أعلنت السلطات القضائية العراقية، اليوم الاثنين، إصدار عشرات من مذكرات القبض والاستقدام بحق مسؤولين كبار، بينهم نواب ووزراء، بتهم فساد مالي وإداري، فيما كشف مسؤولون أن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بدأ بالضغط في ملف التحقيقات بقضايا الفساد ومتابعته، في وقت تضغط جهات سياسية ومليشيات مسلحة باتجاه منع تحريك الملفات.
ويعد الفساد في العراق واحداً من أخطر الملفات التي كبدت البلاد خسائر مالية كبيرة، تقدر بمئات المليارات من الدولارات في السنوات الماضية، التي أعقبت الغزو الأميركي للعراق عام 2003.
ووفقاً لبيان أصدرته هيئة النزاهة، فإنه "تم صدور 53 أمرَ قبضٍ واستقدامٍ بحقِّ كبار المسؤولين خلال شهر إبريل/نيسان المنصرم، على خلفيَّة قضايا وملفات حققت فيها الهيئة وأحالتها إلى القضاء"، مبينة أن "الأوامر عددها 53 أمرا، ثمانية منها أوامر قبض، و45 أوامر استقدام".
وأوضح البيان أن "الأوامر طاولت ثلاثة أعضاءٍ في البرلمان للدورة الحاليَّة، فضلاً عن عضوٍ من الدورات السابقة، كما شملت وزيراً سابقاً ووزيرين أسبقين، وثمانية محافظين، من بينهم مُحافظان حاليان، و15 مديراً عاما، سبعة منهم حاليون وسبعة سابقون، ومدير عام أسبق، كما شملت الأوامر 23 عضواً من أعضاء الحكومات المحلية".
وأضاف البيان: "هنالك 26 ممن صدرت بحقهم تلك الأوامر مكفَّلون، و18 منهم صدرت بحقِّهم أوامر استقدامٍ، فضلاً عن أربعة آخرين مُحالين إلى جهةٍ تحقيقيَّةٍ أخرى، واثنين محالين إلى محاكم تحقيقٍ أخرى، ومُتَّهمين اثنين هاربين، فيما تمَّ شمول واحدٍ ممَّن صدر بحقّهم أمر استقدامٍ بقرار العفو".
من جهته، قال مسؤول حكومي إن رئيس الوزراء وجه بضرورة حسم أكبر عدد ممكن من ملفات الفساد خلال الفترة المتبقية من عمر الحكومة، والسعي لاستحصال ما يمكن من الأموال من المتورطين من خلال أحكام مصادرة أموالهم المنقولة وغير المنقولة، لمن تثبت إدانته، وقال المسؤول لـ"العربي الجديد" إن "الكاظمي يتابع بنفسه ومن خلال شخصيات مقربة له أيضاً، ملفات الفساد لأجل تقديمها إلى القضاء وحسمها".
مؤكداً في الوقت نفسه وجود ضغوط من قبل قوى سياسية وفصائل مسلحة متنفذة حيال شخصيات تستهدفهم الإجراءات الجديدة"، مشيراً إلى أن "الكاظمي عقد اجتماعات مهمة أخيراً لحث الجهات المسؤولة ودعمها بمتابعة الفساد ومحاسبة المسؤولين عنه".
وتتعرض الحكومة إلى انتقادات وضغوط واسعة من قبل جهات سياسية كلما اعتقلت شخصيات متورطة بالفساد، إذ تصدر السلطات بين الحين والآخر أوامر استقدام لوزراء ومسؤولين للتحقيق معهم بقضايا فساد، كان آخرها اعتقال القيادي في "الحشد الشعبي" قاسم مصلح، الذي تحدث مسؤولون عن تورطه بملفات فساد، عدا قضايا أخرى، وقد ردت الفصائل المسلحة على الاعتقال بتمرد على الدولة ومحاولة اقتحام المنطقة الخضراء بالقوة.
"ميليشيا العصائب" من جهتها لوحت بتحرك برلماني للوقوف بوجه ما أسمته "الإخفاق والتخبط الحكومي"، وقال عضو المكتب السياسي للمليشيا، سعد السعدي، إن "هناك سعياً برلمانياً للقوى السياسية للوقوف بوجه الفشل والتخبط الحكومي".
وأوضح في تصريح صحافي أن "التقصير الحكومي الذي تعيشه الحكومة خلال الفترة الحالية واضح من خلال حالة الفوضى التي تعيشها السلطة"، مشدداً على أنه "لا يمكن السكوت عن الأخطاء الجسيمة التي ترتكبها الحكومة تجاه شبعنا عموماً، وتجاه أبناء الحشد الشعبي خصوصاً".
وسبق أن شكّل رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي لجنة دائمة للتحقيق في قضايا الفساد، يترأسها ضابط رفيع ويشارك في عضويتها ممثلون عن أجهزة أمنية حساسة، مثل جهازي المخابرات والأمن الوطني، بينما يتولى جهاز مكافحة الإرهاب مهمة تنفيذ قرارات القضاء المتعلقة بعمل اللجنة.
وخوّل الكاظمي لجنة التحقيق بقضايا الفساد حق طلب أية أوليات أو معلومات متعلقة بالقضايا التي تنظر فيها من الوزارات أو المؤسسات غير المرتبطة بالوزارات، كما كلّف جهاز مكافحة الإرهاب بمهمة تنفيذ القرارات الصادرة عن قضاة التحقيق، أو المحاكم المختصة بالمسائل التي تخص لجنة التحقيق بقضايا الفساد، وفقاً للقانون.