تسيطر مخاوف محلية ودولية من انتقال المواجهات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع إلى قاعدة وادي سيدنا، التي تنطلق منها عمليات إجلاء الرعايا الأجانب من السودان.
وكانت سفارتا الولايات المتحدة والمملكة المتحدة في الخرطوم حذرتا، أمس السبت، من تزايد العنف في مطار وادي سيدنا العسكري، ودعتا رعاياها للابتعاد عنه.
ومطار وادي سيدنا الواقع ضمن قاعدة وادي سيدنا العسكرية، شمال أم درمان، أكبر القواعد العسكرية للجيش السوداني، واحد من أقدم المطارات العسكرية في البلاد، أنشئ في العام 1967 أثناء حرب النكبة بين العرب وإسرائيل، وأُطلق عليه اسم قاعدة ناصر الجوية، نسبة للرئيس المصري السابق جمال عبد الناصر.
وفي ذلك العام، أُجليت كل الطائرات الحربية المصرية أثناء الحرب، وتولى الجيش السوداني مهمة تأمينها مع ازدياد الضربات الجوية لسلاح الجو الإسرائيلي على مصر، ولاحقاً طُوّرت المنطقة إلى قاعدة عسكرية أوسع، وذلك في عهد الرئيس السابق جعفر محمد نميري 1969- 1985، لتشمل وحدات عسكرية أخرى مثل الكلية الحربية ومعهد المشاة والمظلات، كما غُيّر اسمها من قاعدة ناصر إلى قاعدة وادي سيدنا.
واستخدمت القاعدة مع بداية المواجهات الحالية بين الجيش والدعم السريع لانطلاق الطائرات الحربية التابعة للجيش، من سوخوي وميغ وغيرها، لشن ضربات جوية على معسكرات ونقاط ارتكاز قوات الدعم السريع في الخرطوم وتخومها الغربية، لاستهداف خطوط إمدادها من غربي البلاد.
وارتبطت منطقة وادي سيدنا العسكرية بعدد من الانقلابات العسكرية في السودان، مثل انقلاب الرئيس السابق جعفر نميري 1969 وانقلاب الرئيس المعزول عمر البشير، ويعد الاستيلاء عليها واحداً من مؤشرات نجاح الانقلاب.
وفي عام 1976، كانت منطقة وادي سيدنا العسكرية واحدة من المناطق التي استهدفتها قوات معارضة لنميري 1976، بعد دخولها من معسكراتها في ليبيا مدعومة من نظام العقيد معمر القذافي، الذي تدهورت علاقاته مع نظام نميري، وفشلت العملية في إطاحة نميري الذي أعدم عدداً من قادتها العسكريين.
وفي مايو/ أيار 2008، حاولت قوات تابعة لحركة العدل والمساواة بزعامة خليل إبراهيم إطاحة نظام الرئيس عمر البشير، ووصلت حتى مدينة أم درمان قاطعة مسافات طويلة من إقليم دارفور، وأطلق على العملية اسم الذراع الطويل، وجعلت من قاعدة وادي سيدنا العسكرية واحداً من أهدافها، لكن المحاولة هزمت وفر زعيم الحركة خليل إبراهيم حتى قُتل في منطقة ود بندة شمالي كردفان نهاية العام 2012.
وسُمح لقوات الدعم السريع أن تنشئ عدة قواعد في الخرطوم بموافقة نظام البشير، ومنها مناطق داخل قواعد الجيش أو بالقرب منها، لكن لم يُسمح لها بأي وجود في منطقة وادي سيدنا رغم تجدد مطالباتها ومحاولاتها، خصوصاً بعد سقوط نظام البشير في 2019.
والأسبوع الماضي، وبعد إعلان الهدنة بين الجانبين أكثر من مرة، استخدمت القاعدة العسكرية ومطارها تحديدا لصالح عمليات إجلاء رعايا الدول في السودان، حيث هبطت فيه طائرات عسكرية من مختلف الدول، مثل فرنسا وألمانيا والولايات المتحدة، لتنفيذ مهمة الاجلاء.
ومع ازدياد مخاطر العنف في محيط المطار، سارعت وزارة الخارجية المصرية، أمس السبت، لإنهاء مهمة إجلاء رعاياها في السودان عبر مطار وادي سيدنا نتيجة مخاوف أمنية، طبقاً لما ورد في بيان للخارجية المصرية التي حثت مواطنيها على مغادرته في أقرب فرصة، لكن الجيش السوداني، وفي أحدث بياناته، نفى بشكل قاطع وجود أي تهديد في منطقة القاعدة، وأكد أن عمليات إجلاء رعايا الدول من القاعدة ستتواصل ولا تواجهها أي تهديدات حالياً.
وأكد الخبير العسكري اللواء المتقاعد أمين مجذوب، لـ"العربي الجديد"، أن قوات الدعم السريع لن تستطيع الوصول إلى قاعدة وادي سيدنا، مشيراً إلى أنها مؤمنة من جميع الاتجاهات.
وكانت طائرة إجلاء تركية تعرضت، الجمعة، لإطلاق نار في منطقة وادي سيدنا، وأصيب أحد أفراد طاقمها، وهو الحادث الذي اتهم فيه الجيشُ قوات الدعم السريع بالتورط فيه، لكن قوات الدعم السريع نفت ذلك تماماً وسارع قائدها محمد حمدان دقلو "حميدتي" إلى الاتصال بوزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو لتأكيد النفي بعدم وجود قواته في المنطقة نهائياً.