أبدى رئيس الجمهورية اللبناني ميشال عون اليوم الجمعة استعداده للإدلاء بإفادته في انفجار مرفأ بيروت في حال قرَّرَ المحقق العدلي القاضي طارق البيطار الاستماع إليه.
الرئيس عون أبلغ المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات استعداده المطلق للإدلاء بإفادته في انفجار المرفأ إذا رغب المحقّق العدلي بالاستماع اليه pic.twitter.com/IL1Icmk2id
— Lebanese Presidency (@LBpresidency) July 30, 2021
وعلى مسافة أيامٍ من مرور سنة على المجزرة الكبيرة، قال بيان الرئاسة اللبنانية إن "الرئيس عون أشار خلال لقائه ظهر اليوم النائب العام لدى محكمة التمييز القاضي غسان عويدات إلى ضرورة إحقاق العدالة كاملةً في جريمة انفجار مرفأ بيروت"، مشددًا على أن "لا أحد فوق العدالة مهما علا شأنه، وأن العدالة إنما تتحقق لدى القضاء المختص والذي تتوافر في ظلّه ضمانات القضاة والمتقاضين معاً".
الرئيس عون للقاضي عويدات: لا أحد فوق العدالة مهما علا شأنه، والعدالة تتحقّق لدى القضاء المختص الذي تتوافر في ظلّه الضمانات
— Lebanese Presidency (@LBpresidency) July 30, 2021
في السياق، أفادت معلومات عن طلب المحقق العدلي الحصول على إذن ملاحقة المدير العام لأمن الدولة اللواء طوني صليبا (يُحسَب على رئيس الجمهورية) من المجلس الأعلى للدفاع، وذلك بعد تقاذف للصلاحيات.
وأوضح المكتب الإعلامي في رئاسة مجلس الوزراء في بيان، رداً على تقارير إعلامية تحدثت عن رفض رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب إعطاء الإذن بملاحقة صليبا، أن "الخبر عار عن الصحة، وأن المديرية العامة لرئاسة الجمهورية كانت قد طلبت رأي هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل، والتي قالت إن صلاحية إعطاء الإذن منوطة بالمجلس الأعلى للدفاع وقد تم إبلاغ المحقق العدلي بهذا الأمر".
ويخشى اللبنانيون أن يكون مصير الإذن بملاحقة اللواء صليبا شبيهاً بما حصل مع المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم الذي حجبت النيابة العامة التمييزية الإذن بملاحقته، إذ من المعروف أن رؤساء الأجهزة الأمنية يوزعون سياسياً حزبياً وطائفياً ويحظون بغطاءٍ يصعب رفعه، لا سيما أن من شأن "هكذا خطوة أن تكر سُبحة المسؤولين".
ثلاث محاولات احتيالية لعرقلة التحقيق في تفجير مرفأ بيروت
من جهته، قال المحامي والمدير التنفيذي لـ"المفكرة القانونية" نزار صاغية لـ"العربي الجديد" إن "مسألة إعطاء الأذونات بمثابة دهاليز قانونية"، مشيراً إلى أن رئيسي الحكومة والجمهورية يملكان بشكل مبدئي صلاحية رفع الحصانة عن اللواء صليبا، مؤكداً أنهما هربا من الاستحقاق و"استصدرا قراراً إلى هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل بالمسؤولية المناطة بذلك إلى المجلس الأعلى للدفاع، بدل المبادرة للنظر سريعاً بالطلب حتى تأخذ الأمور مجراها من دون مماطلة أو تضييع مزيدٍ من الوقت".
ويلفت صاغية إلى أن السلطة السياسية تلجأ إلى محاولات خلق إشكالاتٍ قانونية، 90% منها عبارة عن هرطقة لعرقلة مسار العدالة والتهرّب من المسؤولية بالنظر في رفع الحصانات، بدلاً من تسهيل عمل القضاء.
وقال صاغية إن "المشكلة الكبرى تتعلّق بحملات الترويج والدعم الخيالية التي تترافق مع كلّ ادعاء أو اتهام أو طلب قضائي، كما حصل مع اللواء إبراهيم، الذي جرى تحويله إلى بطلٍ ومن ثم ظهر كمنقذ لأزمة الكهرباء من خلال صفقة النفط العراقي، فكيف يمكن لمجتمع أن يحوّل مشتبهاً فيه إلى بطلٍ؟ هل يساعد ذلك القضاء أم يشكل عرقلة لعمله؟".
وفي قضية إعطاء الإذن بملاحقة اللواء إبراهيم، يشير صاغية إلى أن القاضي عويدات تهرّب من النظر في الطلب، في حين أن المحامي العام التمييزي القاضي غسان الخوري أعطى "أجوبة قانونية ربطاً بحجب الإذن باستجوابه كمدعى عليه"، مشيراً إلى أن ذلك كله مجرّد هرطقة.
ويكشف صاغية أن هناك ثلاث محاولات احتيالية لعرقلة التحقيق في تفجير المرفأ؛ الأولى تتمثل في الطلبات غير القانونية للهيئة المشتركة في مجلس النواب التي تضمّ مكتب المجلس ووزارتي العدل والإدارة، والمتعلقة بتزويدها بمستندات إضافية وخلاصة عن الأدلة تتعلق بالنواب نهاد المشنوق، وعلي حسن خليل، وغازي زعيتر، لرفع الحصانة عنهم، في طلب يتعارض مع سرية التحقيق.
أما المناورة الثانية، فتجلّت بتوقيع عددٍ من النواب طلب اتهام لملاحقة دياب والوزراء السابقين خليل، وزعيتر، والمشنوق ويوسف فنيانوس أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، فيما تتمثل المناورة الثالثة في "الاقتراح المقدّم من كتلة المستقبل النيابية برئاسة سعد الحريري الذي يقضي بتعليق كل المواد القانونية التي توفر الحصانات لرئيس الجمهورية ورؤساء الحكومات والنواب والوزراء وحتى المحامين، الذي يعرف مقدموه سلفاً استحالة إقراره ضمن مهل معقولة، خصوصاً لما يحتاجه من تعديل دستوري، وحكومة عاملة، وموافقة ثلثي أعضاء مجلس الوزراء وغير ذلك من الخطوات التي تحتاج إلى وقتٍ طويلٍ، في حين أن المطلوب اليوم قبل الغد رفع الحصانات".
وتجدر الإشارة إلى أن اقتراح المستقبل لم يحظَ بتأييد كل الكتل النيابية، وعلى رأسها تكتل "لبنان القوي" برئاسة النائب جبران باسيل صهر رئيس الجمهورية الذي يرى أن الوقت ليس مؤاتياً لإجراء تعديل دستوري، مؤيداً في المقابل رفع الحصانات.