تقترب مفوضية الانتخابات العراقية، من تسجيل نحو 292 حزباً وحركة وتجمّعاً سياسياً يستعد لخوض سباق الانتخابات المبكرة، المقررة في 6 يونيو/حزيران المقبل، مع احتمال تغيير موعدها. وهو ما يدفع مراقبين إلى توقع انتخابات غير تقليدية تنتظر العراقيين، سيكون فيها للقوى الجديدة فرصة لم تكن متوفرة سابقاً للتنافس على مقاعد البرلمان. وبحسب بيان صادر عن المفوضية العليا للانتخابات في العراق، فقد تم تسجيل 230 حزباً للمشاركة في الانتخابات المبكرة المنتظرة (204 عدد أحزاب انتخابات 2018). وأكدت المفوضية أن 62 حزباً آخر قيد التسجيل، أي نحو 292 حزباً وحركة وتجمّعاً. وأوضحت أن 15 مليون ناخب قد تسجلوا حتى الآن من ضمن 26 مليوناً يحق لهم الاقتراع في هذه الانتخابات.
شكّلت أحزاب معروفة كيانات موازية لها لضمان فوزها الانتخابي
وبحسب بيان المفوضية الصادر أول من أمس السبت، فإنها "ستعتمد مبدأ الشفافية في العمل لتنظيم الانتخابات المبكرة المقبلة المقررة في السادس من يونيو من العام المقبل، وفق المعايير الدولية التي تعبر عن إرادة الناخب وتعد أساساً في بناء الثقة مع الناخبين وشركاء العملية الانتخابية والمهتمين بالعملية الديمقراطية". وأشارت إلى أنها "تناقش حالياً مع مجلس النواب عدد الدوائر الانتخابية وآلية توزيعها، وعملية اختيار الشركة الفاحصة للأجهزة الإلكترونية التي تضمن نزاهة وعدالة أصوات الناخبين وكذلك سجل الناخبين وآلية تسجيلهم بيومترياً". وأشارت إلى أنها "تعمل بما هو ممكن استعداداً للحدث الانتخابي المقبل، رغم عدم توفر الاحتياجات الفنية واللوجستية اللازمة لعملها، لكنها شرعت بأخذ خطوات جادة في نشاطاتها التي لا تعتمد على القانون الانتخابي والتخصيصات المالية، ومنها فتح مراكز التسجيل لاستئناف عملية التسجيل البيومتري وتوزيع بطاقة الناخب الإلكترونية البيومترية".
من جهته، كشف موظف في الدائرة القانونية بمفوضية الانتخابات لـ"العربي الجديد"، أن من الأحزاب والحركات الـ 62 الجديدة التي تقدمت للتسجيل بالانتخابات نحو 15 حركة مدنية تتبنى مطالب المتظاهرين، وأخرى عبارة عن انشقاقات لكتل وكيانات سابقة. وأكد أن هناك فصائل مسلحة تقف وراء كيانات سياسية عدة تقدمت أخيراً للحصول على ترخيص بالمشاركة بالانتخابات، ومنها كيان في سهل نينوى وآخر في ديالى وثالث في كركوك، يُعتقد أن لها علاقة بكتائب حزب الله وبدر والعصائب تحديداً.
بدوره، يصف النائب المستقل في البرلمان العراقي باسم خشّان، زيادة أعداد الأحزاب الجديدة بـ"المقالب"، معتبراً في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "الأحزاب التقليدية والقديمة، المعروفة بأكل حقوق العراقيين، عملت على تأسيس عشرات الأحزاب من أجل خداع العراقيين بالانتخابات المقبلة والحصول على أصواتهم، لتعود الأحزاب الجديدة بالتحالف مع أصولها الحزبية، فيكون مقلباً بحق المواطنين".
وكان رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، قد وجّه أول من أمس السبت، مفوضية الانتخابات بمضاعفة جهودها لتسريع إكمال التسجيل البيومتري للناخبين العراقيين في أقرب وقت، استعداداً للانتخابات المبكرة. ودعا كافة المواطنين العراقيين المؤهلين للتصويت إلى الإسراع بتحديث بياناتهم الانتخابية، للحصول على البطاقة الانتخابية البيومترية الخاصة بكل منهم.
الانتخابات المقبلة ستكون النكسة الكبيرة التي تتعرض لها حكومة الكاظمي
في السياق، قال الناشط السياسي، أحد وجوه ساحة التحرير في بغداد، علاء خلف لـ"العربي الجديد"، إن "السياق السياسي واللوجستي الذي تسير به الحكومة العراقية والأحزاب في تفريخ الأحزاب والكيانات لغرض المشاركة في الانتخابات المقبلة، لم يختلف كثيراً عن الحقب السابقة. ولم تتوجه الحكومة إلى تفعيل أي بندٍ من بنود آلية تسجيل الأحزاب، ليتمكن الناشطون من التوجه نحو تأسيس كيانات جديدة تغير من شكل الواقع السياسي". وأضاف أن الهدف من هذا العدد كله، هو خلق حالة فوضى لتضيع الأحزاب الجديدة والناشئة من رحم ساحات التظاهرات، بين تلك التي تملك أموالاً وإمكانيات للدعاية والإعلان عن نفسها.
بدوره، رأى المحلل السياسي والباحث أحمد الشريفي، أن "الانتخابات المقبلة ستكون النكسة الكبيرة التي تتعرض لها حكومة الكاظمي والأحزاب النافذة، بسبب المشاركة الضئيلة المتوقعة للمواطنين بالانتخابات". ورأى في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "التوجه العام للعراقيين بات لا يؤمن بالانتخابات التي تتعرض سنوياً للتزوير والتلاعب، إضافة إلى أن الأحزاب الجديدة غالبيتها تابعة لجهات سياسية معروفة. وهو أمر لم يعد خافياً على العراقيين، ما سيؤدي إلى فشلٍ إضافي للانتخابات المبكرة". ولفت إلى أن "الحكومة العراقية والقوى السياسية التي تدعي الإصلاح والوقوف مع المتظاهرين ومساندة والاتفاق مع مطالبهم، لم تكن جادة في توفير الأمور الأساسية التي يحتاجها المتظاهرون من أجل إجراء التغيير وتحسين العملية السياسية". وشدّد على أن "قوى نافذة وأحزابا كبيرة منعت خلال الفترة الماضية أي تسهيل لإجراءات تسجيل الأحزاب للمستقلين، لتبقى عملية تسجيل الكيانات الجديدة محصورة بأصحاب المال السياسي والمتنفذين والمسلحين".