الضاحية الجنوبية من بيروت... غزة اللبنانية

بيروت
ريتا الجمّال (العربي الجديد)
ريتا الجمّال
صحافية لبنانية. مراسلة العربي الجديد في بيروت.
02 أكتوبر 2024
مراسلة "العربي الجديد" ترصد حال الضاحية الجنوبية مع استمرار العدوان الإسرائيلي
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- حجم الدمار وصمود السكان: أظهرت الجولة الإعلامية لحزب الله الدمار الكبير في الضاحية الجنوبية لبيروت بسبب الغارات الإسرائيلية، حيث أصر السكان على البقاء في منازلهم، مؤكدين صمودهم واستمرارية المقاومة رغم تضرر الأسواق والمؤسسات.

- التحديات والمخاطر: كان التنقل صعباً بسبب الركام، مع رائحة الدماء والبارود. ارتدى الصحافيون الكمامات والسترات الواقية لضمان سلامتهم، واستغل المواطنون الفرصة لتفقد شققهم وسط شعور نسبي بالأمان.

- مواقع الجولة وتصريحات حزب الله: شملت الجولة بئر العبد، رويس، وحي الأميركان. أكد محمد عفيف أن المباني المستهدفة مدنية، وأن الهدف هو التحريض على المقاومة، مشيراً إلى استعداد المقاومة للمواجهة.

كشفت الجولة التي نظمتها العلاقات الإعلامية في حزب الله لوسائل الإعلام، ظهر الأربعاء، حجم الدمار الذي خلّفته سلسلة الغارات الإسرائيلية العنيفة على الضاحية الجنوبية من بيروت في الأيام الماضية، حيث طغت المباني المسواة بالأرض على المشهد وصور الأمين العام الشهيد حسن نصر الله المرفوعة فوق الركام، تأكيداً على الصمود والبقاء واستمرارية المقاومة.

في أحياء الضاحية الجنوبية لبيروت، جال "العربي الجديد"، إلى جانب أكثر من 200 صحافي من وسائل إعلام محلية وأجنبية وعربية، ووثقت عدسة كاميرته المباني المتضرّرة، وهي بالعشرات، منها ما هو مدمّر بالكامل، وأخرى بشكل جزئي، وتلك التي بقيت صالحة للسكن، أصرّ بعض قاطنيها على البقاء، وقالوا لنا: "لن نترك أرضنا، مهما حصل، هنا وُلِدنا، تربّينا، وهنا سنموت، نصر الله (الأمين العام لحزب الله) استشهد هنا بين أهله وناسه فكيف لنا أن نرحل"، في حين تضرّر عددٌ كبيرٌ من الأسواق والمحال التجارية والمؤسسات والمطاعم والمقاهي، علماً أن لا إحصاء دقيق لحجم الخسائر في ظلّ صعوبة المعاينة، بينما لا تغيب طائرات الاحتلال عن سماء العاصمة.

التنقّل في الشوارع لم يكن بهذه السهولة، فالطريق مغطّاة بالركام والحديد والزجاج المتناثر، وعلى جوانبها تصطفّ السيارات المتضرّرة والمحترقة، والأثاث المتطاير، رائحة الدماء يمكن تنشّقها، كيف لا وسقط العديد من الشهداء على أرضها، عدا عن رائحة البارود والحرائق، ما دفع العديد من الصحافيين إلى ارتداء الكمامات، في حين كان لافتاً عدد الأغراض المتّصلة بالأطفال التي تملأ الأماكن المستهدفة، من ألعاب وأحذية بأحجام صغيرة، ودفاتر رسم وتلوين، ودمى زهرية، فجيش الاحتلال صوّب على العائلات والأطفال وقد استشهد كثيرون منهم بذريعة ضربه مخازن أسلحة حزب الله.

أما سلامة الموجودين فتبقى معرّضة للخطر، خصوصاً أن بعض المباني لا تزال النيران مندلعة فيها، والدخان الكثيف يغطّي الأجواء، لذلك كانت الإجراءات من قبل منظّمي الجولة أكثر تشدّداً من ناحية ضرورة البقاء على مسافة بعيدة نسبياً من الأماكن المستهدفة، والتنقّل كمجموعة، كما التزم الصحافيون بارتداء السترات الواقية والخوذ.

