السويد.. انتخابات عامة الأحد بأولويات متغيرة وتشديد ضد المهاجرين

10 سبتمبر 2022
تتنافس في هذه الانتخابات 8 أحزاب برلمانية (جوناثان ناكستراند/فرانس برس)
+ الخط -

قبل أقل من 24 ساعة على توجّه السويديين للانتخابات العامة، تبيّن استطلاعات الرأي مستوى التغيرات في هذا البلد الإسكندنافي (نحو 10.7 ملايين نسمة)، وتحديداً لناحية التحوّل من بلد مضياف ومنفتح على "المواطنين الجدد"، كما أطلقوا على المهاجرين واللاجئين، إلى تنافس على التشدد حيال سياسات الهجرة والدمج.

على المستويات الإعلامية والسياسية والثقافية، حافظت السويد لعقود طويلة على تجنّب طرح الخلفيات الإثنية والدينية لمواطنيها من أصول مهاجرة (نحو 20% من السكان)، على عكس جارتها الدنمارك. ففيما كانت الأخيرة تصنّف التجمعات السكنية في ضواحي كبريات مدنها بـ"غيتو"، زادت نسبة سكانها من الأصول المهاجرة على 40%، وبدأ هذا التعبير يقتحم مناقشات السويديين أخيراً، مستدعياً نقاشاً عن "المجتمعات الموازية".

التحول السويدي من نقاش "التنقيح الثقافي والسياسي"، للتخلص ممّا يرمز إلى التمييز والعنصرية، نحو سجال "العيش على هامش المجتمع السويدي" في النقاشات والمناظرات السياسية الحزبية والحملات الانتخابية، جاء بعد سنوات من اشتداد وطأة عنف العصابات في ضواحي المدن، وبشكل خاص العاصمة استوكهولم ومالمو وغيتبورغ.

وخلال أغسطس/آب الماضي، انتقل السجال الانتخابي من مستقبل دولة الرفاهية والرعاية والأخطار الأمنية الدفاعية، في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا، إلى "مواجهة عالم الجريمة المنظّمة". وشكّل يوم الجمعة 26 أغسطس/آب نقطة تحوّل لدى أغلبية الأحزاب البرلمانية الثمانية، إثر حادثة إطلاق 15 طلقة في ملعب مخصص للأطفال في تجمّع سكني في إسكيلستونا قرب استوكهولم، فأصيبت أم وطفلها البالغ 5 سنوات.

وقد أشعلت الحادثة غضباً في الشارع السويدي، بعد أن سجّل البلد أعلى نسبة جرائم قتل بالرصاص على المستوى الأوروبي، حيث قُتل هذا العام 47 مواطناً، بعضهم أفراد عصابات، وآخرون عابرو سبيل.

خطابات شعبوية

على خلفية تلك الأجواء، يبدو الحزب الشعبوي "ديمقراطيو السويد"، أحد أكثر الأحزاب استفادة من دورة العنف المتواصلة منذ 2012. خلال أيام قليلة، كان زعيم الحزب المثير للجدل جيمي أوكسون، ينقل حزبه في الاستطلاعات من 17% إلى 20%، ثم إلى أكثر من 21% في استطلاعات أمس الجمعة. وبذلك يتحوّل الحزب اليميني المتشدد إلى ثاني الأحزاب البرلمانية.

ليس ذلك فحسب، بل إن مفردات الخطاب الشعبوي باتت جزءاً من تخاطب الأحزاب ونقاشاتها حول تشديد الإجراءات المرتبطة بسياسات الهجرة والدمج. فمقترحات مثل تخفيض مزايا الرعاية الاجتماعية (لمن لا يعملون)، وزيادة أعداد الشرطة لتعزيز وجودها في الشارع والضواحي، تُعدّ تطبيعاً للخطاب الرابط بين عنف العصابات والأصول العرقية والمهاجرة، إنْ إعلامياً أو لدى أحزاب أخرى في يمين ويسار الوسط.

