تحدّث نواب وسياسيون عراقيون عن بوادر اتفاق شبه جماعي بين كتل برلمانية مختلفة حيال تأجيل موعد الانتخابات المبكرة، المقررة في السادس من يونيو/حزيران المقبل، إلى موعد آخر لا يقل عن 6 أشهر زيادة. وسيعني هذا الأمر، إذا تم، انتفاء صفة الانتخابات المبكرة عنها، إذ إنه من المقرر أن تجرى الانتخابات الرسمية في مايو/أيار 2021.
يأتي ذلك بالتزامن مع استمرار الخلافات البرلمانية بشأن ملحق قانون الدوائر الانتخابية، وتعّذر حسم قانون المحكمة الاتحادية، التي يجب أن تصادق على نتائج الانتخابات. كما أن الحكومة لم تنجز لغاية الآن ملف عودة النازحين للمدن المحررة، ومعالجة مشكلة المليشيات التي تهيمن على المشهد الأمني في المدن، خصوصاً بغداد، بشكل يثير الخشية على نزاهة الانتخابات. كما أن مفوضية الانتخابات لم تنجز بعد أي شيء من الإجراءات المتعلقة بالتحضير لعملية الانتخابات.
الزجراوي: قوى سياسية تعمل حالياً على تعطيل إكمال قانون الانتخابات
ومن المقرر أن يشارك في الانتخابات المقبلة أكثر من 25 مليون عراقي، من أصل نحو 40 مليون شخص. واللافت في الانتخابات مشاركة مواليد مطلع 2003، سنة الاحتلال الأميركي للبلاد، بعد إتمامهم عمر 18 سنة. وكان رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي قد حدد السادس من يونيو المقبل، موعداً لإجراء الانتخابات المبكرة. وأكدت مفوضية الانتخابات استعدادها لإجراء الانتخابات المبكرة في الموعد المحدد، إذا توفرت 5 شروط، هي إنجاز قانون الانتخابات، والتصويت على قانون المحكمة الاتحادية، وتخصيص موازنة مالية انتخابية، وقيام مجلس الوزراء بالتصويت على مديري المفوضية، فضلاً عن قيام الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى بتقديم المساعدة الانتخابية.
وقال النائب عن تحالف "سائرون" محمود الزجراوي، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، إن "عدداً من القوى السياسية اتفقت على العمل لتأجيل الانتخابات المبكرة حتى نهاية 2021، بدلاً من أن تجرى في يونيو المقبل، في محاولة لترتيب أوضاعها". وبين أن "هذه القوى السياسية، تعمل حالياً على تعطيل إكمال قانون الانتخابات، وكذلك تعديل قانون المحكمة الاتحادية، خصوصاً أن تأخير إكمال هذه القوانين، يعني تأخير إجراء الانتخابات المبكرة". وأضاف أن "تحالف سائرون، بالإضافة إلى المتظاهرين، يرفضون أي محاولة لتأجيل الانتخابات المبكرة، ويقفون بقوة ضد هذا الاتفاق السياسي، الذي جاء من أجل الحفاظ على مكاسب بعض القوى السياسية، التي تخشى خسارة نفوذها في البرلمان والحكومة في الانتخابات المقبلة". واعتبر أن "تأجيل الانتخابات المبكرة إلى موعد آخر، يعني عدم إقامتها من الأساس. ولهذا، فإن القوى السياسية سوف تعمل على إجراء الانتخابات في موعدها (2022) بعد انتهاء الدورة البرلمانية، من دون أن يحل البرلمان نفسه".
خشان: عدم إجراء الانتخابات المبكرة في موعدها سيدفع البلاد إلى المجهول
إلى ذلك، قال النائب المستقل باسم خشان، في حديث مع "العربي الجديد"، إنه "منذ البداية كان هناك اتفاق بين القوى السياسية المتنفذة والمتحكمة في المشهد العراقي، على عدم إقامة الانتخابات المبكرة في موعدها المحدد من قبل الحكومة في يونيو 2021. فهذه القوى تريد إبقاء الوضع على ما هو عليه، وتريد أن تبقى المتحكم في المشهد العراقي". وبين خشان أن "عدم إقامة الانتخابات المبكرة سوف يفجر ثورة شعبية كبيرة، أقوى من ثورة أكتوبر/تشرين الأول 2019. كما سيتم اتخاذ مواقف دولية تجاه الحكومة العراقية، برئاسة الكاظمي، لعدم جديتها في تطبيق ما وعدت به الشعب العراقي والمجتمع الدولي". وحذر من أن "عدم إجراء الانتخابات المبكرة في موعدها المتفق عليه، سيدفع البلاد إلى المجهول، وستكون الفوضى هي اللغة السائدة. على القوى السياسية التفكير في مصلحة العراق والعراقيين، قبل التفكير في مصالحهم الشخصية والحزبية، التي ستضيع البلاد".
وقال نائب رئيس الوزراء الأسبق بهاء الأعرجي، في إيجاز صحافي نقلته وسائل إعلام محلية، إن "هناك اتفاقا بين قادة الكتل على تغيير موعد الانتخابات المبكرة لتكون في أكتوبر من العام المقبل". وبين أن "الانتخابات لن تُجرى حتى في هذا التاريخ"، معتبراً أنه "لو استطاعت تلك الكتل تأمين إجراء الانتخابات في موعدها الدستوري في 2022، فسيُعتبر ذلك إنجازاً لها، والذي أشكك فيه أيضاً".
في المقابل، قال مستشار رئيس الوزراء العراقي لشؤون الانتخابات عبد الحسين الهنداوي، لـ"العربي الجديد"، إن "حكومة مصطفى الكاظمي جادة وعازمة على إجراء الانتخابات في موعدها المحدد والمعلن عنه في يونيو 2021، وهي تعمل على استكمال كل الإجراءات من أجل إنجاحها". وبين أن "هناك قضايا خارج عمل السلطة التنفيذية، وهي بحاجة إلى مجلس النواب، حتى لا يتم عرقلة إجراء الانتخابات. يجب الإسراع في إكمال قانون الانتخابات، وكذلك تعديل قانون المحكمة الاتحادية، حتى تستطيع، عبر النصاب القانوني الكامل، اتخاذ أي قرار". وأضاف "لا نعلم دقة المعلومات التي تتحدث عن وجود اتفاق سياسي على تأجيل موعد الانتخابات المبكرة، لكن الحكومة تعمل بكل جدية على إجراء الانتخابات وفق معايير النزاهة، وفي الموعد الذي وعدت به الشعب العراقي. والأيام المقبلة، ستكون هناك حوارات برلمانية – حكومية، للإسراع في إكمال كافة إجراءات الانتخابات المبكرة، ومنع أي عراقيل تمنع أو تؤجل الانتخابات".