الطعون تهدد مسار انتخابات الصومال

13 ديسمبر 2021
يتهم "اتحاد المرشحين" فرماجو بالعمل لتمديد ولايته (عبدالرحمن يوسف/فرانس برس)
+ الخط -

تعطّل الطعون التي تقدم بها عدد من المرشحين للانتخابات التشريعية، إلى جانب التهديدات بمقاطعة الاستحقاق من قبل اتحاد المرشحين للانتخابات الرئاسية، مسار انتخابات الصومال.

وتوقفت عملية تنظيم انتخابات مقاعد مجلس الشعب البالغ عددها 275 مقعداً الأسبوع الماضي، مثيرة التساؤلات حول إمكانية استكمال الانتخابات النيابية الصومالية قبل 24 ديسمبر/ كانون الأول الحالي، بعد أن تعهدت الحكومة بذلك في نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، إلا أن التوقعات تشير إلى عدم إمكانية الالتزام بهذا الموعد، بحسب خبراء.

وفيما تضفي الطعون مزيداً من التعقيد إلى مشهد الانتخابات النيابية المعطلة، طالب اتحاد المرشحين للانتخابات الرئاسية، الذي يضم رؤساء سابقين أبرزهم الرئيس السابق حسن شيخ محمود، بوقف الانتخابات التشريعية في بعض الولايات الفيدرالية، إثر بروز شكاوى وتهم بالتزوير.

وجاء ذلك في بيان للاتحاد أول من أمس السبت، مشدّداً في الوقت ذاته على ضرورة تنظيم مؤتمر تشاوري بين الشركاء السياسيين، لبحث وتسوية الشكاوى والتهم التي تحيط بعملية الانتخابات البرلمانية.


الاتحاد الجديد يضغط على الحكومة الصومالية لتنظيم انتخابات عادلة


تصويب مسار انتخابات الصومال

وتأتي خطوة اتحاد المرشحين للضغط على الحكومة الفيدرالية للتدخل بشأن تصويب مسار انتخابات الصومال، وذلك عقب حجب مشاركة مرشحين في عضوية البرلمان، من قبل اللجان الفيدرالية المنظمة للانتخابات التشريعية، إلى جانب تزوير الناخبين، لضمان مقاعد في البرلمان لشخصيات نافذة في الحكومة الصومالية والمؤسسات الأمنية والرئاسة الصومالية. وهو ما عدّه أعضاء في اتحاد المرشحين سعياً لتنظيم انتخابات مزورة وسرقتها.

وفي السياق، يقول المتحدث باسم اتحاد المرشحين للانتخابات الرئاسية السفير طاهر محمود جيلي في حديث مع "العربي الجديد" إن الغرض الأساسي لتأليف هذا الاتحاد هو من أجل إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية شفافة، ومواجهة أطماع الرئاسة الصومالية في تمديد فترة ولايتها بصفة غير شرعية.

ويضيف جيلي أن الاتحاد الجديد يضغط على الحكومة الصومالية لتنظيم انتخابات عادلة تترجم رغبات الشعب الصومالي في اختيار ممثلي العشائر والقبائل.

ويعتبر المتحدث باسم اتحاد المرشحين للانتخابات الرئاسية أن انتخابات مقاعد مجلس الشيوخ التي أجريت في أغسطس/ آب الماضي شابها فساد وتزوير في بعض الولايات، لكننا نريد تنظيم انتخابات تعكس رغبة الشعب.

وحول الأهمية السياسية التي يحملها بيان الاتحاد الأخير بوقف الانتخابات التشريعية، يشير جيلي إلى أن الرسالة التي حملها البيان شدّدت على وقف التزوير والانتهاكات، وليس الغرض منها تعطيل مسار الانتخابات.

ويلفت جيلي إلى أن الاتحاد يناشد من أجل إجراء انتخابات شفافة، تمنح جميع المرشحين حق المشاركة في الانتخابات، والالتزام باللوائح التي تنظم آلية إجراء الانتخابات، لكن ما يجرى حالياً يأتي في إطار دعم طرف واحد في المنافسة.

ويرى المتحدث باسم اتحاد المرشحين للانتخابات الرئاسية أن هذا الأمر ليس عملاً ديمقراطياً، وهو "ما يدفعنا إلى المطالبة بوقف هذه الانتهاكات والتزوير" في انتخابات الصومال.