يبدو أن التغير في السويد ذاهب نحو تطبيق عملي بتشريعات جديدة، بعضها يتعلق بتشديد قانون العقوبات، وسحب جنسيات وترحيل

حتى رئيسة حكومة يسار الوسط، ماغدالينا أندرسون، ذهبت أخيراً إلى مجاراة الخطاب الشعبوي بمقترحات تسمح للشرطة بتفتيش البيوت دون وجود شبهة جنائية، مكررة أقوالها عن ضرورة عدم السماح بتشكل مجتمعات موازية وهامشية في البلد. وأصبح يسار الوسط ينظر بقلق إلى وجود جاليات تقيم معاً دون اختلاط بمجتمع السويد، وتؤسس مدارسها الخاصة، المستهدفة أيضاً بعد الانتخابات بحسب وعود المعسكرين، ويطرح مقترحات تتعلق بإجراء مسح لغوي لكلّ أطفال الضواحي بسنّ 3 سنوات، على اعتبار أن اللغة السويدية أساس الاندماج.

ثقل لليمين الشعبوي

في كل الأحوال، يبدو أن الإجماع الشعبي والحزبي على أولوية قضية "النظام والقانون"، التي يندرج تحتها كل السجال حول سياسات الهجرة، يؤشر على أن التغيير في السويد ذاهب نحو تطبيق عملي بتشريعات جديدة، بعضها يتعلّق بتشديد قانون العقوبات، وسحب جنسيات وترحيل.

وسواء اختارت الأغلبية بقاء ماغدالينا أندرسون رئيسة حكومة يسار الوسط (بعد 8 سنوات من حكمه) أو اختارت مرشح يمين الوسط، أولف كريسترسون (عن حزب الاعتدال)؛ فإن الخريطة البرلمانية القادمة لن تستطيع تجاهل أن اليمين الشعبوي بات له ثقل وتأثير بالمشاريع المقبلة، بما فيها ترجيح وصول كريسترسون إلى الحكم، وذلك مع تقارب نتيجة الكتلتين، يسار ويسار الوسط واليمين ويمين الوسط.

بالطبع، لا أحد يستطيع الجزم بعد نتائج يوم غد الأحد، الزمن الذي سيستغرقه تشكيل الحكومة السويدية، فالتجربة السابقة في 2018، التي احتاج فيها البرلمان 134 يوماً لتشكيلها، توضح أن الديمقراطية السلسة في السويد باتت تعاني من حالة غير مسبوقة من التأزم.

أهم القضايا المطروحة والنظام الانتخابي

  • تحتل القضايا الآتية، وعلى التوالي، أهمية عند النخب اليوم: النظام، والقانون، وسياسات الهجرة، والنظام الصحي، والطاقة النووية لتوليد الكهرباء، والنظام التعليمي.
  • تجري الانتخابات كل أربع سنوات، ودائماً ثاني أحد من سبتمبر/أيلول.
  • لا يتطلب تشكيل حزب سياسي في البلد أكثر من 1500 توقيع. ولكن، بما أن عتبة الحسم تبلغ 4%، فمن النادر دخول الأحزاب الجديدة إلى البرلمان، وبدلاً من ذلك تركز على الانتخابات المحلية، لكون عتبة الحسم فيها 2% فقط. والأغلبية يختارون القوائم الحزبية إلى البرلمان، ونحو 20% في المتوسط يصوتون بشكل شخصي للمرشحين (24% في 2018).
  • الذهاب إلى انتخابات مبكرة ليس تقليداً سويدياً، وقد حدث في التاريخ السياسي الحديث مرتين فقط.

الأحزاب المتنافسة وتوقعات الربح

تتنافس في هذه الانتخابات 8 أحزاب برلمانية هي كما أوردتها صحيفة "سفنسكا داغبلاديت" SvD ومركز "سيفو" للاستطلاع في 9 سبتمبر/أيلول:

الكتلة الحمراء (يسار ويسار الوسط):

  • الاجتماعي الديمقراطي: يسار الوسط، وأكثر تشكيلاً للحكومات - 100 مقعد من أصل 349 - 30.3%.
  • حزب اليسار: يساري اشتراكي وشيوعي سابق - 7.8%.
  • حزب الوسط مع يسار الوسط منذ 2019 - 7.1%.
  • حزب الخضر (محسوب على اليسار التقليدي) - 4.5%.

الكتلة الزرقاء (يمين ويمين الوسط): 

  • ديمقراطيو السويد (الشعبويون) - نحو 21%.
  • المعتدلون (يمين وسط وأقرب إلى الليبرالي) - 17%.
  • المسيحيون الديمقراطيون (يمين وسط محافظ ويرفع قيم الأسرة والدين) - 6%.
  • الليبراليون (يمين وسط تقليدي) - 5.2%.
المساهمون