السياسة ممنوعة على بولسونارو

السياسة ممنوعة على بولسونارو

02 يوليو 2023
يتولى بولسونارو منصب الرئيس الفخري للحزب الليبرالي (ميغيل شينكاريول/فرانس برس)
+ الخط -

تلاشت آمال الرئيس البرازيلي السابق جايير بولسونارو باستعادة السلطة، بعدما أصدرت المحكمة الانتخابية الفيدرالية في العاصمة برازيليا قراراً، أول من أمس الجمعة، يقضي بمنعه من ممارسة العمل السياسي حتى عام 2030. وعاقبت المحكمة بولسونارو، البالغ من العمر 68 عاماً، لتحريضه على النظام الانتخابي في البلاد، وتشكيكه بنزاهته، وقيادته حركة رافضة لنتائج الانتخابات الرئاسية في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، والتي فاز فيها لويس إيناسيو لولا دا سيلفا.

وكانت تلك الحركة بلغت ذروتها في 8 يناير/ كانون الثاني الماضي، حين اقتحم الآلاف من أنصار بولسونارو الكونغرس البرازيلي وقصر بلانالتو الرئاسي ومقر المحكمة العليا، ومقرات وزارية، في العاصمة، مطالبين الجيش بالانقلاب على نتائج الانتخابات والإمساك بالسلطة.

وبعد قرار المحكمة أول من أمس تتجه الأنظار إلى الخطوة التالية لبولسونارو وأنصاره، وإلى المشهد داخل معسكر اليمين واليمين المتطرف في البرازيل، والتي لا يزال الرئيس السابق مهيمناً عليها بشكل أو بآخر، فيما تكبر التكهنات حول إمكانية دفعه بزوجته، ميشال، للترشح للرئاسة.

يزيح القرار من أمام لولا منافساً شرساً للرئاسة في 2026

ومنعت المحكمة الانتخابية العليا في البرازيل، الجمعة، بولسونارو من ممارسة العمل السياسي لثمانية أعوام، بعدما دانته بـ"استغلال السلطة السياسية والاستخدام غير السليم لوسائل الاتصال" بسبب معلومات "خاطئة" نشرها عن نظام التصويت الإلكتروني، وذلك قبل بضعة أشهر من هزيمته أمام لولا.

وبولسونارو هو أول رئيس يدان في البرازيل على خلفية انتخابية. واستندت المحكمة في حكمها إلى خطاب ألقاه الرئيس البرازيلي السابق (2019 - 2022) أمام السفراء المعتمدين في برازيليا، في يوليو/ تموز 2022، قال فيه إنه يريد "تصحيح العيوب" في التصويت الإلكتروني "بمشاركة القوات المسلحة". وربط المدعون العامون تصريحات بولسونارو تلك باقتحام أنصاره القصر الرئاسي والكونغرس والمحكمة العليا بالعاصمة، في يناير، بعد أسبوع من تنصيب لولا.

وكانت المحكمة الانتخابية العليا في البرازيل قد حذّرت على لسان رئيسها ألكسندر دي مورايس، قبل الانتخابات الرئاسية العام الماضي، من أنها "لن تتسامح مع التطرف الإجرامي، أو المعلومات الزائفة والمعلومات المضللة بهدف خداع الناخبين". وانتقد القضاة الذين صوتوا لإدانة بولسونارو، أمس الأول الجمعة، سلوك الرئيس السابق بشدّة. وقال القاضي أندري راموس تافاريس إن خطاب بولسونارو كان أشبه بـ"سردية متوهمة مع آثار ضارة على الديمقراطية" وإنه لم يكن عملاً منعزلاً بل خياراً "تشكّل بطريقة استراتيجية على مرّ الزمن لأغراض انتخابية".

وصاغ الحكم ضد بولسونارو في المحكمة القاضي بينيديتو غونسالفيز، الذي اعتبر أن الرئيس السابق استغل اجتماع السفراء، لـ"زرع الشكوك وتأجيج نظريات المؤامرة". ولكن على عكسهما، اعتبر القاضي راول أراوخو الذي صوّت ضد القرار أن تصرف بولسونارو "لا يوازي بأهميته تدبيراً شديداً مثل انعدام الأهلية".

