ذكرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان أن النظام السوري أفرج بموجب مراسيم العفو التي أصدرها منذ انطلاقة الثورة السورية عام 2011 وحتى الآن عن 7351 معتقلا فقط، وما زال في سجونه أكثر من 135 ألف معتقل ومختف قسريا.
وأوضحت الشبكة في تقرير لها، صدر في باريس اليوم الأربعاء، أن النظام السوري أصدر منذ مارس/آذار 2011 نحو 21 "مرسوم عفو"، تدرجت بين العفو عن كامل أو نصف أو ربع العقوبة لمختلف الجرائم والجنح الجنائية بشكلٍ رئيسي، ولكن بعضها تطرق إلى المعتقلين السياسيين، فيما شملت معظم المراسيم العسكريين الفارين من الخدمة العسكرية (المنشقين) أو المتخلفين عنها، مع اشتراط تسليم أنفسهم خلال مدة محددة.
وأضافت أن مراسيم العفو هذه التي أصدرها رئيس النظام بشار الأسد "بشكل مزاجي" أدت إلى إطلاق سراح الآلاف من مرتكبي الجرائم، و"يبدو أن هذا الإطلاق كان مقصوداً من قبل النظام السوري بهدف قبول كثير من المفرج عنهم الالتحاق بالمليشيات المحلية التي أسسها النظام السوري للدفاع عنه"، وفق الشبكة.
الإفراج عن 7351 معتقلاً فقط
ووفق إحصائيات الشبكة، فقد بلغت حصيلة المعتقلين تعسفياً الذين أفرج عنهم بموجب هذه المراسيم نحو 7351 شخصاً (6086 مدنياً، و1265 عسكرياً)، وذلك من مختلف السجون المدنية والعسكرية والفروع الأمنية في المحافظات السورية، بينهم 349 سيدة و159 شخصاً كانوا أطفالاً عند اعتقالهم.
وأوضحت أن أعلى حصيلة للمدنيين المفرج عنهم بموجب هذه المراسيم كانت في عام 2012 بموجب المرسوم رقم 10 لعام 2012 يليه عام 2014 بموجب المرسوم 22. وفي المقابل، سجل التقرير أعلى حصيلة للأشخاص الذين لا يزالون قيد الاعتقال والاختفاء القسري في عام 2012 ثم 2013، وهي ذاتها الأعوام التي شهدت إصدار أكبر عدد من مراسيم العفو، بلغ مجموعها عشرة مراسيم، أي نحو نصف مجموع جميع المراسيم الصادرة، ما يشير إلى أن مراسيم العفو تتزامن عادة مع ارتفاع حملات الاعتقال التعسفي.
وحول المرسوم الأخير الذي أصدره رئيس النظام وحمل الرقم (7) لعام 2022 القاضي بمنح عفو عام عن الجرائم المرتكبة قبل تاريخ 30 إبريل/ نيسان 2022، والذي اختلف قليلاً عن المراسيم السابقة من حيث اعتباره غير معلق على شرط، حيث لم يشترط أن يسلم المطلوب نفسه للسلطات، أو دفع غرامات، إلا أنه لم يختلف من ناحية التطبيق عن المراسيم السابقة.
وأكد التقرير أنه بالرغم من هذه المراسيم الكثيرة، ما زال هناك ما لا يقل عن 135 ألفاً و253 شخصاً، بينهم 3684 طفلاً و8469 سيدة (أنثى بالغة)، قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري على يد قوات النظام السوري منذ مارس/ آذار 2011 حتى أغسطس/ آب 2022، أي أن حصيلة الأشخاص الذين اعتقلوا أو أخفوا من قبل قوات النظام السوري عقب إصدار مراسيم العفو تزيد عن 17 ضعفا عن حصيلة من أفرج عنهم بموجب هذه المراسيم.
اعتقال من سلموا أنفسهم
في السياق، وثق التقرير إقدام أجهزة النظام الأمنية على اعتقال ما لا يقل عن 1867 شخصاً، بينهم 1013 من العسكريين و854 مدنيا ممن سلموا أنفسهم استجابة لمراسيم العفو، تحول 1833 منهم إلى مختفٍ قسرياً، وسجلت وفاة ما لا يقل عن 34 شخصاً منهم بسبب التعذيب وإهمال الرعاية الصحية أو صدور أحكام بالإعدام ضدهم من قبل محكمة الميدان العسكرية.
ابتزاز أهالي المعتقلين
وتطرق التقرير إلى شبكات النصب والابتزاز التي ترعى معظمها الأجهزة الأمنية، والتي تنشط خصوصا عقب كل مرسوم، وتتبع أساليب متعددة، مستفيدة من قدرتها على الوصول إلى بعض المعلومات عن الشخص المعتقل اعتمادا على اتصالاتها مع الأجهزة الأمنية أو على المصادر المفتوحة، حيث تعمل على الإيقاع بأهالي المعتقلين لابتزازهم ماليا بزعم قدرتها على إدراج اسم ابنهم المعتقل في قوائم المفرج عنهم.
وأشار التقرير إلى أن هذه الشبكات تضم ضباطا ومحامين وقضاة ومدنيين متنفذين أصبحت لديهم خبرة كبيرة على مدى الـ12 سنة الماضية في مجال استدراج الأهالي ومداعبة آمالهم برؤية أبنائهم المعتقلين حتى لو دفعوا كل ما يملكون.
مدير الشبكة: مراسيم مضللة
ويقول فضل عبد الغني، مدير "الشبكة السورية لحقوق الإنسان"، لـ"العربي الجديد"، إن الشبكة بذلت جهدا كبيرا لتوثيق نتائج هذه المراسيم وحيثياتها، معتبرا أن هذا التقرير "يعدّ مرجعا أقرب إلى الدقة بالنسبة إلى صناع القرار والهيئات الأممية".
وأشار إلى أن النظام السوري يستخدم المعتقلين كرهائن. وحث عبد الغني الهيئات الدولية ذات الصلة على متابعة قضية المعتقلين في سجون النظام السوري بشكل جدي، وعدم الركون لمراسيم العفو المضللة التي يصدرها النظام السوري.