السوداني في طهران: ملفات ساخنة أبرزها الفصائل المسلحة وسورية

08 يناير 2025
السوداني يجتمع مع الرئيس الإيراني، طهران 7 يناير 2025 (مكتب رئيس الوزراء العراقي)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تعزيز العلاقات الثنائية: زيارة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إلى طهران تهدف إلى تعزيز العلاقات الثنائية، حيث التقى بالرئيس الإيراني وناقش ملفات هامة مثل دور الفصائل المسلحة وتأثير الضغوط الغربية.

- التعاون الإقليمي والأمني: تم التركيز على التعاون في مجالات الأمن والاقتصاد، بما في ذلك الربط السككي بين البصرة وشلمجة، ودور العراق في تعزيز الاستقرار الإقليمي.

- التحديات والضغوط الدولية: تناولت الزيارة التحديات التي تواجه العراق بسبب الضغوط الغربية، وإمكانية إعادة هيكلة الفصائل المسلحة، والعلاقات الاقتصادية بين العراق وإيران.

ملفا سورية والفصائل العراقية المسلحة يتصدران المباحثات

العراق يريد التوسط بين إيران وسورية

خبير إيراني: لا يستبعد حدوث انقلاب في حال حل الحشد الشعبي

اجتمع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، اليوم الأربعاء، مع الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، بعد ساعات من وصوله إلى العاصمة الإيرانية طهران، في أول زيارة رسمية في عهد الحكومة الإيرانية الحالية منذ تشكيلها في أغسطس/آب الماضي. ويرافق السوداني وفد وزاري وأمني كبير في الزيارة التي من المقرر أن يلتقي خلالها بكبار المسؤولين الإيرانيين، وسط تأكيدات بأنه سيبحث عدة ملفات، على رأسها ملف الفصائل العراقية المسلحة، ومساعدة إيران في تحجيم دورها، بسبب الضغوط الغربية على العراق.

وقال الرئيس الإيراني في مؤتمر صحافي مشترك، بعد لقائه رئيس الوزراء العراقي، إن العراق "شريك استراتيجي وجار" لإيران، مضيفاً أن العلاقات بين البلدين وثيقة على أعلى المستويات، ويتوسّع نطاق التعاون الثنائي بينهما يوماً بعد يوم. وأشار إلى أن زيارة السوداني تأتي استمراراً لزيارته "الناجحة" إلى العراق خلال سبتمبر/أيلول الماضي، مضيفاً أن "إيران لطالما أرادت السلام والاستقرار والتنمية لمحيطها، وتولي أهمية كبيرة بأمن العراق واستقراره وازدهاره".

وأوضح بزشكيان أنه أجرى مباحثات "جيدة" مع رئيس الوزراء العراقي بشأن التطورات الإقليمية وتوسيع التعاون والعلاقات الثنائية، مؤكداً أن البلدين لديهما "هواجس مشتركة" بشأن سورية واستقرارها وسلامة أراضيها، ومكافحة "الإرهاب"، و"انسحاب الكيان الصهيوني منها، وتأمين أمن العتبات الدينية المقدسة". وأشار إلى أنهما بحثا أيضاً تنفيذ كامل للاتفاق الأمني المبرم بين البلدين عام 2023، وتطبيق الاتفاقيات التجارية بينهما، منها الربط السككي بين البصرة وشلمجة.

من جهته، قال رئيس الوزراء العراقي إن زيارته لإيران تأتي في إطار تعزيز العلاقات الثنائية والتعاون بين البلدين، مضيفاً أنه عقد "اجتماعاً موسعاً" مع بزشكيان بحضور وفدي البلدين وناقشا العلاقات الثنائية في مختلف أبعادها والاتفاقيات بينهما، مؤكداً أهمية التفاهم بين إيران والعراق خدمة لمصالحهما.

وشدد السوداني على أن التنمية والشراكة الاقتصادية هي السبيل لضمان الأمن والاستقرار في المنطقة، مشيراً إلى أنه بحث مع بزشكيان القضايا الإقليمية والدولية وتطورات سورية، مع تأكيده على أن استقرارها مفتاح الاستقرار الإقليمي. ودعا الجميع إلى اتباع الحل السياسي فيها حفاظاً على سيادتها ووقف التدخلات الخارجية.

وأكد رئيس الوزراء العراقي أن بغداد تحترم إرادة الشعب السوري في أي نظام سياسي يختاره، معلناً عن استعدادها للتعاون مع الجميع لتحقيق الاستقرار في سورية. وشدد على ضرورة ثبات التهدئة في لبنان، ودور العراق في المساعدة في إعادة الأعمار في لبنان وغزة.

وتابع أن "موقفنا ثابت في إدانة حرب الإبادة في غزة"، مؤكداً أن السبيل الوحيد للأمن والاستقرار الإقليمي هو وقف الحرب على غزة وضمان الحقوق الفلسطينية في إقامة دولة حرة، وداعياً إلى حوار إقليمي شامل يعزز بناء الثقة بين دول المنطقة. وشدد السوداني على حرص العراق على "بناء علاقات متوازنة مع كل الأطراف الإقليمية والدولية بما يخدم الجميع".

وكان مسؤولان عراقيان قد كشفا في وقت سابق لـ"العربي الجديد"، أن السوداني سيبحث في طهران تفكيك أو إعادة هيكلة الفصائل المسلحة تجنبا للضغوط الغربية في هذا الملف، فضلا عن بحث محاور متعلقة بعدم التدخل في الملف السوري.