ويشدّد جيلي على أن المشاكل التي تواجهها البلاد راهناً كبيرة جداً، وأن اتحاد المرشحين يبحث حلولاً للأزمة لا التصعيد السياسي، ولكن مع وضوح المخالفات القانونية والمغالطات التي ترتكبها الحكومة الصومالية، لا بد من التفكير بآلية آمنة للخروج من الواقع المأزوم.

ويؤكد جيلي أن الرؤساء والوزراء السابقين، الذين يشكّلون هيكل اتحاد المرشحين، لا يريدون دفع البلاد نحو الهاوية، بل يعملون على إيجاد الحلول.

وكشفت معلومات مسرّبة نشرتها حسابات في موقع "فيسبوك" أن اتحاد المرشحين للانتخابات الرئاسية يسعى إلى إعلان مقاطعة الانتخابات النيابية في غضون أسابيع وتشكيل مجلس إنقاذ وطني، عبر إجراء انتخابات لتشكيل أعضائه، من أجل تجاوز المرحلة الحرجة التي تمرّ بها البلاد.

وهو ما يمثل مزيداً من التأزيم للمشهد السياسي في الصومال وكياناً موازياً للدولة، وذلك بعد تأجيل الانتخابات البرلمانية والرئاسية لمدة عام.

عدد مقاعد مجلس الشعب الصومالي

ويصل عدد مقاعد الانتخابات في مجلس الشعب إلى 275 مقعداً، وبحسب لجنة الانتخابات الفيدرالية فإن نحو 20 نائباً تم انتخابهم من أصل 275. ويختار نحو 30 ألف ناخب، يمثلون القبائل، أعضاء البرلمان في خمس ولايات فيدرالية، وهي بونتلاند وجلمدغ وهرشبيلي وجوبالاند وجنوب غربي الصومال.

وجرت الانتخابات التشريعية في جلمدغ وجنوب غربي الصومال والعاصمة مقديشو، التي تحتضن انتخابات مقاعد أعضاء أرض الصومال، بينما لم تبدأ بعد في بونتلاند وجوبالاند وهرشبيلي.

وحول هذه التطورات، يوضح رئيس اللجنة الوطنية للانتخابات محمد عرو، في حديثٍ مع "العربي الجديد"، أن الاتفاقيات التي جرت بين الشركاء السياسيين على النموذج الانتخابي المعتمد حالياً (انتخابات غير مباشرة)، هي التي تحدد مسار انتخابات الصومال، وأن الأخطاء والعقبات تحصل في المراحل الأولى، لكن من الضروري إصلاحها وتذليل العقبات.


اتحاد المرشحين للانتخابات الرئاسية يسعى إلى إعلان مقاطعة الانتخابات النيابية


خطوات لتصحيح مسار انتخابات الصومال

وحول الطعون المقدّمة بخصوص انتخابات بعض المقاعد التشريعية، يقول عرو إن اللجنة الفيدرالية للانتخابات ستعمل على إجراء انتخابات شفافة، وإن المقاعد التي عُلقت من قبل اللجنة الفيدرالية ستتم إعادة انتخابها، تصحيحاً للمسار الانتخابي وتطبيقاً للاتفاقيات المبرمة بين الصوماليين التي تنظم الانتخابات.

ومع بروز شكاوى وشيوع التهم بتزوير مقاعد عدة في الانتخابات التشريعية، باشر رئيس الحكومة الصومالية محمد حسين روبلي تحركات سياسية لطمأنة اتحاد المرشحين للانتخابات الرئاسية، إلى جانب محاولته الحدّ من تأثير رؤساء الولايات الفيدرالية على سير العملية الانتخابية.

في السياق، يرى الصحافي عدنان عبدي في حديث مع "العربي الجديد" أن رئيس الحكومة الفيدرالية لا يملك العديد من الخيارات للضغط على رؤساء الولايات الفيدرالية بغية تصحيح مسار الانتخابات النيابية، على الرغم من كونه المسؤول الأول عن ملف الانتخابات بعد تكليف مباشر من قبل الرئيس الصومالي المنتهية ولايته محمد عبد الله فرماجو، والإشراف عليها وتنفيذها.

لكن عبدي يعتبر أن دور روبلي ليس مؤثراً، بسبب صراع المصالح تحديداً بين رؤساء الولايات والمرشحين للانتخابات الرئاسية.

ويشير الصحافي إلى احتمال أن يستعيد رئيس الوزراء دوره القيادي لتسوية القضايا العالقة في حال رسّخ استقلاليته عن مختلف الأطراف، ما يمنحه فرصة لأداء دور الوسيط، من أجل احتواء حالة الفشل التي تهيمن على انتخابات الصومال، وإنقاذ البلاد.