الشيخ مشعل الأحمد.. أول أمير للكويت من خارج المناصب الحكومية

16 ديسمبر 2023
أصبح الشيخ مشعل الأحمد أميراً للكويت بعد وفاة نواف الأحمد (Getty)
+ الخط -

نادى مجلس الوزراء الكويتي، الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح أميراً لدولة الكويت، خلفاً للأمير الراحل، الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، عقب اجتماع استثنائي عقده ظهر اليوم السبت، عملاً بأحكام الدستور والمادة الرابعة من القانون رقم 4 لسنة 1964 في شأن أحكام توارث الإمارة.

وكان أمير الكويت السابق، الشيخ نواف الأحمد، قد زكى في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2020، الشيخ مشعل الأحمد وليّاً للعهد، وبايعه مجلس الأمة (البرلمان) الكويتي في اليوم التالي، ليؤدي اليمين الدستورية أمام الأمير والبرلمان.

وسيكون الشيخ مشعل الأحمد، آخر أمراء الكويت من أبناء حاكم البلاد السابق، الشيخ أحمد الجابر الصباح، الذي حكم البلاد أربعة من أبنائه، ليُنقل الحكم بعدها إلى جيل جديد من أبناء الأسرة الحاكمة.

وكان مرسوم أميري صدر في نوفمبر/ تشرين الثاني 2021، قد قضى باستعانة أمير الكويت الراحل، الشيخ نواف الأحمد، بوليّ العهد الشيخ مشعل الأحمد "لممارسة بعض الاختصاصات الدستورية للأمير وبصفة مؤقتة". ومنذ ذلك الحين، تولّى الشيخ مشعل الأحمد زمام إدارة أمور معظم شؤون البلاد الداخلية والخارجية، والمسائل السيادية كافة التي تقع ضمن صلاحيات الأمير الدستورية نيابةً عن الأمير، وشملت صلاحياته حلّ مجلس الأمة 2020 مرتين، وتشكيل الحكومات وقبول استقالتها خلال هذه الفترة.

كما ألقى مشعل الأحمد خلال ولاية العهد خطابات أمير الكويت الراحل، الشيخ نواف الأحمد، بالنيابة، في يونيو/ حزيران 2022، وإبريل/ نيسان الماضي، والتي مُنحت فيها تعهدات وُصفت بالتاريخية في مسيرة الحياة الديمقراطية في الكويت، ودشّنت مرحلة جديدة من تاريخ البلد السياسي، بعد سنوات من الأزمات العاصفة بين المعارضة في البرلمان والحكومة.

وخلال هذه الفترة، مثّل الشيخ مشعل الأحمد، أمير الكويت الراحل، في الزيارات الرسمية كافة إلى الدول الصديقة، على رأسها الصين، في سبتمبر/ أيلول الماضي، ووقع عدداً من الاتفاقيات الاقتصادية مع الرئيس الصيني شي جين بينغ. كما مثّل الأمير الراحل في جميع المناسبات الخارجية الرسمية على مستوى القمم الخليجية والعربية والإسلامية.

وتولّى الشيخ مشعل الأحمد ملفين في الشأن الخارجي بشكل شخصي، الأول متابعة "اتفاقية خور عبد الله" بشأن تنظيم الملاحة بين الكويت والعراق، إثر توترات أشعلها حكم المحكمة الاتحادية العراقية العليا حول عدم دستورية الاتفاقية المُوقعة عام 2012، والآخر ملف "حقل غاز الدرة" مع إيران، إذ أصر على أنه حقل كويتي سعودي خالص، بينما ترى طهران أن لها الحق في استثماره معهما.