بالتزامن، استغلّ الكثير من المواطنين الفرصة لتفقد شققهم ومعاينة الأضرار فيها، وأخذ ما تبقى لهم من أغراض، شعوراً منهم بنسبة من الأمان، باعتبار أنّ الاحتلال الإسرائيلي لن يستهدف مئات الإعلاميين، خصوصاً بوجود نسبة كبيرة من الأجانب بينهم، رغم أن "مفاجآته الدموية تبقى في الحسبان وسابقاته لا تحصى".

وحدّد حزب الله 3 مواقع في الضاحية الجنوبية لبيروت، حيث واكب عناصره ومسؤولون فيه الصحافيين والمصوّرين، وحرصوا على التزام الجميع بالإجراءات، فكانت النقطة الأولى، بئر العبد، حيث استهدف الاحتلال للمرة الأولى مؤسسة إعلامية وهي قناة الصراط الثقافية الدينية، وهناك تحدث مسؤول العلاقات الإعلامية في حزب الله محمد عفيف إلى وسائل الإعلام، وخرق أحد المواطنين الزحمة والأمن وصعد إلى حافة في المبنى المستهدف ليهتف "لبيك يا نصر الله"، قبل أن ينزله "المنظّمون".

النقطة الثانية، منطقة رويس، التي تبدّلت ملامحها بالكامل، وأصبحت شوارعها مهجورة، يخترقها أحياناً السكّان المهجَّرون في أوقات النهار، الذين يستغلون لحظة هدوءٍ لإحضار ما تبقى من أغراضهم أو افراغ محالهم التجارية من البضائع، باعتبار أنهم غادروها سريعاً إما تحت القصف أو أخلوها بعد التهديدات الإسرائيلية بضربها.

أما النقطة الثالثة، فكانت حيّ الأميركان على أطراف الضاحية الجنوبية لبيروت، حيث المشهد مفجع، وكأنّ زلزالاً ضرب المكان، الدخان الكثيف يتصاعد من المباني المستهدفة، ويحجب الرؤية، والنيران لا تزال مشتعلة، ورغم ذلك، تسلّق شبّان وهتفوا بصوتٍ عالٍ وغاضبٍ "فليسقط الشيطان الأكبر.. وهيهات منّا الذلة"، معاهدين بالانتقام والردّ على اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله.

وخلال الجولة، قال مسؤول العلاقات الإعلامية في حزب الله الحاج محمد ‏عفيف: "نقف الآن أمام مبنى قناة الصراط الثقافية الدينية المدمّرة لنؤكد ‏لكم أن ادعاءات العدو الصهيوني حول وجود أسلحة أو مخازن ‏أسلحة في هذا المبنى أو سواه من المباني التي سوف نزورها في إطار ‏الجولة هي ادعاءات كاذبة لا أساس لها من الصحة ‏على الإطلاق".

تقارير عربية
التحديثات الحية

وشدد على أن "كل المباني المدنية التي قُصفت في الضاحية هي مبان ‏مدنية بحتة، يسكنها مدنيون لبنانيون، ولا تحتوي على أي أنشطة ‏عسكرية، ويمكنكم التأكد من ذلك بأنفسكم، وإن رغبتم بإجراء ‏المزيد من التحقيقات حول طبيعة المباني التي جرى قصفها في ‏الضاحية فسوف تكون العلاقات الإعلامية في حزب الله جاهزة ‏لتوفير المساعدة التقنية واللوجستية الضرورية لكم كي نتأكد ‏ونؤكد للعالم بأسره أن هذا عدوان همجي بربري على قناة ‏دينية متخصصة بالشأن الثقافي وليس لها علاقة بأي أنشطة ‏عسكرية، وكذلك سائر المباني التي جرى قصفها في الآونة ‏الأخيرة".

