استمع إلى الملخص
- تُظهر تصريحات هاريس رغبتها في تجنب الصراع العسكري مع الصين، مما يعكس مخاوف واشنطن من المنافسة العسكرية، وتسعى للحفاظ على التواصل الدبلوماسي رغم تعزيز الاحتواء العسكري.
- يفتقر هاريس للخبرة الدبلوماسية، مما قد يدفعها لاتباع سياسة بايدن، بينما يفضل بعض المحللين الصينيين فوز ترامب لوضوح سياساته تجاه الصين.
لايزال السؤال حول هوية الرئيس القادم للولايات المتحدة وأولوياته السياسية وتأثير ذلك على مستقبل العلاقات بين بكين وواشطن، يشغل صناع القرار في الصين، فقد سلطت وسائل إعلام صينية الثلاثاء الضوء على فرص فوز مرشحة الحزب الديمقراطي كامالا هاريس بالانتخابات الرئاسية وتأثير ذلك على العلاقات الأميركية الصينية. وقالت صحيفة ساوث تشاينا مورنيغ بوست إن الصين والولايات المتحدة من المرجح أن تواجها المزيد من الصراع السياسي إذا تغلبت كامالا هاريس على دونالد ترامب الشهر المقبل لتصبح الرئيس السابع والأربعين للولايات المتحدة. وذكرت أن مرشحة الحزب الديمقراطي للرئاسة ستكون أكثر تردداً من منافسها الجمهوري في قبول حقيقة أن تلحق الصين بالركب، وأن الولايات المتحدة لم تعد قادرة على الهيمنة على العالم كما فعلت في التسعينيات، وأن هاريس أكثر حرصاً على الحفاظ على هيمنة أميركا من ترامب، الذي كان أكثر اهتماماً بالمصالح الداخلية للولايات المتحدة من هيمنة البلاد الدولية. وأضافت "إذا فازت هاريس في الانتخابات، ستواجه الصين والولايات المتحدة صراعات سياسية أكثر مما لو فاز ترامب في الانتخابات. وتأتي هذه التعليقات قبل أقل من أربعة أسابيع من الانتخابات الأميركية".
وكانت وسائل الإعلام الصينية قد توقفت في وقت سابق، عند تصريحات مثيرة لكامالا هاريس أشارت فيها إلى أن الولايات المتحدة لا تسعى إلى صراع عسكري مع الصين. واعتبرت أن ذلك يعكس مخاوف واشنطن بشأن الوضع الدولي الحالي، وتساءلت عما إذا كان هذا بسبب شعور الإدارة الأميركية بأنها تواجه ضغوطا هائلة في المنافسة العسكرية مع الصين، وبالتالي يتعين عليها أن تتبنى موقفا أكثر حذرا. ولم تكن تعليقات هاريس معزولة عن الواقع، ففي السنوات الأخيرة، أعربت واشنطن عن مخاوفها بشأن الصراعات بين الصين والولايات المتحدة في مناسبات متعددة. ورغم أن الولايات المتحدة تواصل تعزيز احتوائها للصين عسكرياً، فإنها ترسل أيضا إشارة دبلوماسية بأنها تأمل في الحفاظ على التواصل والتعاون بين البلدين. ويعكس هذا التناقض اضطراب مقاربة الولايات المتحدة لعلاقاتها مع الصين في ظل المعطيات الراهنة، فمن ناحية، لا ترغب في التخلي عن هيمنتها العالمية، ومن ناحية أخرى، لا تريد الدخول في مواجهة مفتوحة مع خصم ومنافس متزايد القوة.
خبرة قليلة لهاريس
يعتقد الباحث في معهد ليوانينغ للدراسات السياسية يوان تشي وانغ، في حديث لـ "العربي الجديد"، بأن المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس تفتقر للخبرة الدبلوماسية الكافية للتعامل مع الملفات الخارجية خاصة ما يتصل بالصين وروسيا. وقال "سينعكس ذلك على قراراتها السياسية في حال فوزها بالانتخابات الرائاسية، على الأقل خلال النصف الأول من ولايتها، إذ يرى أنها ستنتهج سياسة جو بايدن للحفاظ على درجة من الاستقرار والتوازن خلال هذه الفترة الحرجة، من أجل التركيز على الملفات الداخلية وتحقيق اختراقات تؤهلها للتعامل بحزم مع القضايا الخارجية في وقت لاحق مثل الأزمة الأوكرانية والتهديد الصيني. ولفت إلى أن هاريس شددت في غير مناسبة على أنها ستضمن أن تقود الولايات المتحدة العالم إلى المستقبل في مجالات الفضاء والذكاء الاصطناعي على حساب الصين، وأنها لن تتخلى عن قيادتها العالمية، لكنها لم تقدم أي رؤية واضحة حول الكيفية التي ستحقق فيها هذه الأهداف. وأضاف بأن "الرغبة في الهيمنة تستدعي حشد الحلفاء وتكثيف الإجراءات لمحاصرة الصين، كما سعى جو بايدن خلال فترة حكمه، وبالتالي من غير المتوقع أن تحيد السياسة الخارجية تجاه الصين عن مسارها في حال وصول هاريس إلى السلطة، على الأقل خلال النصف الأول من ولايتها الرئاسية".
لماذا تفضل الصين ترامب؟
من جهته، قال أستاذ العلاقات الدولية في مركز ونشوان للدراسات الاستراتيجية لي جيانغ، في حديث مع "العربي الجديد"، بأن فوز ترامب قد يكون الخبر الأقل وقعاً على بكين، نظراً لوضوح رؤيته ومخططاته المتعلقة بسياسة بلاده الخارجية تجاه الصين. وأضاف أن ترامب أعلن اعتزامه زيادة الرسوم الجمركية على البضائع الصينية في حال فوزه بالانتخابات، ولديه سياسة معادية مكشوفة، وقد خبرت الصين على مدار سنوات حكمه الماضية العديد من أساليبه وألاعيبه، وبناء على ذلك طورت استراتيجيات مضادة أثبتت نجاعتها، وبالتالي لن تستنزف الصين وقتاً وجهداً في التعامل مع سياسة ترامب في حال فوزه بالانتخابات المقبلة. وفي حين أن انتخاب هاريس قد يستدعي البحث عن أساليب وتكتيكات جديدة للحفاظ على استقرار العلاقات بين الولايات المتحدة والصين سيكون ذلك التحدي الأكبر للبلدين، حسب قوله. وأضاف لي جيانغ "بغض النظر عن رئيس الولايات المتحدة الذي سيتولى السلطة، لن يكون هناك تغيير جوهري في علاقة الولايات المتحدة مع الصين، وسوف تظل واشنطن تنظر إلى بكين منافساً وخصماً استراتيجياً". ولفت إلى أن "الصين تدرك أن تبني مواقف متشددة تجاهها من المرشحين الأميركيين يكون عادة لأغراض تتعلق باستقطاب الناخبين وزيادة فرص الفوز في الانتخابات، ولكن ما أن تنتهي الانتخابات حتى تصبح المواقف أقل تشدداً لأنها ستصطدم حينها بالواقعية السياسية".