سقط نظام الرئيس المخلوع عمر البشير في السودان قبل 4 سنوات بثورة شعبية دفع فيها السودانيون والسودانيات الثمن غالياً، دماء عزيزة، وقدموا تضحيات عظيمة تتحدث عنها الأجيال المقبلة.
وحدهم عناصر وقيادات حزب المؤتمر الوطني، حزب البشير لم يستوعبوا الدرس ولم يستفيقوا مطلقاً من صدمة السقوط، ولم يتصور أكثرهم تشاؤماً في يوم من الأيام قيام ثورة شعبية تطيح بهم من كراسي ومقاعد حكم سيطروا عليه لأكثر من 30 سنة، تلاعبوا فيها بالأموال والسلطان وعاثوا في الأرض فساداً واستبداداً وشتتوا الأحزاب وفرقوا بين القبائل.
لم يتصوروا أن هناك قوة يمكن أن تحل حزبهم وتفكك دولتهم العميقة التي أسسوها على أنقاض الدولة السودانية التي دمروها ومزقوها، وحين صدر قرار حل الحزب تضاعفت هذه القوة، لا سيما مع بدء استرداد أموال الدولة وممتلكاتها المنهوبة.
وبعد انقلاب قائد الجيش الجنرال عبد الفتاح البرهان في 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021، تنفس عناصر النظام البائد الصعداء، فسمح لهم الانقلاب بنشاطات علنية في المركز والولايات، وعادت لبعضهم الممتلكات المصادرة والأموال المنهوبة.
وبدلاً من أن يستغل الحزب فرصته لتقديم نفسه من جديد للسودانيين والسودانيات، إلا أنه احتفظ في خطابه السياسي بكم من العنف اللفظي والتهديد بإكماله بعنف جسدي تجاه خصومه والتقليل منهم، والتلويح بملاحقتهم إذا عاد لسلطانه وجبروته مرة أخرى.
والأسوأ هو خطأ خيارات المؤتمر الوطني المحلول والحركة الإسلامية بالاتكال والاعتماد على الجيش وحده وما أحدثوه فيه من اختراق خلال 30 سنة، لتمرير أجنداتهم وليس على الخيار الديمقراطي.
والأكثر مدعاةً للأسف لدى كثر هو استمرار دعمهم لانقلاب قائد الجيش ونائبه محمد حمدان دقلو، على الرغم من أن الرجلين أقرّا بتنفيذهما انقلاباً وتفاوتا في الإقرار بخطئه، لكن رئيس المؤتمر الوطني المحلول إبراهيم غندور، لا يزال يصر على أن يكون عسكرياً أكثر من العسكر، ويصرّ على الدفاع عن الانقلاب ويرفض تسميته بالانقلاب. ويغالط غندور أكثر حينما يقول إن الأوضاع ما بعد الانقلاب أفضل مما قبله.