وأضاف: "بالنسبة لنا، فإن الهدف من هذا التدمير الواسع النطاق في ‏الضاحية الجنوبية هو التدمير نفسه والقتل والحقد والإجرام ‏وتكرار ما حدث في قطاع غزة، والآن نحن نعيش غزة لبنانية ‏مجدداً، والهدف عند العدو الصهيوني هو التدمير وإشباع ‏الغريزة البهيمية الحيوانية، غريزة شرب الدماء والقتل العبثي".
وأشار عفيف إلى أن "الهدف عند العدو واضح ورسالته لنا واضحة، وهي تدمير ‏منهجي منظّم في القرى الحدودية في الجنوب، وفي قلب ‏الضاحية الجنوبية، وفي البقاع العزيز، من أجل تحريض بيئة ‏المقاومة على المقاومة، وجعل كلفة الإعمار لاحقاً عالية عبر مزيد من التدمير المتواصل والمنظم والممنهج والمقرر مسبقاً ‏عند جيش الاحتلال".

وتابع: "لقد اشتبكت اليوم قواتنا في معركة بطولية أولى صباح هذا ‏اليوم في العديسة، وأيضاً في مارون الراس، وما حصل في مسكفعام اليوم ‏ليس إلا البداية لما ينتظر قوات الاحتلال. عدد القتلى في ‏صفوف قوات العدو كبير اليوم، وبدأت الأخبار تتوالى، وبدأ ‏الاعتراف يظهر على وسائل الإعلام، رغم كل التعتيم الذي تجريه الرقابة ‏العسكرية عادة على خسائره بالجبهة، لكن اليوم أفلتت من يده، ‏وكان لا بد له أن يعترف، لأن الخسائر واضحة وجلية، وكل ‏دقيقتين أو ثلاث تظهر وسائل إعلام العدو وتقول إن هنالك ‏حدثاً أمنياً كبيراً في الشمال، أي المقصود أن هنالك قتلة ‏وجرحى في صفوف العدو"، مشدداً على أن "قواتنا ومقاومينا على أتم ‏الجهوزية والاستعداد للمواجهة والبطولة والتضحية، ولسان ‏حالهم لبيك يا نصر الله".

وأكد عفيف أنّ "المقاومة بخير وأن منظومة ‏القيادة والسيطرة بخير، وأن قدرات المقاومة العسكرية بخير، ‏وأن الحرب صولات وجولات، وإن كنتم نلتم منا في الجولة ‏الأولى عبر الاغتيالات والتدمير، فلسنا الآن سوى في الجولة ‏الأولى، وقد كتب الله لنا النصر وما النصر إلا من عند الله ‏العزيز الحكيم".‏

ذات صلة

الصورة

سياسة

اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي، فجر اليوم الاثنين، بلدة عزون شرقي قلقيلية في الضفة الغربية المحتلة، وسط انتشار عسكري كثيف
الصورة
دبابة إسرائيلية على حدود لبنان من جهة الناقورة، 13 أكتوبر 2024 (Getty)

سياسة

اشتدت حدة المواجهات البرية بين حزب الله وجيش الاحتلال الإسرائيلي في جنوب لبنان مع دخول المعارك شهرها الأول من دون أن تتمكن إسرائيل من إحكام السيطرة.
الصورة
قصف إسرائيلي في محيط قلعة بعلبك الأثرية، 21 أكتوبر 2024 (نضال صلح/فرانس برس)

سياسة

انضمّت مدينة بعلبك إلى الأهداف الإسرائيلية الجديدة في العدوان الموسَّع على لبنان تنفيذاً لسياسة الأرض المحروقة ومخطّط التدمير والتهجير الممنهج.
الصورة
نعيم قاسم في كلمة له أثناء تشييع قيادي في حزب الله ببيروت، 22 سبتمبر 2024 (فرانس برس)

سياسة

أعلن حزب الله اليوم الثلاثاء انتخاب نعيم قاسم أميناً عاماً له خلفاً لحسن نصر الله الذي استشهد في 27 سبتمبر/أيلول الماضي بغارة إسرائيلية.