على إثر انخفاض سعر الدينار العراقي مقابل الدولار بشكل غير مسبوق، وعدم تمكن الحكومة من السيطرة عليه، يتجه البرلمان لاستجواب رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، في خطوة إذا ما تمت، قد تكون الأولى من نوعها لممارسة الدور الرقابي على الحكومة التي وعدت بإصلاحات شاملة، ومنها الإصلاحات المالية.
وكانت حكومة السوداني وقيادات بارزة في تحالف "الإطار التنسيقي" الذي شكلها، قد وعدت مع بداية منح الثقة للحكومة، بتوجه لرفع قيمة الدينار مقابل الدولار، محملين حكومة مصطفى الكاظمي السابقة، مسؤولية خفض قيمته بسبب "سوء الإدارة" وما أسموها "الأجندات الخاصة".
إلا أن ما حصل بدا عكسياً، ولا سيما مع قفزات متتابعة لسعر صرف الدولار، الذي وصل إلى ما يعادل 153 ديناراً مقابل الدولار الواحد، بعدما كان يعادل نحو 147 ديناراً أو أقل.
واعتبرت الحكومة أن الارتفاع "مؤقت"، محمّلة البنك المركزي مسؤوليته، وقال مكتب السوداني في بيان له أمس الأول، إن "الحكومة تؤكد التزامها المحافظة على استقرار السوق المحلية، من خلال دعم استقرار سعر صرف الدولار مقابل الدينار العراقي، وهي تدعم خطوات البنك المركزي بهذا الصدد".
وبيّن أن "ارتفاع سعر الصرف أمر مؤقت، وهو نتيجة تغيير الآلية التي تعمل بها نافذة بيع العملة الأجنبية في البنك المركزي، ونطمئن المواطنين كافة إلى أن الوضع المالي للعراق في أحسن أحواله".
ولوّح عضو اللجنة القانونية في البرلمان العراقي، النائب رائد المالكي، باستجواب السوداني ومحافظ البنك المركزي مصطفى غالب مخيف، في حال عدم إعادة سعر صرف الدولار إلى ما كان عليه.
وقال المالكي في حديث لصحيفة "الصباح" الرسمية، اليوم السبت، إن "الحكومة بدأت بالعمل لإعادة سعر الصرف باتخاذها بعض الإجراءات، وإن البرلمان بحكم عمله الرقابي، رصد عمل الحكومة، وقد تم تشخيص نقطتين أو مخالفتين إلى الآن، منهما الإخفاق في السياسة المالية وسعر الصرف، وهو إخفاق أثبت عجز الحكومة في السيطرة على موضوع سعر الصرف والسياسة المالية والنقدية".
ولفت إلى أن "البرلمان يراقب إجراءات الحكومة خلال هذه الفترة، وسننتظر نتائج هذه الإجراءات إلى نهاية العطلة التشريعية"، ملوحاً بـ"المطالبة باستجواب رئيس الوزراء ومحافظ البنك المركزي، في حال عدم الوصول إلى نتائج في هذا الملف وإعادة سعر الصرف إلى سابق عهده".
من جهته، أكد النائب المستقل في البرلمان العراقي، هادي السلامي، سعيه لجمع توقيعات لإقالة محافظ البنك المركزي، بشأن ملف سعر الصرف، وقال في تغريدة له: "نسعى لعقد جلسة استثنائية لمجلس النواب لغرض إقالة محافظ البنك المركزي ومجلس الإدارة للبنك بسبب ارتفاع سعر الدولار، وعدم اتخاذ الإجراءات اللازمة يحتاج موافقة وتوقيع 50 نائباً"، مؤكداً أن هناك إهمالاً من قبل البنك ومجلس إدارته ومحافظ البنك، وإصراراً لعدم اتخاذ الإجراءات اللازمة التي تضمن مصالح الشعب"، مضيفاً: "نعمل أنا والنائب أحمد الشرماني على جمع التواقيع".
عقد جلسة استثنائية لمجلس النواب لغرض اقالة محافظ البنك المركزي و مجلس الادارة بسبب ارتفاع سعر الدولار وعدم اتخاذ الاجراءات اللازمة …
— هادي السلامي /Hadi Al Salami (@AlslamyHady) December 17, 2022
يحتاج موافقة وتوقيع 50 عضوا …
انا و النائب احمد الشرماني (2)
ونحتاج (48) عضوا
جاري العمل على ذلك .. pic.twitter.com/7UstMNMEf6
وكان البنك المركزي قد علّق على ارتفاع سعر الصرف، بالقول إن العراق لا يزال يمتثل للمتطلبات الدولية في موضوع الدولار، ومكافحة غسل الأموال، وتمويل الإرهاب، وأن بعض المصارف أخذت وقتاً من أجل تطبيق هذه الطلبات، مؤكداً أنه يعمل على إعادته إلى سعره الذي كان عليه، خلال أسبوعين.
وانعكس ارتفاع سعر الصرف على أسعار السوق عموماً، حيث تصاعدت أسعار المواد الغذائية والأدوية والمواد الأخرى بأنواعها المختلفة، ما سبّب حالة تذمر شعبي واسعة، ولا سيما أن الأسعار لا تتناسب مع معدل دخل المواطنين.