أصدر مجلس محافظة السويداء، الذي يهيمن عليه حزب البعث، في محافظة السويداء جنوبي سورية، خلال جلسته الافتتاحية للدورة العادية الخامسة للمجلس، بياناً موقعاً باسم رئيسه رسمي العيسمي، طالب فيه الأجهزة الأمنية للنظام السوري بحماية الموظفين والمؤسسات العامة والخاصة، كرد على احتجاجات أبناء السويداء الذين أغلقوا غالبية مقار الحزب.
واستهل البيان، الذي نشر اليوم الثلاثاء، بتأكيد أحقية المواطنين بمطالبتهم الحكومة بإعادة النظر في قراراتها الأخيرة، ومحاربة الفساد والعمل على إيجاد حلول اقتصادية ناجعة لتحسين المعيشة.
لكنه شدد على أنه لا يحق لأحد أن يتحدث باسم أهالي محافظة السويداء، إلا عبر "المؤسسات الرسمية التي شرعها الدستور والقانون السوري وحدد صلاحياتها"، رافضاً أي "فكر انفصالي"، مطالباً المواطنين بعدم الانجرار وراء "الإعلام المضلل المسموم" الذي يهدف إلى "إحداث الفوضى والشغب".
وتابع بيان المجلس "أنه لا يمثلنا في محافظة السويداء إلا العلم الوطني علم الجمهورية العربية السورية وقائد الوطن رئيس الجمهورية العربية السورية الدكتور بشار حافظ الأسد"
يأتي البيان بعد دخول انتفاضة السويداء جنوبي سورية يومها الثالث والعشرين، دون توقف أو مؤشرات توحي بالانكفاء أو التراجع عن الشعارات التي طرحتها منذ أيامها الأولى.
وبدا واضحاً أن معظم الهتافات واللافتات المحمولة ما زالت تؤكد على وحدة الشعب السوري، والجغرافية السورية، وتصر بشكل يومي على تطبيق القرار 2254 لتحقيق انتقال سلمي للسلطة، في وقت لا يزال فيه الموقف الرسمي يتعثر في إيجاد الطريقة المناسبة لإجهاض هذه الانتفاضة التي أسقطت كل التهم والادعاءات التي مارسها الإعلام الرسمي السوري، واستطاعت أن تتجاوز محاولات شق الصف والفتنة الداخلية.
وفي حديثه لـ"العربي الجديد"، قلل الدكتور جمال الشوفي من أهمية بيان مجلس المحافظة، معتبراً أن هذا المجلس هو "أحد منابر السلطة"، وأن المشاركين في البيان لا يمثلون سوى أنفسهم، منوّهاً إلى "حالة الإرباك" التي يعيشها النظام أمام ما يحدث في السويداء.
وأضاف الشوفي أن بيان مجلس المحافظة جاء ليؤكد أن "السلطة ما زالت تجمع أوراقها، بعد أن فشلت في شق الصف بين مكونات المجتمع المحلي، وفي التأثير فيه عبر فعاليات اجتماعية ودينية وسياسية من خارج المحافظة وخارج سورية.. لهذا نتوقع العديد من البيانات والإشاعات، ويبقى للشارع دون سواه الرد المناسب والقرار الفصل".
أما المحامي نضال غزالي، فردّ على بيان المجلس عبر صفحته الشخصية في "فيسبوك" بقوله: "إن ما ينسب للحراك في السويداء من تهم باطلة عار عن الصحة، وأن صدور بيان عن جهة إدارية ذات شخصية اعتبارية لا يستند إلى حقائق يثبت أنها فاقدة للمصداقية".
وتابع غزالي مفنداً ما جاء في بيان مجلس المحافظة: "مضى على انتفاضة السويداء ثلاثة وعشرون يوماً لم يرفع فيها أي شعار يكرّس أو يلمّح للانفصال أو لمفهوم الإدارة الذاتية (إن كان مفهوم الإدارة الذاتية في معناه يعني الانفصال)". وأكدت المحافظة بجميع "قراها ومدنها وعلى لسان المتظاهرين وغير المتظاهرين وحدة التراب السوري ووحدة الشعب السوري".
ونبّه غزالي إلى أن "تحريض أبناء السويداء للوقوف في مواجهة بعضهم واضح في هذا البيان، وهذا يجعل مصدري البيان مسؤولين مسؤولية قانونية على ذلك".
وبين غزالي أن لا مبررات لتدخل القوى الأمنية المذكورة في البيان لأن "المتظاهرين لم يعتدوا على أي موظف أو دائرة أو مؤسسة وبالتالي فإن تلك الدعوة لتدخل الأجهزة الأمنية تحمل في طياتها دعوة لمواجهة.. مسلحة مع الحراك" الذي هو حراك "سلمي يطالب وبشكل سلمي وحضاري بحقوقه السياسية والاقتصادية، وهذه الحقوق صانها ونص عليها الدستور".
أما المحامي أيمن شيب الدين فقال، لـ"العربي الجديد"، إن "أي محاولة لركوب موجة الحراك والتصدر بقرار أو بيان هي فاشلة ولا تمثل هذا الحراك الشعبي، فأي هيئة أو لجنة لا تخرج من ساحة (الكرامة) مصيرها الفشل. فهنا تُرفع الشعارات وهنا تسقط البيانات"، مشيراً إلى لافتات كُتب عليها (مجلس المحافظة لا يمثلني)".
وأضاف: "لقد تجاوزنا مراحل الدفاع عن النفس في هذه الانتفاضة، وأثبتنا حالة وطنية لا عودة فيها للوراء، وباتت جميع التهم والإشاعات تُرمى في المزابل تماماً كما رُميت الصور والأصنام".