طرح رئيس تيار "الحكمة" عمار الحكيم، اليوم الثلاثاء، مبادرة للخروج من الأزمة السياسية التي يشهدها العراق منذ أكثر من خمسة أسابيع، بسبب اعتراض القوى الحليفة لإيران على نتائج الانتخابات التي جرت في العاشر من الشهر الماضي، وأظهرت تراجعاً حاداً لها في المقاعد التي حصلت عليها.
وقال الحكيم، في كلمة خلال "منتدى السلام والأمن في الشرق الأوسط"، المنعقد في محافظة دهوك في إقليم كردستان العراق، إن المبادرة، التي قال إنها "وطنية سياسية موسعة"، تهدف إلى جمع القوى الفائزة والمعترضة على طاولة النقاش، مبيناً أن "المبادرة يجب أن تشمل المتقبل للنتائج والمعترض عليها، وأن تشارك فيها جميع القوى، سواء كانت الكبيرة أو الناشئة أو المستقلة".
ولفت رئيس تيار "الحكمة" إلى أن "هذه المبادرة ينبغي أن تؤدي إلى إعادة التوازن للعملية السياسية، من خلال اتفاق وطني جامع يقوم على أساس نقاط وتوقيتات واضحة وعملية"، داعياً جميع الأطراف إلى "الالتزام بالآليات القانونية والسلمية في الاعتراض والتفاوض".
وتابع أن "الدم العراقي خط أحمر، لا يجوز تجاوزه من قبل الجميع"، داعياً إلى "الالتزام بالحوار الوطني المستقل، بعيداً عن التدخلات الخارجية بجميع أنواعها".
وشدد على ضرورة "معالجة المخرجات الانتخابية في أي اتفاق مقبل، ورفع أي فيتو سابق على الأطراف السياسية"، مطالباً بـ"احترام خيارات الأطراف التي ترغب بالمشاركة في الحكومة أو المعارضة".
ودعا الحكيم إلى التصويت على ورقة الاتفاق الوطني كقرار برلماني في الجلسة الأولى للبرلمان الجديد.
صالح: تحديات العراق تتطلّب تعاوناً إقليمياً
إلى ذلك، عبّر الرئيس العراقي برهم صالح عن أمله في أن تنتهي الانتخابات بنتائج قانونية ودستورية، موضحاً، في كلمة خلال المؤتمر ذاته، أن ما يحصل في العراق ستكون له تبعات كبيرة في المنطقة.
ولفت صالح إلى أن "البلاد تواجه تحدياً بعد الخلافات التي خيّمت على المشهد السياسي بعد الانتخابات التشريعية التي جرت في العاشر من الشهر الماضي"، مضيفاً أن "في العراق مشاكل كبيرة لا يمكن تجاهلها".
وأشار إلى أن "العراق يواجه أيضاً مشاكل متعلقة بالأمن والتطرف"، مؤكداً أن هذه التحديات تتطلب تعاوناً إقليمياً لحلّها.
زيباري يحذر من الفوضى
من جانبه، دعا القيادي في "الحزب الديمقراطي الكردستاني" هوشيار زيباري إلى القبول بنتائج الانتخابات، مستبعداً الذهاب إلى خيار إعادة الانتخابات التي جرت قبل أكثر من شهر.
وأشار إلى أن البلاد تمر بأخطر أزمة منذ الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003، محذراً من احتمال حدوث فوضى بالتزامن مع إعلان نتائج الانتخابات التشريعية خلال الأيام المقبلة.
وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد حسان العيداني، إن المبادرة التي أطلقها الحكيم تمثل محاولة للخروج من الانسداد السياسي الذي تعاني منه العملية السياسية منذ إجراء الانتخابات، مؤكداً لـ"العربي الجديد"، أن "المبادرة قد تحظى بموافقة القوى المعترضة، إلا أن المهمة الأصعب تتمثل في إقناع القوى الفائزة بها، وخصوصاً الكتلة الصدرية التي تصدرت نتائج الانتخابات بـ 73 مقعداً".
ويشهد العراق منذ خمسة أسابيع أزمة سياسية خانقة، على خلفية اعتراض قوى سياسية على نتائج الانتخابات، واتهام مفوضية الانتخابات بالتلاعب بالنتائج.
ورافقت تلك الاعتراضات اعتصامات ومحاولات لاقتحام المنطقة الخضراء وسط بغداد، من قبل أنصار القوى الرافضة للنتائج.
استمرار النظر في الطعون بنتائج الانتخابات
في غضون ذلك، تواصل الهيئة القضائية للانتخابات النظر في الطعون التي قُدّمت ضد نتائج الانتخابات من قبل المعترضين.
وقال عضو الفريق الإعلامي لمفوضية الانتخابات عماد جميل، اليوم الثلاثاء، إن الهيئة القضائية ستحسم النظر في جميع الطعون المقدمة لها يوم الخميس المقبل، مبيناً، خلال تصريح صحافي، أن ما يصدر عن الهيئة يكون ملزماً لمفوضية الانتخابات، وللجهات المعترضة على النتائج.
وتابع: "بعد حسم كلّ الطعون من قبل الهيئة القضائية، ستقوم المفوضية بإعلان النتائج النهائية"، مشيراً إلى أن الإعلان عن النتائج متوقف على قرار الهيئة القضائية الذي سيحسم بعد يومين.
ووفقاً للدستور العراقي الصادر عام 2005، فإن مفوضية الانتخابات ملزمة بإرسال النتائج إلى الهيئة القضائية من أجل النظر فيها، وبعد حسمها من قبل الهيئة، ترسل النتائج إلى المحكمة الاتحادية للمصادقة عليها، ليصبح بإمكان البرلمان الجديد عقد جلساته في غضون 15 يوماً من المصادقة على النتائج النهائية.