كشفت مصادر سياسية عراقية في بغداد، اليوم الجمعة، عن مغادرة قسم من موظفي السفارة الأميركية في المنطقة الخضراء ببغداد، إلى مدينة أربيل ضمن إقليم كردستان العراق، مؤكدة أن الإجراء مرتبط بحالة التوتر الحالية وعدم ثقة واشنطن بإمكانية حكومة مصطفى الكاظمي منع اعتداءات صاروخية جديدة على السفارة. فيما نفت السفارة الأميركية في بغداد، إخلاء مقرّها، مشيرة إلى أنّ السفير تولر ماثيو لا يزال في بغداد، وعملها متواصل.
ويأتي ذلك بالرغم من استمرار حالة الاستنفار بصفوف القوات الأمنية العراقية لليوم الرابع على التوالي، والانتشار الكثيف في محيط المنطقة الخضراء ومناطق أخرى تصنف بأنها معقل للمليشيات الموالية لإيران في بغداد. كما وسعت القوات العراقية من انتشارها ليشمل مطار بغداد الدولي، حيث يقع معسكر "فيكتوريا"، المجاور للمطار من الجانب الغربي وتتواجد به قوة مهام صغيرة تتبع التحالف الدولي للحرب على الإرهاب بقيادة واشنطن.
وقال مصدر في وزارة الخارجية العراقية لـ"العربي الجديد"، في اتصال هاتفي مشترطاً عدم ذكر اسمه، إن عدداً غير قليل من موظفي السفارة تم نقله إلى أربيل خلال الساعات الماضية حيث تمتلك واشنطن قنصلية كبيرة هناك وأفضل من الناحية الأمنية من بغداد.
وأوضح أن عملية نقل الموظفين ليست الأولى، إذ تم منح آخرين إجازة لقضاء رأس السنة مع أسرهم في الولايات المتحدة، مؤكداً أن عدد الموجودين بالسفارة حاليا هو الأقل منذ سنوات.
وأكد نائب بتحالف "النصر" معروف بقربه من الكاظمي صحة خبر نقل الموظفين، لكنه أوضح رداً على سؤال "العربي الجديد"، أن السفير الأميركي، ماثيو تولر، "ما زال في بغداد، وكذلك الصف الأول من موظفي السفارة ومن تم نقلهم هم الموظفون غير الضروريين".
ولفت إلى حراك عراقي مكثف على المستويين السياسي والأمني، لمنع أي تداعيات جديدة على المشهد.
إلى ذلك، نشرت السفارة الأميركية في بغداد تدوينة على حسابها بموقع "تويتر" أكدت من خلالها أنها تواصل عملها وأن السفير، ماثيو تولر، ما زال متواجداً في العاصمة بغداد.
We’re seeing rumors that the Embassy has been evacuated. Ambassador Tueller remains in Baghdad, and the Embassy continues to operate.
— U.S. Embassy Baghdad (@USEmbBaghdad) December 25, 2020
في الأثناء، تحدث سكان يقيمون قرب قاعدة عين الأسد، كبرى القواعد الأميركية في الأنبار غربي العراق، عن تحليق مكثف للطيران الأميركي المروحي وطائرات من دون طيار بمحيط القاعدة.
وقال أحدهم وهو من سكان بلدة البغدادي، حيث تقع القاعدة ويدعى محمد العبيدي لـ"العربي الجديد"، إن "الطيران المُسير لم يهدأ منذ أمس الأول، ومنذ فجر اليوم هناك مروحيات تهبط وتقلع من القاعدة مع انتشار الجيش العراقي بمحيط القاعدة وتسيير دوريات مستمرة حولها".
واليوم الجمعة، استهدف تفجير بعبوة ناسفة سيارة تابعة لشركة عراقية تنقل معدات تابعة للتحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، في مؤشر على عدم اكتراث الجهات التي تستهدف المصالح الأميركية في العراق بالتهديدات الأخيرة التي أطلقتها واشنطن ضدها.
وقالت خلية الإعلام الأمني، اليوم الجمعة، إن عبوة ناسفة انفجرت بسيارة تابعة لإحدى الشركات العراقية المتعاقدة مع قوات التحالف الدولي، والتي كانت تحمل معدات لتطوير قدرات القوات الأمنية العراقية، مؤكدة في بيان أن العبوة انفجرت على الطريق السريع الدولي ضمن حدود محافظة الديوانية، ونتجت عنها إصابة السائق، وأضرار بالسيارة.
وحول التطورات الأخيرة، قال الخبير بالشأن الأمني العراقي العميد السابق بالجيش، سعد الحديثي، إن مهمة قائد "فيلق القدس" بالحرس الثوري الإيراني، إسماعيل قاآني، الذي زار بغداد الثلاثاء الماضي، "لم تكن موفقة كما يظهر من هجوم اليوم الذي استهدف رتلا تابعا للتحالف الدولي جنوبي العراق، بواسطة عبوة ناسفة، إذ إن هناك مشكلة بضبط جميع الفصائل المسلحة الموجودة في الساحة العراقية".
وأضاف في تصريح لـ"العربي الجديد": "يبدو أن قاآني لديه مشكلة في السيطرة على جميع تلك المليشيات على عكس سلفه قاسم سليماني وقد نشهد هجمات أو تصعيداً لا تريده طهران بالوقت الحالي ولم تدعُ أذرعها له لكن بالتأكيد واشنطن ستحملها مسؤوليته في حال حدوثه".
واعتبر أن مغادرة جزء من موظفي السفارة المدنيين بغداد، تعبير أيضا عن عدم ثقة واشنطن بتعهدات حكومة الكاظمي بشأن أمن رعاياها.
وحمّل مسؤولون أميركيون في وقت سابق إيران مسؤولية الهجوم الذي تعرضت له المنطقة الخضراء التي تضمّ مبنى السفارة الأميركية وبعثات غربية مختلفة، فضلاً عن مقرَّي الحكومة والبرلمان ورئاسة الجمهورية، مساء الأحد الماضي، بصواريخ "كاتيوشا"، رغم إعلان عدة مليشيات مرتبطة بإيران عدم مسؤوليتها عن الهجوم.
وقالت القيادة المركزية الأميركية إن الهجوم الصاروخي "نفذته بشكل شبه مؤكد جماعة متمردة تدعمها إيران".
وذكر المتحدث باسم القيادة المركزية الأميركية، ويليام أوربان، في بيان أن "هجوم يوم الأحد ذا الـ21 صاروخا كان أكبر هجوم صاروخي على المنطقة الخضراء منذ 2010".
وأضاف أوربان: "في حين أن هذا الهجوم الصاروخي لم يتسبب في وقوع إصابات أو ضحايا أميركيين، إلا أنه ألحق أضرارا بمباني مجمع السفارة الأميركية، ومن الواضح أنه لم يكن يهدف إلى تجنب وقوع إصابات". وقال إن "هذه المجموعات مدعومة من إيران، لأن إيران تقدم الدعم المادي والتوجيه".