ازدادت في الآونة الأخيرة وتيرة الاغتيالات والاستهدافات التي تنفذها المسيّرات التركية ضد كوادر وقيادات من "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) ومن كوادر الإدارة الذاتية، من دون أي اعتراض من الإدارة الأميركية الداعم الأساسي لـ"قسد"، والتي تعتبرها ذراعها العسكرية المحلية لمحاربة تنظيم "داعش".
ويطرح الأمر العديد من التساؤلات ليس حول سكوت واشنطن فقط، بل التنسيق الأميركي والروسي مع الجانب التركي في تنفيذ تلك الضربات، إذ لا يمكن للطائرات التركية توجيه مثل تلك الاستهدافات في شمال شرق سورية من دون التنسيق المسبق مع الولايات المتحدة وروسيا، تفادياً لصدامات مع طائرات الدولتين اللتين تسيطران على أجواء المنطقة وتقومان بطلعات جوية فيها.
كما أن بعض تلك العمليات تنفذ من خلال الأراضي العراقية، الأمر الذي يستوجب التنسيق المسبق مع العراق أيضاً.
وما يؤكد وجود هذا التنسيق أن العملية الأخيرة، أول من أمس الجمعة، والتي أدت إلى مقتل أربعة قياديين من "قسد" وإصابة اثنين آخرين، تمت على الطريق الذي يفصل بين القاعدة الأميركية في منطقة القامشلي ومطار القامشلي الدولي الذي يضم قاعدة روسية.
كما نقل رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي صالح مسلم موقف الولايات المتحدة من استهداف المسيّرات التركية قيادات من "قسد" والإدارة الذاتية، موضحاً أن واشنطن أبلغت الإدارة الذاتية عدم وجود ما يمكن فعله من قبلها إزاء ضربات أنقرة.
إلا أن متابعة طبيعة الضربات التي تنفذها المسيّرات التركية في شمال شرق سورية، وطبيعة الشخصيات التي تستهدفها، تبيّن أن معظم المستهدفين من كوادر "قسد" وكوادر الإدارة الذاتية المرتبطة أو المقربة من حزب العمال الكردستاني (المصنف من قبل الولايات المتحدة وتركيا كتنظيم إرهابي) أو الشخصيات المرتبطة بالأحزاب اليسارية المقربة من حزب العمال.
ويرجح هذا الأمر أن يكون هناك توافقاً أميركياً تركياً على تصفية تلك الشخصيات تحقيقاً للمطلب التركي بفك ارتباط حزب الاتحاد الديمقراطي وقسد مع حزب العمال الكردستاني، كواحد من الشروط التي تضعها تركيا لعدم قيامها بعمل عسكري شمال شرق سورية.
كما أن تتبع سير العمليات التي تنفذها تركيا جغرافياً، نجد أن معظم العمليات التركية تقوم بها المسيّرات ضمن خط الـ 32 كليومتراً داخل الأراضي السورية، طبعا عدا بعض العمليات المحدودة التي قامت بها المسيّرات التركية في عمق مناطق الإدارة الذاتية.
أي أن العمليات التركية معظمها يتم تنفيذها ضمن الشريط الحدودي الذي تهدد أنقرة منذ نحو سنتين بشن عملية عسكرية للاستيلاء عليه استكمالاً لعملية نبع السلام التي سيطرت تركية بموجبها على قسم من الشريط الحدودي بعمق 32 كيلومتراً ولكنها توقفت بضغط أميركي عند مدينة رأس العين، ما يشير إلى أن الولايات المتحدة تغض الطرف عن تلك العمليات كبديل آني لعملية تركية في شمال شرق سورية.