الرئيس الكازاخستاني يعلن حالة الطوارئ لمواجهة التظاهرات.. ويطلب المساعدة العسكرية من موسكو
طلب رئيس كازاخستان، قاسم جومارت توكاييف، مساء الأربعاء، المساعدة من تحالف عسكري مدعوم من موسكو، للتصدي لأعمال الشغب التي تهزّ البلاد، ويقف وراءها، بحسب قوله "إرهابيون" مدرّبون في الخارج، في حين أُعلنت حالة الطوارئ في مجمل أراضي البلاد الواقعة في آسيا الوسطى، لمواجهة تظاهرات تخللتها أعمال شغب انطلقت منذ الأحد الماضي احتجاجاً على رفع أسعار الغاز المسال.
وقال توكاييف، في تصريح للتلفزيون الرسمي، "دعوتُ اليوم رؤساء دول منظمة معاهدة الأمن الجماعي إلى مساعدة كازاخستان لهزيمة التهديد الإرهابي". مضيفاً أنّ "عصابات إرهابية" تلقّت "تدريباً عميقاً في الخارج" تقود التظاهرات.
وكان توكاييف قد صرّح في وقت سابق، في كلمة متلفزة، أن هذه الاضطرابات أدت إلى "هجمات ضخمة على قوات الأمن" أسقطت في صفوفهم قتلى وجرحى.
وأضاف أن "مجموعات من عناصر إجرامية تضرب جنودنا وتهينهم، وتسحلهم عراةً في الشوارع وتعتدي على النساء وتنهب المتاجر".
وقال "كرئيس، من واجبي حماية أمن مواطنينا وسلامتهم، وأنا أقلق على سلامة أراضي كازاخستان"، مضيفاً أن لديه نية "التصرف بحزم قدر الإمكان".
وتواصلت، الأربعاء، الاحتجاجات التي انطلقت من مدينة جاناوزن بغرب البلاد، قبل أن تمتد إلى مدينة أكتاو الكبيرة الواقعة على بحر قزوين، ثم إلى ألماتي العاصمة الاقتصادية، وكبرى مدن البلاد، ليل الثلاثاء الأربعاء. وقطعت، الأربعاء، خدمة الإنترنت وشبكة الهواتف الجوّالة، وأفيد عن وقوع أعمال نهب وشغب في مدينة ألماتي.
وأعلنت السلطات حالة الطوارئ في عموم البلاد، وفرضت حظر تجول ليلي من الساعة 23,00 حتى الساعة 07,00 بالتوقيت المحلي. بعد أن داهم المتظاهرون المؤسسات العامة، بما في ذلك مبنى محافظة ألماتي، ونهبوا حوالي 120 متجراً، ونحو 100 مكتب، وقرابة 200 مطعم ومقهى، بحسب وسائل إعلام محلية.
وأضرم المتظاهرون النار في مكتب قناة "كازاخستان" الحكومية في ألماتي، وألحقوا الضرر بحوالي 120 سيارة شرطة وإطفاء وإسعاف.
وبعد ليلة شهدت أعمال شغب أدت إلى توقيف أكثر من مئتي شخص، اقتحم عدة آلاف من المتظاهرين مبنى إدارة المدينة، وتمكنوا من الدخول على الرغم من إطلاق الشرطة قنابل صوتية والغاز المسيل للدموع.
وأفادت وسائل إعلام محلية بأن المتظاهرين توجّهوا بعد ذلك إلى مقرّ إقامة الرئيس في المدينة، وأن المبنيين كانا مشتعلين.
وردد المتظاهرون هتافات مناهضة للحكومة، مثل "لتستقل الحكومة"، و"ليرحل الرجل العجوز"، في إشارة إلى الرئيس السابق نور سلطان نزارباييف.
وتشكل هذه الأزمة أكبر تهديد حتى الآن للنظام الذي أقامه الرئيس نزارباييف الذي حكم البلاد حتى 2019، لكنه ما زال يتمتع بنفوذ كبير.
وفي محاولة لتطويق الأزمة أعلن توكاييف حالة الطوارئ في العديد من المناطق، بما في ذلك ألماتي، والعاصمة نور سلطان، التي أعيدت تسميتها مؤخراً تكريماً لنزارباييف.
روسيا تدعو إلى الحوار
بقي نزارباييف حليف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رئيساً لمجلس الأمن الكازاخستاني النافذ، لكن توكاييف أعلن، الأربعاء، أنه بات هو من يتولى هذا المنصب.
ودعت روسيا، التي تشكّل كازاخستان بالنسبة لها أهمية كبيرة باعتبارها شريكاً اقتصادياً، الأربعاء، إلى الحوار وليس إلى "الشغب" لتسوية الوضع.
