍ مع "العربي الجديد"، إن "النواب المستقلين وكل القوى المدنية، رافضون بشدة لقانون الانتخابات الجديد، لما فيه من تكريس لنفوذ قوى السلطة ومحاولة إبعاد المستقلين والقوى الناشئة عن المشهد المقبل، ولهذا السبب حاولنا تعطيل جلسة التصويت في البرلمان وكسر النصاب بمقاطعة الجلسة".
وكشف عبد الجبار أن "عقد الجلسة يشوبه الكثير من الشبهات والمخالفات، فالجلسة عقدت بعد أكثر من 16 ساعة على موعد الجلسة الرسمي، وهي عقدت في يوم ثانٍ غير اليوم المعلن والمُبلّغ فيه للنواب، في مخالفة للنظام الداخلي لمجلس النواب، كما أن هناك شكوكاً في قضية وجود النصاب القانوني الكامل لعقد الجلسة، ولهذا سيكون هناك توجه من أجل الطعن في شرعية الجلسة لدى المحكمة الاتحادية العليا".
واتهم عبد الجبار من وصفها بـ"القوى المتنفذة"، بالسعي إلى "الهيمنة بشكل كامل على مجالس المحافظات ومجلس النواب من خلال هذا القانون، الذي رفضته المرجعية الدينية والشارع العراقي"، معتبراً أن "إصرار تلك القوى على تمرير هذا القانون، ربما ستكون له تبعات على الشارع خلال الفترة المقبلة من خلال إحياء الاحتجاجات الشعبية".
من جهته، أوضح رئيس الكتلة التركمانية في البرلمان العراقي، النائب أرشد الصالحي، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "النواب التركمان رفضوا المشاركة في التصويت على قانون الانتخابات الجديد، كونه يكرس هيمنة الأطراف السياسية الأخرى على حساب المكون التركماني، ولهذا تم حذف أهم فقرة في القانون تنصف جميع مكونات كركوك".
وكشف الصالحي أن "القوى الكردية عملت على حذف المادة 35 الخاصة بمحافظة كركوك من قانون انتخابات مجالس المحافظات، والتي وضعت لحساسية الوضع في المحافظة".
وأوضح أن "المادة تتعلق بالتنسيق بين مفوضية الانتخابات والوزارات المعنية لتدقيق سجلات الناخبين في كركوك ومراعاة توزيع المناصب وفق مبدأ التوازن القائم على تقاسم السلطة بين مكونات المحافظة، وغيرها الكثير من الفقرات التي تنصف مكونات كركوك، من دون فرض أي إرادة، لكن هذا ما رفضته القوى الكردية، ولهذا لدينا مخاوف من نزاهة أي انتخابات مقبلة".
وضع كركوك في الانتخابات
لكن القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني محمود خوشناو قال لـ"العربي الجديد"، إن "كركوك محافظة عراقية كحال باقي المحافظات، ولا يوجد مبرر يعطي خصوصية لها ضمن قانون الانتخابات".
وأشار إلى أن "قانون الانتخابات يجب أن يكون سارياً على جميع المحافظات، ولهذا السبب انسحب النواب الأكراد من الجلسة اعتراضاً على إدراج المادة 35 مجدداً ضمن القانون، لكن بعض الحوارات ومراجعة الرأي القانوني لها تم رفع المادة، ولهذا تم المضي في تشريع قانون الانتخابات الجديد".
أرشد الصالحي: القوى الكردية عملت على حذف المادة 35
من جهته، شدّد الناشط البارز في الاحتجاجات الشعبية ضرغام ماجد، في حديث مع "العربي الجديد"، على أن "ما أقدمت عليه القوى السياسية من تشريع قانون انتخابي يكرس المحاصصة والتفرد، مرفوض شعبياً، وسيكون لنا موقف من هذا الإصرار على تشريع قانون رفضته المرجعية وأبناء الشعب العراقي في تشرين 2019".
وأضاف ماجد أن "هناك تواصلاً ما بين الناشطين والتنسيقات في مختلف المحافظات العراقية من أجل اتخاذ موقف موحد خلال الفترة المقبلة بعد إصرار الكتل السياسية على تشريع قانون الانتخابات، على الرغم من رفضه من قبل المرجعية والشارع، ولهذا سيكون لنا موقف من خلال التصعيد الشعبي السلمي لرفض هذا القانون".
وقال إن "تشريع القانون وفق مقاس الكتل والأحزاب الكبيرة المتنفذة، سيسهم في زيادة مقاطعة الانتخابات من قبل الشارع العراقي، وهذا ما تريده تلك الكتل والأحزاب، حتى تفرض كامل هيمنتها ونفوذها على ما تبقى من الدولة العراقية لتحقيق مكاسب لها وتحقيق أجندات الدول التي تتبعها".
وعن رأي التيار الصدري في قانون الانتخابات الجديد، أوضح مسؤول في الهيئة السياسية للتيار، طلب عدم ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد"، أن "موقف الصدريين واضح ومعلن برفض العودة إلى آلية سانت ليغو، لكن التيار لن يكون له موقف من تشريع القانون، بسبب رفض الصدر التدخل في العمل السياسي خلال المرحلة المقبلة، ولا يمكن التحرك سياسياً أو شعبياً من دون أي توجيه مباشر من قبل مقتدى الصدر".