أعلن الرئيس الأميركي، جو بايدن، عزمه ترشيح عددٍ من المسؤولين الأميركيين للعمل كقادة رئيسيين في إدارته من بينهم سفيرة الولايات المتحدة لدى لبنان، دوروثي شيا، وذلك وفق بيان للبيت الأبيض نشر الثلاثاء.
ورشح بايدن السفيرة لمنصب نائب ممثل الولايات المتحدة الأميركية لدى الأمم المتحدة، برتبة سفير فوق العادة ومفوض، ونائب ممثل الولايات المتحدة الأميركية في مجلس الأمن التابع أيضاً كممثل للولايات المتحدة في دورات الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وترددت في الفترة الأخيرة معلومات عن مغادرة قريبة لشيا وانتهاء مهامها لبنانياً وقد رُبِطت بتغييرات داخلية شهدتها السفارة الأميركية في بيروت، بيد أن مصدراً داخل السفارة قال لـ"العربي الجديد"، شريطة عدم ذكر اسمه، إن "التغييرات التي جرت ارتبطت بمناصب استشارية وإعلامية وإدارية، وهي إجراءات طبيعية، وترشيح شيا ليس له علاقة بها"، مشيراً إلى أن "لا اسم متفقا عليه بعد لخلافتها".
وعين الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، شيا كسفيرة لدى بيروت في 14 فبراير/شباط 2020، لتتولى المنصب بعد إليزابيث ريتشارد التي عرفت بخطابها الهادئ، ومسيرتها غير المقرونة بـ"ضجّات" سياسية وإعلامية، كالسفيرة شيا.
وتصدّر اسم شيا التي كانت موظفة في الكادر العالي في السلك الدبلوماسي مع خبرة ثلاثين عاماً، المشهد اللبناني في محطّات عدّة، وأثارت مواقفها سيما الحادة بوجه "حزب الله" وتلك السياسية التي اعتبرها فرقاء سياسيون تدخلاً في الشؤون اللبنانية الداخلية ردود فعل مستنكرة، وصلت لحد استدعائها إلى الخارجية اللبنانية.
وأصدر قاضي الأمور المستعجلة في صور جنوباً (حيث معقل حزب الله ونفوذه) محمد مازح قراراً في يونيو/حزيران 2020 بمنع وسائل الإعلام من إجراء مقابلات مع السفيرة الأميركية لمدة سنة تحت طائلة وقف الوسيلة الإعلامية المعنية عن العمل لمدة مماثلة. وجاء ذلك إثر اتهامات توجهت بها شيا في إطلالتها مع قناة "الحدث" من بيروت إلى "حزب الله"، وقولها إن بلدها يشعر بقلق كبير حيال دور الحزب، الذي تصنفه الولايات المتحدة بقائمة الإرهاب.
القاضي الذي استدعي بدوره للمثول أمام مجلس القضاء الأعلى وتقدم باستقالته قبل أن يعود عنها، وضع حديث شيا في الإطار التحريضي والتدخل بالشأن الداخلي، كما وصفها في تصريح لموقع "العهد الإخباري" التابع لـ"حزب الله"، بأنها "سفيرة الفتنة". ولاحقاً عادت شيا واستأنفت نشاطها الإعلامي.
ومنذ لحظة تعيين شيا في منصبها كسفيرة في بيروت تسارعت الأخبار التي تفيد بتنفيذها أجندة ترامب الحادة بوجه "حزب الله" وحلفائه في لبنان، والتي تتضمن شروطاً قاسية على الحكومة اللبنانية الالتزام بها للحصول على المساعدات، وتعاط مختلف مع أي حكومة عرابها الأساسي "حزب الله"، وبأنها ستكون أكثر حزماً في مواقفها وعلاقاتها مع القوى السياسية، وهو ما كان تحدث عنه مصدر مقرب من السفارة الأميركية في بيروت في وقت سابق لـ"العربي الجديد".
واتسعت رقعة العقوبات الأميركية تجاه شخصيات لبنانية سياسية لدعمها "حزب الله" ودورها في انتشار الفساد في لبنان، وطاولت للمرة الأولى في أواخر عام 2020، مسؤولين سياسيين من الطائفة المسيحية، أي رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل (صهر رئيس الجمهورية وقتها ميشال عون)، ووزير الأشغال السابق يوسف فنيانوس، أبرز مستشاري رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية الذي يعد اليوم المرشح الرئاسي غير المُعلن لـ"حزب الله" وحليفته "حركة أمل" (يتزعمها رئيس البرلمان نبيه بري).
كذلك، شملت العقوبات وزير المال الأسبق علي حسن خليل، وهو يعد من المعاونين الأساسيين للرئيس بري، وقد اتهم بدوره مثل فنيانوس بملف انفجار مرفأ بيروت، وصدرت بحقهما مذكرة توقيف غيابية.
كما برز اسم السفيرة الأميركية بحضورها أول جلسة تشريعية للبرلمان اللبناني بعد انتخابه في مايو/ أيار 2022، الأمر الذي أثار امتعاض العديد من النواب سيما المنتمين إلى كتلة "حزب الله" البرلمانية، علماً أنها كانت تجلس في القاعة بجانب مستشار بري، علي حمدان، وقد ربط وجودها كتبريرات بسياق متابعتها لقوانين مالية تتعلق ببنود الاتفاق مع صندوق النقد الدولي.
وكان لشيا حضور إعلامي وميداني لافت وحركة سياسية دبلوماسية ناشطة، ومواقف مباشرة من قضايا لبنانية أساسية، واستحقاقات نيابية، رئاسية، قضائية، ومصرفية. وأطلق بعد فترة قصيرة على وصولها إلى لبنان سراح العميل لإسرائيل عامر الفاخوري، الذي انتقل إلى سفارة أميركا في بيروت وغادر إلى الولايات المتحدة عبر طوافة أميركية، قبل وفاته في وقتٍ لاحق، علماً أن قراراً قضائياً لبنانياً كان صدر بمنعه من مغادرة البلاد.
ولعبت شيا دوراً مهماً في ملف ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، إلى جانب الوسيط الأميركي عاموس هوكشتاين، كما كانت تحوز على حصة وازنة من إطلالات الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصر الله وهجومه عليها. واتهمت من قبل أوساط مؤيدة لـ"حزب الله" بوقوفها وراء حماية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة. وكان نصر الله انتقد في يوليو/ تموز 2020 سلوك شيا، وتدخلها بالتعيينات المالية، وسلوكها ضد حكومة رئيس الوزراء السابق، حسان دياب، وذلك في إطار الحصار الأميركي على الحزب وعهد عون.