صعود مشعل الأحمد

وُلد الشيح مشعل الأحمد الصباح عام 1940، وهو الابن السابع لأمير الكويت العاشر، الشيخ أحمد الجابر، من زوجته مريم بنت مريط الحويلة، التي تنتمي إلى قبيلة العجمان، إحدى أكبر القبائل من ناحية الحضور السياسي والاجتماعي في البلاد. وتلقى الشيخ مشعل تعليمه في مدرسة المباركية، وهي أول مدرسة نظامية في الكويت، وكان يدرس فيها أبناء الشيوخ والأعيان، قبل أن يذهب إلى الدراسة في كلية هندون للشرطة في بريطانيا، والتي تخرج فيها عام 1960.

وتدرج الشيخ مشعل الأحمد في السلك الأمني بوزارة الداخلية في الكويت، حيث عمل رئيساً لجهاز المباحث العامة بين أعوام 1967 و1980، وهو من أنشأ جهاز "المباحث السياسية"، الذي تحول إلى جهاز "أمن الدولة" اليوم، ويختص بالمخابرات الداخلية والخارجية في البلاد.

وبعد خروجه من العمل الرسمي في منتصف ثمانينيات القرن الماضي، تفرّغ الشيخ مشعل الأحمد للعمل التجاري، إذ عمل ممثلاً تجارياً لأبناء الشيخ أحمد الجابر الصباح، ووكيلاً عن أملاك ورثته العقارية.

وفي عام 2004، قرر أمير الكويت الأسبق، الشيخ جابر الأحمد الصباح، تعيين الشيخ مشعل الأحمد نائباً لرئيس جهاز الحرس الوطني، خلفاً للشيخ نواف الأحمد الصباح، الذي أصبح بعد عامين فقط وليّاً للعهد. وشهد جهاز الحرس الوطني في عهده طفرة كبيرة على مستوى التسليح والتنظيم، وتحول إلى قوة أمنية وعسكرية مهمة، إضافة إلى اضطلاعه بأدوار جديدة في حراسة المنشآت النفطية والأمنية، في ظل التهديدات التي كانت تواجه البلاد بسبب سقوط نظام الرئيس العراقي صدام حسين في ذلك الوقت، كما كان لجهاز الحرس الوطني أدوار إضافية من خلال نزوله إلى شوارع الكويت خلال أزمة كورونا، لمنع تفشّي الجائحة.

ولدى الشيخ مشعل الأحمد اهتمام كبير بالتراث والشعر، إضافة إلى هوايات في الصيد والفروسية، الأمر الذي قرّبه من مختلف الفئات الاجتماعية في الكويت، ومنحه شعبية في الأوساط القبليّة. وسبق له أن تولى رئاسة "ديوانية شعراء النبط" عام 1977، الذي قام بزيارة شخصية إليه خلال تولّيه صلاحيات الأمير الراحل، وثمّن دوره بالحفاظ على التراث الشعبي.

أول أمير يأتي من خارج المناصب الحكومية

وطوال مسيرته، لم يتقلّد الشيخ مشعل الأحمد أي منصب وزاري، وفضّل الابتعاد عن المناصب الحكومية، واختار النأي بنفسه عن الصراعات والتجاذبات السياسية سواء بين مجلس الأمة والحكومة، أو بين أبناء الأسرة الحاكمة الطامحين إلى الحكم، والتي أدت إلى سقوط رئيسي مجلس الوزراء السابقين، الشيخ ناصر المحمد الصباح عام 2011، والشيخ جابر المبارك الصباح عام 2019.

وبذلك يُعدّ الشيخ مشعل الأحمد أول أمير يأتي من خارج المناصب الحكومية في الكويت، منذ استقلالها عن المعاهدة البريطانية عام 1961، ويُعتبر واحداً من أقطاب الأسرة الحاكمة، والذي عُرف بقربه من أميري الكويت السابقين، الشيخ صباح الأحمد الصباح، والشيخ نواف الأحمد الصباح، وكان مرافقاً شبه دائم لهما، ووُصف بأنه "العضيد"، وحافظ أسرار أخويه اللذين توليا منصب الإمارة على التوالي.

المساهمون