وأعربت وزارة الخارجية الروسية عن أملها في عودة الوضع إلى طبيعته في كازاخستان.
وأفادت الوزارة في بيان، الأربعاء، بأنها تتابع عن كثب الوضع في كازاخستان، على خلفية الاحتجاجات التي انطلقت الأحد، وأدت إلى استقالة الحكومة الكازاخية صباح اليوم. وأكدت تأييدها الحل السلمي لجميع المشكلات ضمن إطار الدستور والقانون والحوار، لا عن طريق أعمال الشغب وانتهاك القوانين.
وأشارت إلى أن خطوات الرئيس توكاييف في هذا الاتجاه تهدف لإرساء الاستقرار والحل الفوري للمشكلات الراهنة للمحتجين.
واشنطن تدعو إلى "ضبط النفس" وترفض اتهامات ورسية
في واشنطن، دعا البيت الأبيض من جهته السلطات الكازاخستانية إلى "ضبط النفس".
وقالت السكرتيرة الصحافية بالبيت الأبيض، جين بساكي، إن الولايات المتحدة تدعم "الدعوات للتهدئة"، وإنه ينبغي على المحتجين أن "يعبّروا عن أنفسهم بشكل سلمي".
وأوضحت أن واشنطن تحث السلطات في كازاخستان على "ممارسة ضبط النفس" في التعامل مع الاحتجاجات، مشددة على أن الاتهامات الروسية بأن الولايات المتحدة حرّضت على الاضطرابات "كاذبة تماماً".
الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي
دعا الاتحاد الأوروبي جميع الأطراف في كازاخستان إلى ضبط النفس، والامتناع عن الأعمال التي قد تؤدي إلى التصعيد.
جاء ذلك في بيان صادر عن المتحدثة باسم الاتحاد الأوروبي، نبيلة مصرالي، الأربعاء، حول الاحتجاجات التي تشهدها كازاخستان جراء زيادة أسعار الغاز المسال.
وأشار البيان إلى أن الاتحاد الأوروبي يتابع التطورات في كازاخستان عن كثب، على خلفية الاحتجاجات التي انطلقت الأحد، وأدت إلى استقالة الحكومة الكازاخية صباح اليوم.
وقالت مصرالي إن "للناس الحق في التظاهر السلمي" وتوقعت منهم أن يتجنبوا العنف.
ودعت السلطات الكازاخستانية إلى احترام المظاهرات السلمية واستخدام القوة المتناسبة عند الدفاع عن المصالح الأمنية المشروعة.
وأعربت عن اعتقادها بأن كازاخستان ستفي بالتزاماتها فيما يتعلق بحرية الصحافة والوصول إلى المعلومات عبر الإنترنت أو وسائل أخرى.
كذلك دعت الأمم المتحدة كافة الأطراف في كازاخستان إلى ضبط النفس، معبرة عن قلقها إزاء الأحداث التي تشهدها البلاد.
جاء ذلك في تصريحات أدلى بها ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، في مؤتمر صحافي عقده بالمقر الدائم للمنظمة الدولية في نيويورك.
وقال دوجاريك "نحن نتابع بقلق بالغ الموقف في كازاخستان ومن المهم لجميع الأطراف المنخرطة في الأحداث الجارية ضبط النفس، والإحجام عن العنف وتشجيع الحوار لمعالجة كل القضايا".
وحول سلامة الموظفين الأمميين الموجودين في كازاخستان، أشار المتحدث إلى أن "مكتب المنظمة الدولية هناك يعمل في ظروف طبيعية ولا توجد أي تهديدات لموظفينا وهم ليسوا هدفاً".
أزمة الغاز المسال
عانت كازاخستان، أكبر اقتصاد في آسيا الوسطى اعتاد في الماضي على معدلات نمو تفوق العشرة في المائة، من تبعات انخفاض أسعار النفطـ والأزمة الاقتصادية في روسيا، مما أدى إلى انخفاض قيمة "التنغي" الكازاخستاني، وتضخم اقتصادي كبير.
وبدأت حركة الاحتجاج الأحد، بعد زيادة في أسعار الغاز الطبيعي المسال في مدينة جاناوزن. حاولت الحكومة في البداية تهدئة المتظاهرين عبر خفض سعر الغاز المسال وتثبيته عند 50 تنغي (0,1 يورو) للتر الواحد في المنطقة، مقابل 120 في بداية العام، لكن لم يكن لذلك أي جدوى.
وفي صباح الأربعاء، أعلنت الحكومة الكازاخية استقالتها على خلفية الاحتجاجات التي تشهدها البلاد ضد زيادة أسعار الغاز المسال، تلاها فرض حالة الطوارئ في عدد من المدن، بينها العاصمة نور سلطان، بهدف حفظ الأمن العام.
(الأناضول، رويترز)