العراق: تعذر اتفاق القوى المدنية بشأن الانتخابات المحلية

05 ابريل 2023
ستجرى الانتخابات المحلية في 6 نوفمبر المقبل (كرار عيسى/الأناضول)
+ الخط -


لم تتفق الأحزاب المدنية والكيانات السياسية، التي نشأت بعد الاحتجاجات العراقية خلال الأعوام الماضية، لغاية الآن على المشاركة في الانتخابات المحلية المقبلة، بصيغة تحالف موحد، حيث تتعدد الآراء والتوجهات حولها، لا سيما أن القانون الانتخابي الذي أقر الأسبوع الماضي في البرلمان لا يصب في صالحها، ويشتت أصوات المستقلين ويمنع وصولهم إلى مجالس المحافظات. كما برزت أصوات مدنية تدعو إلى مقاطعة الانتخابات، وأخرى ذهبت للمطالبة بإلغاء مجالس المحافظات أصلاً.

ويجد مدنيو العراق، سواء من الذين يمارسون العمل السياسي بعد عام 2003، أو من الجدد الذين انخرطوا في السياسة بعد احتجاجات أكتوبر/تشرين الأول 2019، أنهم في وضع صعب، خصوصاً مع تعدد توجهاتهم وعدم توحدهم ضمن تحالف سياسي وانتخابي كبير.

لم تتفق الأحزاب التي دخلت ضمن تحالفات سياسية لغاية الآن على صيغة عمل مشتركة

وحتى الأحزاب التي دخلت ضمن تحالفات سياسية، مثل "قوى التغيير الديمقراطية"، لم تتفق لغاية الآن على صيغة عمل مشتركة، في حين باشرت الأحزاب التقليدية، وتحديداً الدينية بالاستعداد المبكر لخوض الانتخابات المحلية، التي ستجرى في 6 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

وصدم تصويت البرلمان العراقي، في 27 مارس/آذار الماضي، على قانون الانتخابات الجديد القوى المدنية، خصوصاً أن كل محاولات منعه باءت بالفشل، حيث لم تشفع الاحتجاجات الشعبية أمام مجلس النواب، واعتراض النواب المستقلين، الذين تعرضوا للطرد ليلة التصويت لصالح القانون، في وقف هذا الأمر.

ويضاف هذا القانون إلى سلسلة التحديات التي تواجه الحراك المدني في البلاد، خصوصاً أنه يعتمد نظام الدائرة الواحدة في كل محافظة، وهو ما اعتبره نواب مستقلون بأنه مفصل على مقاس الكتل الكبيرة، ويفوت الفرص على الأحزاب والقوى الناشئة والمرشحين المستقلين.

"وعي" تقاطع الانتخابات المقبلة

وكانت أولى ردود الفعل على قانون الانتخابات من حركة "وعي" الوطنية، التي يرأسها السياسي صلاح العرباوي، والتي أعلنت مقاطعة الانتخابات المقبلة، داعية النواب المعترضين على بنود القانون الجديد، وفقا لآلية "سانت ليغو"، إلى الاستقالة. وذكرت، في بيان، أنها "لن تشترك في لعبة الإطار (التنسيقي) وحلفائه".

في السياق، قال المتحدث باسم "وعي" حامد السيد إن "وعي هي أولى الحركات المدنية والوطنية التي تعلن مقاطعة الانتخابات المحلية المقبلة، لأننا وجدنا، أنه حتى وإن تحالفت القوى المدنية كلها ضمن تحالف كبير، فإنها لن تكون قادرة على التغيير".

وبين السيد، لـ"العربي الجديد"، أن "موقف المقاطعة يُعبر عن إرادتنا السياسية، في ظل غياب ضمانات من هذه السلطة، وغياب فاعل اجتماعي وسياسي مهم ومؤثر، وهو التيار الصدري".

وبرأي المدنيين فإن كل الأحزاب الكبيرة التي تملك المال السياسي وتسيطر على المؤسسات الحكومية، كـ"الإطار التنسيقي" القريب من إيران، والقوى السنية والكردية، تملك مفاتيح الفوز وفق قانون الانتخابات الجديد.

في المقابل، فإن القانون يضيق الخناق على القوى المدنية والمستقلة الناشئة، ويفرض عليها أن تجتمع ضمن قائمة انتخابية، واحدة تتوزع على جميع الدوائر في العراق، والبالغ عددها وفقاً للقانون الجديد 19 دائرة انتخابية، في حين أن المدنيين لا يتفقون فيما بينهم على بعض الملفات السياسية مثلاً، وهذا يعني تحييدها عن المشهد.