والزيارة هي الأولى من نوعها لرئيس الوزراء العراقي بعد أحداث سورية الأخيرة وتغير موقف بغداد إزاء تلك الأحداث، إذ كانت حكومة السوداني قد أظهرت في بداية عملية المعارضة السورية لإسقاط النظام موقفا متشددا، ولوحت بتدخل العراق وعدم سكوته، إلا أنها سرعان ما غيرت موقفها بعد انهيار نظام بشار الأسد، في محاولة لبدء صفحة جديدة مع الإدارة السورية الجديدة وعدم التدخل في الشأن السوري.

وأبدى رئيس الوزراء العراقي مرات عدة قلقه من الأوضاع في سورية لوجود تنظيمات مسلحة وعناصر "داعش"، وقد أجرى زيارات خاطفة الى الأردن، ومن ثم إلى المملكة العربية السعودية، وبحث فيهما تطورات سورية وتأثيرها على المنطقة، ومن ثم أرسل السوداني إلى سورية وفدا رفيعا برئاسة رئيس جهاز المخابرات حميد الشطري الذي التقى قائد الإدارة الجديدة في دمشق أحمد الشرع.

وساطة عراقية بين إيران سورية؟

وقال رئيس موقع "الدبلوماسية الإيرانية" علي موسوي خلخالي لـ"العربي الجديد"، إن أمن سورية يشكل أحد أهم هذه العناوين، حيث يهم ذلك العراق كثيرا باعتباره بلداً جاراً ولوجود حدود مشتركة يبلغ طولها 400 كليومتر و"تاريخ سيئ من اللاأمن" على هذه الحدود، مشيراً إلى أن "سورية تكتسي أهمية أمنية كبيرة بالنسبة للعراق".

وبناء على ذلك يسعى السوداني إلى علاقات جيدة بين إيران وسورية الجديدة، وفق موسوي خلخالي، الذي قال إن هذه المساعى تأتي انطلاقا من قناعة رئيس الوزراء العراقي بأنه "كلما كانت هناك علاقات مستقرة بين الدول في المنطقة وقلّت التوترات بينها سينسحب ذلك إيجابا على الجيران أيضا"، لافتا إلى أن العراق يسعى إلى لعب دور الوسيط بين دمشق وطهران، بعد فتح قنوات التواصل مع الهيئة الحاكمة الجديدة في سورية.

وفي السياق، أضاف رئيس موقع الدبلوماسية الإيرانية أن السوداني "حصل على رسالة من سورية الجديدة وسينقلها إلى طهران"، موضحا أن العنوان الثاني للزيارة مرتبط بمسألة الحشد الشعبي "لكن حله ليس مطروحا، حيث تم تقنيين وضعه سابقا فبات قانونيا جزءا من الجيش العراقي"، ومضيفا في الوقت ذاته أن ما هو مطروح حاليا هو حل فصائل عراقية موالية لإيران في الحشد الشعبي و"إخضاعها للإشراف"، لعدم السماح بوجود أسلحة خارج إشراف الدولة العراقية، ولفت إلى وجود أفكار بشأن مصير هذه الفصائل، من بينها إدماجها في الجيش وحلها وإنهاء وضعية استقلالها عن الحكومة العراقية.

وتابع موسوي خلخالي أن العراق منذ فترة وخاصة بعد سقوط النظام السوري السابق يتعرض لضغوط غربية كبيرة للابتعاد عن إيران، حيث يعتقد الغرب أن العراق "يعتمد على إيران أكثر مما يلزم"، كما أن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب يرى أن بغداد تساعد طهران في الالتفاف على العقوبات وتصدير نفطها، وأن "هناك قوى عراقية تريد أن تواصل إيران استحواذها على صادرات الغاز للعراق من دون غيرها لتثبيت نفوذها".

وأوضح أن ترامب يرفض تمديد إعفاءات العراق من العقوبات لاستمرار استيراده الغاز من إيران، مؤكدا أن أميركا تسعى إلى قطع هذا الاستيراد لإنهاء اعتماد العراق على جاره الإيراني، وأشار إلى تهديدات تتعرض لها الحكومة العراقية حاليا بسبب علاقاتها مع إيران ووجود الفصائل المسلحة، مبيناً أن المطروح حاليا هو مهاجمة هذه الفصائل التي شنت هجمات على القواعد والمصالح الأميركية.

رسائل إيرانية إلى السوداني

من جهته، يقول الخبير الإيراني في العلاقات الإيرانية العراقية عليرضا مجيدي لـ"العربي الجديد"، إن "الحشد الشعبي هو القوة العراقية الوحيدة خارج منظومة التأثير الأميركي"، مشيرا إلى أن أميركا لديها "تأثير على القوات المسلحة العراقية". وأوضح مجيدي أن الجانب الإيراني سيبلغ السوداني بأن "العراق يجب أن يدافع عن استقلاله وألا يرضخ لضغوط خارجية لإدماج أو حل قوة مسلحة"، مؤكدا أن "إيران لن تتدخل في القضايا الداخلية لكنها تقدم رأيها وتحذيرها الإرشادي بشأن هذه القضية وتبعاتها التي يمكن أن تطاول رئيس الوزراء العراقي نفسه". وأضاف "لا يستبعد أن يحصل انقلاب في العراق إذا ما تم حل الحشد الشعبي".

ولفت مجيدي إلى أن ما تريده إيران أيضا من العراق في هذه الزيارة هو أن تكون بغداد جهة اتصال بينها وبين القيادة السورية الجديدة، مشيرا إلى أن طهران لا تريد حاليا التواصل بشكل مباشر معها. وأوضح أن السفارة السورية في طهران تعمل حاليا وتتواصل مع الإدارة السورية الجديدة. ولم يستبعد الخبير الإيراني أن تستأنف السفارة الإيرانية في دمشق نشاطها لاحقا في "إطار بروتوكولي محدود".

المساهمون