العدوان على غزة: من اجتياح شامل إلى عمليات محدودة

13 يوليو 2014
دبابات جيش الاحتلال على حدود القطاع (جاك جيوز/فرانس برس/Getty)
+ الخط -
لا يبدي رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، لهفة للخوض في تفاصيل أو عروض اتفاق لوقف إطلاق النار، ووقف العدوان على قطاع غزة، بل على العكس يواصل تصعيد لهجته العدوانية ضد الفلسطينيين.

ويدمج نتنياهو خطاب التصعيد بعبارات تبرير قتل الأبرياء، حتى في المساجد والبيوت، بدعوة أن قادة حركة "حماس" وكوادرها يختبئون في المساجد، ويحولون أهالي القطاع إلى دروع بشرية.

وينطلق نتنياهو في "ثقته المعلنة" ضد الخوض في تفاصيل أو عروض اتفاق وقف إطلاق النار، من عاملين أساسيين، يساعدانه ويمنحانه وقتاً ثميناً إضافياً لتوجيه مزيد من الضربات العسكرية والعدوانية ضد أهداف "حماس"، من جهة، وباتجاه ضرب اللحمة الوطنية ومحاولة دق الأسافين في صفوف أهالي القطاع، عبر الترويج والزعم بأن "حماس" هي التي تتحمل مسؤولية القتل، من جهة أخرى.

ويتمثل العامل الأول والأساسي بـ"الدعم الأميركي لإسرائيل، في حال قررت القيام بعملية اجتياح بري"، وفق تصريحات السفير الأميركي لدى تل أبيب، دان شابيرو، الجمعة الماضية، لصحيفة "معاريف" الإسرائيلية.

أما العامل الثاني المساند، والذي وفر لنتنياهو أياماً عدة لتصعيد الضربات، فهو القرار بتأجيل الجلسة الطارئة لوزراء الخارجية العرب حتى يوم غد الإثنين.

ويراهن نتنياهو على الدور المصري لكبح حركة "حماس"، وإعادة السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة، عبر اشتراط انتشار قوات أمن السلطة عند معبر رفح. ومن هنا يرفض أي عرض لوقف إطلاق النار، قبل اختتام لقاء وزراء الخارجية العرب، الذي لا يعول كثيرون عليه في اتخاذ موقف حاسم. ولا يتوقع خروج الاجتماع بأكثر من إدانة لحكومة الاحتلال.

ومنح تأجيل الاجتماع ليوم غد الإثنين، نتنياهو أكثر من 30 ساعة لشنّ المزيد من الهجمات الجوية على القطاع، ومواصلة التلويح بخيار الاجتياح الشامل، مع الترويج الإسرائيلي المتواصل لفكرة أن "الجيش الإسرائيلي أنهى استعداداته، وأنه بانتظار القرار السياسي بالخروج للعملية".

ويرى العديد من المحللين الإسرائيليين أن "الاجتياح البري في سياق عملية واسعة النطاق لإعادة احتلال قطاع غزة بأكمله، ليس خياراً واقعياً، وإنه يصلح فقط في حال استنفد الطيران الإسرائيلي عملياته، من دون أن تتمكن إسرائيل من تحقيق هدفها من العدوان، المتمثل باستعادة الردع ووقف إطلاق الصواريخ".

ويكاد يجمع المحللون السياسيون والعسكريون في إسرائيل على أن "الحلّ البديل لمخاطر الاجتياح البري الكامل، وخصوصاً في ظروف انعدام المعلومات الاستخبارية الواضحة والدقيقة، لما ينتظر الإسرائيليين في شوارع غزة، هو القيام بعمليات برية واضحة الأهداف والنطاق".

ويمكن لتلك العمليات أن توفر لحكومة إسرائيل ما يسميه المحللون بـ"صورة النصر" المنشودة، ويخفف عن كاهل نتنياهو مطالب المتطرفين في حكومته، الذين طالبوا ليس فقط بالاجتياح البري، وإنما بإعادة احتلال القطاع كاملاً، وفق اقتراحات وزير الخارجية، أفيغدور ليبرمان.

وتشي تصريحات نتنياهو، اليوم الأحد، بأن "العدوان سيستمر أياماً طويلة، إلى أن يتحقق الهدوء لوقت طويل، عبر رفع سقف الشروط الإسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار، من مجرد استعادة الهدوء إلى استعادة الهدوء لوقت طويل".

وترافق ذلك مع تصريحات وتقديرات إسرائيلية مختلفة، تتحدث عن وجوب الوصول إلى رزمة رباعية الأطراف، إن لم يكن أكثر من ذلك، تتضمن إدخال السلطة الفلسطينية برئاسة الرئيس، محمود عباس، لصورة الاتفاق من جهة، واشتراط عدم وقف الحرب قبل أن توافق "حماس"، بشكل قاطع على نزع سلاحها وعلى جعل غزة منزوعة السلاح.

ويهدف إعلان هذا الموقف إلى استغلال "الفجوة بين شروط الطرفين"، مما يُلزم وجود وسيط ثالث، لكسب مزيد من الوقت الثمين، قبل بدء تصدع الدعم الدولي، والصمت العربي الرسمي والشعبي أو وقوع مجزرة "بالمقاييس الإسرائيلية"، وتحويل أنظار العالم عن أوكرانيا وإيران، ومباريات المونديال التي تنتهي ليل الأحد، وتعيد تسليط الضوء على جرائم حكومة نتنياهو.

وفي نهاية المطاف، سيجد نتنياهو نفسه مضطراً جماهيرياً إلى شن عمليات برية محدودة، أو متوسطة، كآلية لتسريع عجلة الوساطة بعد أن تكون إسرائيل قد حسنت شروطها الميدانية، دون أن تضرب امتيازاتها السياسية الحالية المتمثلة بتأييد غربي لها، وسط صمت عربي.

المساهمون