من المقرر أن تقوم السلطة الفلسطينية خلال الساعات القادمة بصرف مخصصات الأسرى عن ثلاثة أشهر، منها شهران مقدماً عن العام القادم، تفادياً للقرار الإسرائيلي الذي يحظر على البنوك الفلسطينية صرف مخصصات الأسرى منذ بداية العام القادم 2021.
وحسب ما وصل "العربي الجديد" من معلومات، فإن وزارة المالية ستقوم بصرف ثلاثة مخصصات شهرية للأسرى قبل نهاية الأسبوع الجاري، وهي مخصصات شهر ديسمبر/كانون الأول الجاري، ويناير/كانون الثاني وفبراير/شباط من العام القادم، لحين الانتهاء من الترتيبات الخاصة بمخصصات الأسرى وإيجاد آلية جديدة لصرفها لهم بعيداً عن البنوك الفلسطينية، التي تلقت أمراً عسكرياً إسرائيلياً بعدم صرفها.
ويعني هذا القرار أنه لن يكون بإستطاعة نحو 13 ألف أسير ومحرر فلسطيني منذ بداية العام القادم 2021، صرف مخصصاتهم من البنوك الفلسطينية أو فتح حسابات في هذه البنوك، لأن الأمر العسكري الإسرائيلي يعتبرهم إرهابيين، وسيعاقب أي بنك فلسطيني يقوم بإدارة أي حساب لأسير أو محرر فلسطيني.
وتبحث السلطة الفلسطينية عن طرق أخرى لصرف مخصصاتهم بعد أن خضعت السلطة والبنوك الفلسطينية فعليا لهذا القرار العسكري الأول منذ بدء الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وقطاع غزة عام 1967.
وحسب المعلومات التي وصلت إلى "العربي الجديد"، فإن الاحتلال الإسرائيلي أبلغ السلطة الفلسطينية أنه لن يقوم بتجميد القرار العسكري ضد البنوك، وأنه سيكون سارياً مطلع العام القادم.
وقال مسؤول فلسطيني رفيع لـ"العربي الجديد": "إنه في ظل التحضير لانتخابات إسرائيلية جديدة، فإن حكومة الاحتلال لن تمنحنا تجميداً آخر، لن نحصل على ورقة كهذه الآن".
وتابع "عودة العلاقات مع الاحتلال في 17 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، لم تتضمن أي حديث عن تجميد جديد للقرار العسكري الإسرائيلي الذي يعاقب البنوك الفلسطينية، التي تدير حسابات الأسرى والمحررين والإداريين العاملين في مؤسسات الأسرى".
وكان قائد جيش الاحتلال الإسرائيلي بيني غانتس قد أصدر، في فبراير/شباط الماضي، أمراً عسكرياً يحمل رقم 1827، يقضي بمعاقبة البنوك الفلسطينية التي تدير حسابات لأسرى محررين أو قيد الاعتقال، على أن يدخل هذا الأمر العسكري التنفيذ بعد ثلاثة أشهر من تاريخ صدوره في مايو/أيار الماضي، لكن تم تأجيل تنفيذه عدة مرات.
وحسب ما نشر الإعلام الإسرائيلي حول تفاصيل الأمر العسكري، فإنه يشمل: الحجز على الأموال في الحسابات المصرفية من خلال حجز الحسابات لدى البنوك الإسرائيلية أو حتى عائدات الضرائب الفلسطينية، التي تجبيها إسرائيل وتحولها لاحقاً للسلطة، واعتقال وملاحقة موظفي البنوك، وتعرض البنوك لدعاوى تعويض بمئات ملايين الشواقل (عملة إسرائيلية) مثل ما حدث ويحدث مع البنك العربي، ومحاكمة الموظفين الإداريين في المؤسسات المعنية بشؤون الأسرى وكذلك موظفي البنوك، وهي قائمة طويلة من العقوبات الجماعية الشديدة.
وكان غانتس قد قرر، في يونيو/حزيران الماضي، تجميد القرار العسكري، وقام بإشعار السلطة الفلسطينية بهذا التجميد في حينه، وتم التجميد مرة أخرى إلى أن قرر أن نهاية العام الجاري ستكون آخر فترة تجميد للقرار.
وقال مصدر فلسطيني مطلع على ملف الأسرى لـ"العربي الجديد": "إن الشهرين القادمين سيعطياننا وقتاً لإكمال الإجراءات التي بدأنا فيها لتلافي العقوبات الإسرائيلية".
وحول هذه العقوبات، يوضح المصدر الذي اشترط عدم ذكر اسمه "خلال الشهرين سيتم نقل القيود المالية، أي بيانات الأسرى المحررين، من هيئة شؤون الأسرى والمحررين إلى الأجهزة الأمنية وديوان شؤون الموظفين، لحين استكمال الإجراءات الإدارية بحقهم وهي استيعاب جزء منهم وإحالة الغالبية إلى التقاعد وتقاضي مخصصاتهم على شكل راتب تقاعدي".
وتابع "أما الإجراء الثاني، فهو تشغيل بنك الاستقلال الذي ستكون لديه أجهزة صرّاف آلي، لدينا منها الآن 25 جهازا، ونعمل على جلب المزيد من الأجهزة في الأشهر القادمة، حيث سيصرف هذا البنك مخصصات الأسرى، إن تمت الأمور كما هو مخطط لها"، ويذكر أن هذا البنك يلاقي عثرات كبيرة ولم يحصل على ترخيص حتى الآن من سلطة النقد.
أما الإجراء الثالث، حسب المسؤول الفلسطيني، "فهو صرف مخصصات الأسرى من خلال حسابات مالية مباشرة من وزارة المالية، والحديث هنا عن الأسرى المعتقلين".
من الجدير ذكره، أن كل هذه الإجرءات المذكورة أعلاه لم يتم إنجاز أي منها بشكل كامل حتى الآن، وربما يحتاج تنفيذها إلى وقت أطول، ناهيك عن وجود عقبات لم تذلل بعد.
وتقوم السلطة الفلسطينية بصرف رواتب الأسرى والمحررين على بند اسمه "أشباه الرواتب"، حيث يوجد في الموازنة بند "الرواتب" وهو مخصص للموظفيين العموميين وعددهم 140 ألف موظف ما بين مدني وعسكري، وفاتورة رواتبهم 550 مليون شيكل، أي ما يعادل 171 مليون دولار شهرياً، وتندرج تحت بند "أشباه الرواتب" "مخصصات الأسرى والمحررين وذوي الشهداء، المخصصات الاجتماعية، المتقاعدون ومن في فئتهم"، فيما يبلغ عدد المنتفعين من هذا البند حوالي 75 ألف شخص، وتصل فاتورتهم إلى 300 مليون شيكل، أي 93 مليون دولار شهرياً.