"التغيير" تقترب من تسجيل تحالفها

أما "قوى التغيير الديمقراطية"، فهي تقترب من تسجيل تحالفها رسمياً للمشاركة في الانتخابات المقبلة. وتضم "التغيير" 8 أطراف سياسية، بينها الحزب الشيوعي، والبيت العراقي، وحزب الوعد العراقي، وحركة نازل آخذ حقي، وحركة تشرين، والتيار الاجتماعي، وحزب البيت الوطني.

حيدر الزبيدي: قوى التغيير ستشارك في الانتخابات تحت أي قانون

وذكرت "قوى التغيير"، في آخر بياناتها، أنها "تُجري مناقشة لإكمال الإجراءات لتشكيل التحالف الأوسع للمعارضة السياسية والشعبية، ودراسة طلبات الانضمام التي وصلت من الأحزاب والحركات ذات التوجه الديمقراطي".

وأكدت أن "التحالف يجب أن يتعامل مع الاستحقاقات المقبلة كتحدٍ وفرصة للم شمل قوى المعارضة الحقيقية المؤمنة بمشروع البديل الوطني ولتحقيق التغيير الديمقراطي".

من جهته، قال عضو المكتب التنفيذي في حراك البيت العراقي، حيدر الزبيدي، إن "قوى التغيير ستشارك في الانتخابات تحت أي قانون، لأنها تؤكد على أن الطريقة الوحيدة للتغيير الديمقراطي تكون عبر صناديق الاقتراع، والتكيف مع أي شكل من أشكال القوانين الانتخابية، مع تسجيل ملاحظات على مجمل الانتخابات وليس فقط شكل القانون، لأنها ضرورة ملحة لتوحيد الجبهة المدنية الساعية للتغيير".

وأضاف الزبيدي، لـ"العربي الجديد"، أن "القوى المدنية ستنجح في الوصول إلى مجالس المحافظات بتوحدها تحت مظلة واحدة، وهذا ما تعمل عليه منذ اللحظة الأولى لانطلاقها. كما أننا لم ندخر أي جهد لتحقيق ذلك".

وأشار إلى أن "النسبة الأكبر من القوى المدنية الآن متواجدة في قوى التغيير، لأن الجميع أدرك أن النجاح هو في التوحد، ولا زالت أبواب المظلة مفتوحة لاحتواء مزيد من القوى المدنية".

قوى تطالب بإلغاء الانتخابات والمجالس

إلى جانب ذلك، تبرز قوى مدنية تحت عناوين احتجاجية متفرقة، تدعو إلى إلغاء الانتخابات المحلية ومجالس المحافظات سوية، معتبرين إياها بوابة للفساد الحزبي واختلاس مزيد من أموال العراقيين. وقد رفع بعض المحتجين، الذين تظاهروا الأسبوع الماضي في منطقة العلاوي وسط العاصمة بغداد، مثل هذه المطالبات، إلا أنها لم تلق اهتماماً من الأحزاب المدنية.

أما الناشط السياسي عمر فاروق فقد أشار إلى أن "المرحلة المقبلة ستشهد مشاركة مدنية أكبر في الانتخابات المحلية، وأنها ستتجاوز الأخطاء التي وقع المدنيون فيها، وتحديداً ما حصل من استخدام الشعارات والمبادئ الاحتجاجية في الحملة والحركة الانتخابية، لأن السياسة شيء والاحتجاج شيء آخر".

واعتبر فاروق، في اتصال مع "العربي الجديد"، أن "المرحلة المدنية المقبلة تتطلب المشاركة الواسعة في الانتخابات والعمل السياسي، باستخدام الصفة الليبرالية والسلوك المدني الذي يُؤمن بالحقوق والحريات والاقتصاد الحر. ومن خلال هذا السلوك يمكن جذب جمهور أكبر من العراقيين الذين ينشدون التغيير".

من جهتها، توقعت رئيسة الحركة المدنية الوطنية شروق العبايجي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "المشاركة في الانتخابات المحلية المقبلة ستكون واسعة، وأن القوى المدنية والاحتجاجية والمستقلة سيكون لها دافع كبير للمشاركة على مستوى الترشيح والتصويت"، معتبرة أن "لا خيار للتغيير والتصحيح السياسي إلا من خلال صناديق الاقتراع".

المساهمون