ويحرم الحكم الذي أصدره قضاة المحكمة، وعددهم 7، بعدما أيّده خمسة قضاة مقابل اعتراض اثنين، بولسونارو، من الترشح لانتخابات 2026 الرئاسية. وقال وزير العدل فلافيو دينو، بعد صدور القرار، إن "الديمقراطية فازت في أقسى اختبار لها منذ عقود".

من جهته، دان بولسونارو القرار الذي اعتبره "طعنة في الظهر"، مؤكداً أنه سيستأنف الحكم. وأضاف أثناء زيارته بيلو هوريزونتي في جنوب شرقي البلاد: "ما زلت هنا، سنواصل العمل، هذه ليست نهاية اليمين في البرازيل". وكان الرئيس البرزايلي السابق، قد استبق الخميس قرار المحكمة، مؤكداً أنه لم يرتكب "أي جريمة بالاجتماع مع سفراء"، معتبراً تجريده من حقوقي السياسية بتهمة استغلال السلطة "أمراً غير مفهوم".

يواجه بولسونارو تحديات قانونية أخرى، ترتبط بـ5 تحقيقات تجريها المحكمة العليا البرازيلية

ويتولى بولسونارو حالياً منصب الرئيس الفخري لـ"الحزب الليبرالي" اليميني. لكنه يواجه تحديات قانونية أخرى، ترتبط بـ5 تحقيقات تجريها المحكمة العليا البرازيلية، ويمكن أن تفضي إلى الحكم عليه بالسجن، منها ما يتعلق بهجمات 8 يناير الماضي، وتحقيقات تجريها الشرطة في اتهامات تتعلق بشهادة تطعيم مزورة ضد وباء كوفيد 19، وإدخال حلي ماسية إلى البرازيل من السعودية.

ومن شأن قرار المحكمة أن يزيح من أمام لولا منافساً شرساً للرئاسة في 2026، لكنه يفتح الباب لمنافسة حامية في معسكر اليمين واليمين المتطرف، لخلافة بولسونارو. وعلى الرغم من أن آمال الأخير بهزيمة لولا بعد 3 أعوام قد تبخرت، فإنه كان أكد أنه يعتزم دعم زوجته ميشال، كمرشحة رئاسية، وهو أمر لم يعلن رسمياً بعد، مؤكداً مع ذلك أنها "مبتدئة" في عالم السياسة.

وبإمكان ميشال بولسونارو استغلال التزامها المسيحي الإنجيلي، لكسب دعم طيف واسع من البرازيليين على ضفة اليمين المتدين في محاولة لهزم لولا. وكتبت ميشال بعد صدور حكم المحكمة، الجمعة، على "إنستغرام": "حلمنا حيّ أكثر من أي وقت مضى"، مضيفة: "أنا تحت قيادتك، كابتن" في إشارة إلى زوجها، جايير بولسونارو الملّقب بالكابتن.

وحول مستقبل بولسونارو السياسي، رأى أستاذ العلوم السياسية في جامعة إنسبر في ساو باولو، كارلوس ميلو، في حديث لوكالة أسوشييتد برس، أن القرار سينهي حظوظ الرئيس السابق بالعودة إلى قصر بلانالتو، مضيفاً أن ما سيفعله بولسونارو بعد ذلك هو "محاولة البقاء خارج السجن، وإيصال بعض حلفائه إلى مناصب رفيعة للحفاظ على رصيده السياسي". وأوضح أن القرار من الصعب أن يتمّ قلبه بالاستئناف، وأن بولسونارو سيحرم بموجبه أيضاً من الترشح في الانتخابات البلدية في 2024 و2028.

لكنّ لخبراء آخرين رأياً مختلفاً، والأمر يتعلق بطبيعة المشهد السياسي المتقلب في البرازيل، إذ يرون أن من الممكن أن يعود بولسونارو للعمل السياسي في أي لحظة، على غرار لولا الذي كان رئيساً ثم سُجن في قضية فساد، ثم عاد للرئاسة مجدداً. وفي هذا الإطار، قال محلّلون سياسيون في شركة "أركو" للاستشارات، في تقدير موقف، بحسب ما نقلت عنهم وكالة رويترز، إن "اليمين أو يمين الوسط في البرازيل لا يملك حتى الآن بديلاً لجايير بولسونارو" ونتيجة لذلك فإن "الرئيس السابق لا يزال الخصم الأساسي للولا".

(رويترز، فرانس برس، أسوشييتد برس)